سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في أشغال اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية الملتئمة في دورة استثنائية عن بعد نبيل بنعبد الله يشدد على حتمية الانعطاف نحو التوجه الذي سيمكن من بناء الدولة الوطنية الديمقراطية
بلورة تعاقد سياسي جديد يقوم على ميثاق اجتماعي أطرافه الدولة والنقابات وأرباب العمل ضرورة إتاحة الفرصة للبرلمانيين للتعبير عن آرائهم ومناقشة كل التدابير التي تعتزم الحكومة الإعلان عنها يومه الاثنين حالة الطوارئ الصحية لا تعني أبدا الانزياح نحو حالة طوارئ مسيئة للديمقراطية الدولة مطالبة بالتخلص من الأرثدوكسية النيوليبرالية وأن تضع لنفسها خطة وطنية خالصة في سابقة داخل المشهد السياسي الوطني، وربما في المشهد السياسي الجهوي، باستثناء بعض التجارب القليلة على المستوى الدولي، انعقد اجتماع عن بعد للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، في دورة استثنائية، عبر استعمال منصة التواصل الرقمي، أول أمس السبت، من الساعة 12 زوالا إلى السادسة مساء، حيث اختتمت أشغال الدورة المنعقدة عن بعد والتي شارك فيها نحو 400 عضوة وعضوا، بإصدار بيان عام للدورة بعد المصادقة على التقرير السياسي الذي قدمه الأمين العام للحزب محمد نبيل بنعبد الله، باسم المكتب السياسي، والذي تطرق فيه إلى مجموعة من القضايا التي تهم الراهن السياسي والاجتماعي والاقتصادي، في ارتباطه بتفشي جائحة كورنا المستجد “كوفيد – 19″، ومحاولة استشراف مغرب ما بعد الجائحة. (بيان اليوم تنشر النص الكامل لهذا التقرير وكذا البيان العام ضمن مواد هذا العدد). في بداية اجتماع هذه الدورة الاستثنائية، التي ترأسها كريم التاج عضو الديوان السياسي للحزب، وقف أعضاء اللجنة المركزية، ومعهم حوالي 6000 متتبع مباشر على المسطحة الرقمية “Microsoft Teams” لقراءة الفاتحة ترحما على ضحايا “كوفيد – 19″، وفي الوقت ذاته، وقفوا دقيقة للتصفيق، إجلالا وتقديرا للمجهودات التي يبذلها العاملون في قطاع الصحة إلى جانب باقي الفئات التي تتواجد في الجبهة الأمامية لمواجهة جائحة كورنا. وفي إطار تفاعله مع مداخلات أعضاء اللجنة المركزية، والتي كانت غنية وشكلت قيمة مضافة للتقرير، أكد الأمين العام، محمد نبيل بنعبد الله، على حتمية الانعطاف، في مرحلة ما بعد كورنا، نحو التوجه الذي سيمكن من بناء الدولة الوطنية الديمقراطية التي طالما نادى بها حزب التقدم والاشتراكية، دولة قوية، يكون لها دور فعال ومركزي بتوجهاتها الاقتصادية وبحرصها الاجتماعي وضمانها للمساواة، وللعدالة الاجتماعية والمجالية بالنسبة للجميع، دولة قوية بديمقراطيتها وبمؤسساتها. وهو ما يفرض، وكما ورد في تقرير اللجنة المركزية، ضرورة إحداث قطيعة مع المقاربات السابقة، مشيرا إلى أن التاريخ يبرز أن الإصلاحات الأساسية تباشرها الدول والشعوب إبان، أو على إثر، الأزمات التي تتحول بفضل المراجعات الضرورية إلى فرص للتقدم، محذرا في الوقت ذاته، من مغبة اعتبار هذه الأزمة مجرد قوس يتعين إغلاقه