جدد أحمد رضا الشامي رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، التأكيد على راهنية توصيات المجلس بخصوص إصلاح النظام الجبائي والتي كان قد ضمنها في التقرير الذي أعده السنة الماضية وحمل عنوان"نظام جبائي .. دعامة من أجل النموذج التنموي الجديد". ومن أبرز تلك التوصيات التي ذكر بها أحمد رضا الشامي، في ندوة تفاعلية شارك فيها، أول أمس الاثنين، إلى جانب عبد الأحد الفاسي الفهري عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ووزير سابق في إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، خلق ضريبة جزافية ما بين 1500 و 4000 دهم سنويا على القطاع الغير مهيكل، وفرض ضريبة على الثروة الغير منتجة، كالأراضي الغير مبنية أو العقارات الشاغرة، وخلق ضريبة إضافية على السلع الفاخرة، وضريبة على القطاعات المحمية. كما دعا رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، خلال هذه الندوة التي التي خصصت لموضوع " قانون المالية التعديلي ما بين إنعاش الاقتصاد الوطني ودعم القطاعات الاجتماعية"، إلى ربط اللجوء إلى الامتيازات بخلق مناصب الشغل، وتخصيص 2 إلى 4 في المائة من الضريبة على القيمة المضافة لصندوق الضمان الاجتماعي من أجل تعميم التغطية الصحية على المواطنين، وإدماج الضريبة على الأسرة عوض الضريبة على الأفراد من أجل دعم القدرة الشرائية للطبقة الوسطى، والاكتفاء بالنسبة للجماعات الترابية، بضريبتين، تغطي، من جهة، الرسوم المتعلقة بالسكن، ومن جهة أخرى، الرسوم المتعلقة بالأنشطة الاقتصادية. وأكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في هذه الندوة التي أدارتها ليلى الذاكري والمهدي ديوان عضوي المكتب الوطني للشبيبة الاشتراكية، على ضرورة القطع مع اقتصاد الريع وإعادة النظر في المصاريف الجبائية والتي تفوق 30 مليار درهم، بالإضافة إلى إحداث قطيعة مع مجموعة من العراقيل الإدارية التي تحد من مبادرات المواطنين، وإعادة الثقة بين المواطنين الملزمين وإدارة الضرائب، مشيرا إلى أن النظام الجبائي يتعين أن يكون نظاما مبني على المساواة أمام الضريبة، وعلى الإنصاف، وأن يساهم في إعادة توزيع الثروة بهدف تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، ودعم تنافسية بعض القطاعات التي يمكن أن تكون قطاعات واعدة . من جانب آخر، ذكر أحمد رضا الشامي، أن المجلس توصل بإحالة من البرلمان لإبداء رأيه بخصوص انعكاسات "كوفيد-19" على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وأن المجلس بصدد بلورة ورقة تأطيرية في الموضوع من أجل طرح المواضيع الكبرى التي يتعين الاشتغال عليها. وبخصوص مشروع قانون المالية التعديلي الذي من المنتظر أن تطرحه الحكومة، أوضح الشامي أن أهم شيء يتعين الحفاظ عليه في ميزانية الدولة هو الاستثمار، لأن استمرارية المقاولات رهين أيضا بالطلب العمومي وبتقويته، مشيرا إلى أن الفرق بين أزمة 1929 والأزمة الحالية هي أن الاقتصاديين في تلك الفترة لم تكن لهم نفس خبرة اقتصاديي الفترة الحالية، ولجآوا إلى سياسة التقشف، الشيء الذي أدى إلى تفاقم الأزمة، اليوم، يضيف المتحدث "هناك البحث عن أجوبة دون اللجوء إلى سياسة التقشف على غرار ما قامت به العديد من الدول كأمريكا التي ضخت 2 تريليون دولار في الخزينة، من أجل تجاوز الأزمة، أو كما قامت به العديد من الدول الأوروبية التي خصصت ما يقارب 10 في المائة من الناتج الداخلي الخام من أجل إنعاش الاقتصاد، معربا عن أمله في أن تعتمد الحكومة على توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي فيما يخص المقتضيات الجبائية الجديدة التي تعتزم إدراجها في مشروع القانون التعديلي للمالية. من جانبه، أكد عبد الأحد الفاسي، الوزير السابق وعضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية على أن الإصلاح الجبائي يعد من بين المداخل الأساسية لإعادة إنعاش الاقتصاد، وأن بوادر هذا الإصلاح الجبائي وتنزيله، يتعين أن تسير في اتجاه تشجيع دعم الاستثمار المنتج، وإقرار العدالة الجبائية وتوسيع الوعاء الجبائي ومحاربة مختلف أشكال التهرب والتملص الضريبي، مشيرا إلى أنه كلما كان هناك نظام جبائي عادل كلما ارتفعت المردودية المالية لهذا النظام. وشدد عبد الأحد الفاسي الفهري على ضرورة تفعيل الدستور الذي يؤكد على المقاربة التشاورية، مشيرا إلى أنه من غير المنطقي أن لا تأخذ الحكومة بتوصيات وآراء المؤسسات الدستورية التي تبدي برأيها في مجموعة من المواضيع والقضايا، دون أن تبرر ذلك وتوضح للرأي العام سبب عدم أخذها بتوصيات وآراء تلك المؤسسات الدستورية وفي مقدمتها توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول إصلاح النظام الجبائي، بالإضافة إلى توصيات المناظرة الوطنية حول النظام الجبائي. وأضاف عبد الأحد الفاسي الفهري، أنه لا يمكن لقانون المالية التعديلي أن ينتظر منه حل جميع المشاكل، معربا في تخوفه من أن يقتصر القانون التعديلي للمالية، فقط على معالجة القضايا المطروحة بإلحاح، وأن يبقى حبيسا لديكتاتورية المدى القصير ، بدون أن يضع تلك المشاكل المستعصية في إطار أوسع، لكيفية الخروج من الأزمة. وفي نظر عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية فإن الإشكال المطروح في ظل هذه الأزمة المترتبة عن جائحة كورنا، هي معالجة حجم الفقر والهشاشة الذي ظهر بشكل كبير مع هذه الأزمة، بالإضافة إلى الركود الاقتصادي وغيره من الانعكاسات السلبية على مجموعة من المجالات الاجتماعية والبيئية، مؤكدا على ضرورة الاستفادة من كل ما يمكن أن تتيحه هذه الأزمة كفرصة لا تعوض لمراجعة العديد من السياسات التي أدت إلى الوضع الحالي، مؤكدا على أن العودة إلى نفس ما كان عليه الأمر قبل الأزمة، سيكون خطأ فادحا. ودعا عبد الأحد الفاسي الفهري إلى عقلنة الدعم الذي توجهه الدولة للقطاع الخاص على شكل ضمانات الحصول على قروض، وإعفاءات ضريبة ورخص استثنائية، وربط ذلك بضرورة الحفاظ على مناصب الشغل، وتعزيز الإمكانيات الذاتية للمقاولات لأنه من غير المعقول أن تدعم مقاولة وفي نهاية المطاف توزع الأرباح دون أن تقوم بتقوية وتعزيز إمكاناتها الذاتية، بالإضافة إلى ضرورة تشجيع المقاولات التي تحرص على تحسين ظروف عمل العاملين بها.