شكل موضوع الدور الذي يتعين على الاتحاد الأوروبي الاضطلاع به بشأن التحولات التي يشهدها حاليا العالم العربي محور أشغال ملتقى دولي في مدريد بمشاركة مثقفين وصحافيين وسياسيين وحقوقيين في العديد من البلدان المتوسطية من بينها المغرب. وقد انكب المشاركون في هذا الملتقى على مناقشة الآفاق التي يتيحها الربيع العربي من أجل تحقيق الديمقراطية والسلام في المنطقة فضلا عن الدور الذي يمكن أن يضطلع به الاتحاد الأوروبي. وفي هذا الإطار أكد مدير المكتبة الوطنية للمملكة المغربية إدريس خروز على ضرورة أن «ترافق القيم المصالح» في الشراكة الأورومتوسطية التي «لم تقدم لحد الآن كل ما كان ينتظر منها». وأبرز إدريس خروز خلال مائدة مستديرة حول موضوع «دور الاتحاد الأوروبي خلال الوضع الجديد بالمتوسط» انعقدت في إطار هذا الملتقى الدولي الذي احتضنت أشغاله العاصمة الاسبانية يومي ثالث ورابع ماي الجاري أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن ينخرط في مسلسل تنمية جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط الذي يعتبر أمرا «حيويا» بالنسبة لأوروبا وذلك من خلال تطوير التعاون المشترك والشراكة مشددا على أهمية الاتحاد من أجل المتوسط الذي وصفه بمشروع «واعد» ينبغي منحه دينامية جديدة. وأكد إدريس خروز، وهو أيضا الأمين العام لمجموعة الدراسات والأبحاث حول حوض البحر الأبيض المتوسط أن المغرب، الذي انخرط قبل عدة سنوات في مسلسل سياسي وديمقراطي نشيط يشهد اليوم نقاشا عميقا مضيفا أن العالم العربي بحاجة إلى مشروع سياسي ومجتمعي. ومن جهته شدد الكاتب العام لرئاسة الحكومة الاسبانية بيرناردينو ليون على أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي «أن يحاول فهم واحترام» مسلسل التحولات التي تشهدها مختلف البلدان العربية والعمل في هذا الاتجاه من خلال سياسة «منسجمة» داخليا وخارجيا. كما دعا الاتحاد الأوروبي إلى اعتماد سياسة واضحة حول هذه المسألة وتكييف هياكله ومؤسساته وخلق آليات لمتابعة ودعم مسلسلات التغيير مشددا على ضرورة إرساء أسس ل»نموذج جديد» للعلاقات مع العالم العربي تعتمد على الاحترام والتفاهم. أما غوستافو دي أريستيغي عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الاسباني فحذر أوروبا من ارتكاب خطإ جديد خلال تحليلها لما يجري في العالم العربي من خلال اعتماد الصور النمطية داعيا الاتحاد الأوروبي إلى دعم البلدان التي انخرطت في مسلسل التغيير من أجل وضع نماذج ديمقراطية تتماشى مع حاجياتها وخصوصياتها. ومن جانبه أبرز فرانسوا بوغار مدير المعهد الفرنسي للشرق الأدنى أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يدرك بأن التحولات التي يشهدها حاليا العالم العربي «تتطلب منه موقفا سياسيا عقلانيا تجاه القوى السياسية» الجديدة. وحسب أندرو كلاريت، مدير مؤسسة آنا ليند للحوار بين الثقافات فإن بلدان شمال وجنوب حوض البحر الأبيض المتوسط لا تفصلهما القيم وإنما تفصلهما التصورات المتبادلة، داعيا إلى العمل من أجل التغلب على ذلك. ودعا الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز علاقاته مع المجتمع المدني العربي كوسيلة يمكن أن تساعده على تبني سياسات أوروبية أكثر ملاءمة تجاه العالم العربي. ومن جانبه أكد باسكال بونيفاس، مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية أنه يتعين على أوروبا تغيير تصوراتها حول العالم العربي مشيرا إلى أن أوروبا مدعوة إلى تغيير نظرتها حول الإسلام. وتميز هذا اللقاء الذي نظم بمبادرة من مؤسسة «البيت العربي» والمعهد الفرنسي في مدريد بتعاون مع عدد من مراكز الأبحاث الفرنسية والإسبانية بحضور عدد من رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدة بمدريد من بينهم سفير المغرب بإسبانيا أحمدو سويلم. وتضمن برنامج هذا اللقاء تنظيم عدة موائد مستديرة تناولت عدة مواضيع من بينها «أصول وخصائص الثورة العربية: دور الجيل الجديد؟» و»المرأة والربيع العربي» و»أي دور يجب أن يضطلع به الاتحاد الأوروبي في النظام المتوسطي الجديد؟» و»أية آفاق للديمقراطية والسلام في المنطقة» و»التوازنات الإقليمية الجديدة».