مباشرة بعد مرروها، من أجل العودة إلى سابق المقاربات والممارسات، التي لن تخدم البلاد في شيء، بقدر ما سوف يضرها في كثير من الأشياء. وجدد محمد نبيل بنعبد الله، دعوة حزبه، إلى بلورة تعاقد سياسي جديد، يقوم على ميثاق اجتماعي يحفظ السلم الاجتماعي، أطرافه الدولة والنقابات وأرباب العمل، ميثاق اجتماعي يستند إلى تفعيل الديمقراطية والحريات والمساواة، من أجل توفير أجواء التعبئة الشعبية، بالإضافة إلى بلورة مخطط اقتصادي واجتماعي طموح ومُتشاور بشأنه، مؤكدا على أن التعاقد السياسي الجديد، الذي ينادي به حزب الكتاب، من شأنه أن يعيد ترتيب الأولويات على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإيكولوجية والثقافية والعلمية، وبالخصوص على صعيد كل ما من شأنه تأهيل وتكوين الإنسان وتوفير الحماية الاجتماعية له. وفي نظر الحزب، فهناك حاجة، اليوم، إلى اعتماد نموذج تنموي محترم للبيئة، ومحافظ على حقوق أجيال المستقبل، ومدمج لآليات ومقاربات مواجهة وتدبير المخاطر مهما كان نوعها وحجمها، بالإضافة إلى الحاجة الملحة لتعميم وتقوية الحماية الاجتماعية، وتعميم ومأسسة التضامن الوطني، اجتماعيا ومجاليا، وتأمين دخل أدنى دائم يضمن الكرامة لفائدة المعوزين من أفراد الشعب المغربي، مع ما يتطلبه ذلك من تجميعٍ التقائي لكل أنظمة وبرامج الدعم الاجتماعي، واعتماد على السجل الاجتماعي الموحد الذي آن أوان إخراجه إلى حيز الوجود. كما شدد محمد نبيل بنعبد الله، على ضرورة اعتماد إصلاح جبائي ناجع ومنصف يساهم في التوزيع العادل للثروة اجتماعيا ومجاليا، وإحداث ضريبة على الثروة، وكذا توسيع الوعاء الجبائي، والمحاربة الناجعة للغش والتملص الضريبيين، لضمان المساهمة الدائمة للجميع، كل حسب إمكانياته، في تحمل تكاليف المجهود التنموي الوطني، وهو ما يستوجب في نظره، الاعتماد على القطاع العمومي وعلى الدولة الديمقراطية الاجتماعية الإنمائية، بأدوار استراتيجية أساسية في الاستثمار المباشر، وفي وتوجيه الاقتصاد، وفي التقنين والضبط والتدخل، مشيرا إلى أن ذلك يمثل الجواب الأكثر موثوقية ونجاعة الذي يتعين استثماره بالشكل الأنسب، كما يتعين فتح آفاق حكامة جديدة قائمة على اللامركزية وعلى تفعيل دور الدولة الترابي. وفي سياق متصل، وبعد تأكيده على فشل التوجهات القائمة على سيادة الرأسمال، والاعتماد المطلق على المبادرة الخاصة واقتصاد السوق، دعا الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إلى إعادة صياغة المفاهيم الجديدة التي يمكن إعطاؤها للسيادة الوطنية وللاستقلال الوطني في زمن ما بعد كورونا، مشيرا إلى أن هذه الأزمة، أبانت، على أن العولمة السائدة ضدا على مصالح الشعوب ليست قدرا محتما على البشرية، وأنه بالإمكان بناء عولمة إنسانية بديلة، وأن الفرصة تاريخيةٌ أمام القوى التقدمية، التي تنهل من الفكر الاشتراكي التحرري المتجدد، وطنيا ودوليا لتملأ ساحة النقاش الإيديولوجي والفكري والسياسي، ولتحول الأفكار البديلة إلى قوة مادية للتغيير، ولتعزز وتؤطر هذا التصاعد الذي