أحيا العالم، أول أمس الأحد، اليوم العالمي للتبرع بالدم الذي يصادف 14 يونيو من كل سنة، كمناسبة للاحتفاء بملايين الأشخاص عبر العالم ممن يتطوعون للتبرع بدمائهم بشكل منتظم، ومنحه كهدية لإنقاذ الأرواح. فضلا عن كون هذا اليوم فرصة لرفع مستوى الوعي العام بضرورة التبرع بالدم والمواظبة عليه لتلبية احتياجات جميع المرضى من الدم ومشتقاته. ويحل اليوم العالمي هذه السنة في ظروف استثنائية تتميز بمعاناة العالم من جائحة "كوفيد 19″التي نشرت الخوف من انتشار عدوى المرض، وفرضت إقرار الحجر الصحي، وتشديد الإجراءات الاحترازية على جميع المستويات، وكلها عوامل حدت بشكل كبير من جميع الأنشطة، بما فيها إقبال المتطوعين على التبرع بدمائهم. مما أدى بطبيعة الحال إلى نقص حاد في مخزون الدم وبالتالي إلى تهديد النظام الصحي بخطر عدم القدرة على تلبية الاحتياجات المرصودة في هذا المجال. لهذه الأسباب، شكل اليوم العالمي للتبرع بالدم 2020 مناسبة أيضا لمنظمة الصحة العالمية والمؤسسات الصحية الوطنية حول العالم من أجل دق ناقوس الخطر حول النقص في إمدادات دماء التبرع، ولتوجيه النداء من أجل الإقدام على هذه الخطوة الإنسانية النبيلة، مع التخلي عن الخوف من العدوى، خاصة أن الأنظمة الصحية تعد حاليا في حاجة بشكل أكبر للدم من أجل إنقاذ آلاف الأرواح. وقد أصدرت منظمة الصحة العالمية لهذا الغرض دليلا إرشاديا لتأمين عمليات التبرع بالدم والتزود به في ظل جائحة "كوفيد 19″، يتضمن الإجراءات الكفيلة بحماية المتبرعين والمتبرع لهم وكذا العاملين الصحيين خلال عمليات التبرع بالدم. وأطلقت المنظمة حملة اليوم العالمي للمتبرعين بالدم لهذه السنة تحت شعار "تبرع بدمك واجعل العالم مكانا أوفر صحة"، واختارت لها كموضوع رئيسي "الدم المأمون ينقذ الأرواح"، وذلك تعزيزا للجهود من أجل تأمين دم متبرع به ذا جودة وبتكلفة مناسبة أيضا لجميع المرضى. على المستوى الوطني، كشف المركز الوطني لتحاقن ومبحث الدم بدوره، في بلاغ توصلت بيان اليوم بنسخة منه، أنه منذ بداية ظهور جائحة "كوفيد 19″، عرفت بلادنا نقصا حادا في عدد المتبرعين وخاصة بعد فرض الحجر الصحي. ودعا إلى الانخراط والمشاركة في تنظيم حملات التبرع بالدم من أجل توفير المخزون اليومي من حاجيات المشتقات الدموية، مع احترام الاجراءات الوقائية. وأعلن المركز في بلاغه، الذي أصدره بمناسبة اليوم العالمي للمتبرعين بالدم، عن تنظيم حملات متتالية للتبرع بالدم خلال شهري يوليوز وغشت داخل وخارج المراكز الجهوية لتحاقن الدم بالمملكة، وذلك لرفع المخزون بما يكفل سد حاجيات فصل الصيف من الدم وأساسا الحاجيات اليومية على الصعيد الوطني، والتي تصل إلى 1000 كيس دم. وكشف المصدر ذاته، من جهة أخرى، أن نسبة المتبرعين بالدم ببلادنا تبقى ضعيفة مقارنة مع عدد السكان "0.99 بالمائة"، وهي لا تتعدى "1 بالمئة" الموصى بها من قبل المنظمة العالمية للصحة بالنسبة للدول السائرة في طريق النمو. وأوضح البلاغ، أن عدد المتبرعين بالدم بلغ على مستوى التراب الوطني 334.510 متبرعا، خلال سنة 2019، مقابل 321.336 سنة 2018. كما سجل أن التبرع المنتظم لا يزال يعرف نقصا بالمغرب، حيث وصلت نسبة المتبرعين المنتظمين سنة 2019 إلى 28 بالمائة، وذلك راجع بالأساس، كما يقول البلاغ، إلى ضعف ثقافة التبرع بالدم. وذكر المركز أنه يسعى إلى تغيير هذا الواقع تدريجيا من خلال تكثيف حملات التبرع بالدم، مصحوبة بأخرى تحسيسية وتوعوية على شكل عروض ولقاءات تواصلية مع كل فعاليات المجتمع المدني، حيث تقام يوميا تقريبا داخل المؤسسات العمومية والخاصة أو ببعض الفضاءات العمومية. وقد مكنت هذه الجهود بالفعل من رفع أعداد المتبرعين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة وبمعدل سنوي بلغ 7 بالمائة، حسب ما يؤكده د. محمد بنعجيبة مدير المركز الوطني لتحاقن الدم، في حوار أجرته معه وكالة المغرب العربي بمناسبة اليوم العالمي للتبرع بالدم. لكن هذه النسبة تظل مع ذلك غير كافية لتلبية الاحتياجات المتزايدة باستمرار مع تزايد الخدمات الصحية على المستوى الوطني، حسب نفس المسؤول الذي أشار أيضا أن النداءات الموجهة من قبل المركز مع بداية جائحة كوفيد 19 لقيت تجاوبا من قبل المواطن المغربي، ومكنت من تلبية الطلب على هذه المادة الحيوية خلال فترة الوباء. لكن فترة رفع الحجر وعودة المستشفيات إلى نشاطها المعتاد وخاصة العودة إلى برمجة العمليات الجراحية المؤجلة، سيرفع مجددا الحاجة إلى الدم ومشتقاته مما يستدعي حث المواطنين على التبرع بشكل أكبر بدمائهم من أجل مواكبة هذه الحركية.