تشهده الحركة الاجتماعية عالميا في هذه المرحلة التاريخية. من جانب آخر، انتقد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن يعرض رئيس الحكومة “تطورات الحجر الصحي ما بعد 20 ماي” أمام مجلسي النواب والمستشارين، في إطار الفصل 68 من الدستور المغربي، دون مناقشة ما سيتقدم به، من طرف ممثلي الأمة، مؤكدا على أهمية استمرار الحياة الديمقراطية بشكل عاد، داعيا إلى ضرورة إتاحة الفرصة للبرلمانيين للتعبير عن آرائهم ومناقشة كل التدابير التي تعتزم الحكومة الإعلان عنها يومه الإثنين خلال الجلسة التي سيعقدها البرلمان بمجلسيه. وتميزت هذه الدورة الاستثنائية للجنة المركزية، بالمصادقة على البيان الختامي الذي عبر عن أسف مناضلات ومناضلي حزب التقدم والاشتراكية، لعدم إشراك الحكومة، للمؤسسات والفعاليات الوطنية والاجتماعية المختلفة والأحزاب السياسية، كما ينبغي، في مناقشة وبلورة الحلول وفتح الآفاق، بما يتماشى مع ضرورة تمتين الوحدة الوطنية التي لا يمكن لتعميق الخيار الديمقراطي سوى أن يعززها بما يوطد ثقة المغاربة في كافة مؤسساتهم، وذلك باعتبار أن حالة الطوارئ الصحية، لا تعني أبدا الانزياح نحو حالة طوارئ مُسيئة للديمقراطية. وعبر حزب التقدم والاشتراكية عن استعداده لمواصلة إسهامه، الذي كان سباقا إليه، في نقاش عموميٍ صريح وجدي ومسؤول حول مغرب الغد الكفيل بالقطع نهائيا مع الهشاشة الاجتماعية المُستشرية التي كشفت تفاصيلها هذه الجائحة، والقادر على بناء اقتصاد قوي تلعب فيه الدولة الدور المحوري والاستراتيجي، ويتبوأ فيه المرفق العمومي مكانة الصدارة وإلى جانبه قطاع خاص وطني مُنتج ومسؤول اجتماعيا وبيئيا. وذهبت كل مداخلات أعضاء اللجنة المركزية في اتجاه تثمين وإغناء مضامين التقرير السياسي الذي قدمه الأمين العام باسم المكتب السياسي، حيث أكدت جل المدخلات التي ناهزت الثلاثين مداخلة على أهمية المقترحات التي جاءت في التقرير والتي تشكل تصورا متكاملا لمغرب ما بعد كورنا. وفي هذا السياق، أكد أعضاء مجلس الرئاسة، في مداخلة مكتوبة، على محدودية الإجراءات المتخذة لمجابهة الوباء، والتي تعود، في نظرهم، إلى الخصاص المسجل في العديد من المجالات والقطاعات جراء السياسات المتبعة منذ سنوات خاصة في بداية ثمانينيات القرن الماضي عندما تم وضع سياسة التقويم الهيكلي. ويرى حكماء حزب الكتاب أن صندوق تدبير جائحة كورنا، على الرغم من أهميته، لن يصمد، كما أنه سيكون من الصعب على النظام الاقتصادي الحالي، مجابهة تحديات مرحلة ما بعد الوباء، مؤكدين على ضرورة تخلص الدولة من الأرثدوكسية النيو ليبرالية، وأن تضع لنفسها خطة وطنية خالصة، بالاعتماد على كفاءات وطنية من أجل بلورة نموذج تنموي جديد، وتضع حدا لاقتصاد الريع والاحتكارات، وأن تحث البنوك على تقديم المساعدة للمقاولات بجميع أصنافها، بدء بالمقاولات الصغيرة جدا إلى المقاولات الكبرى ذات التوجه الوطني، وتقوية الاقتصاد الوطني عبر إعطاء نوع من الزخم للاقتصاد الاجتماعي التضامني خاصة في الأرياف والأنشطة الفلاحية.