في مقر أول برلمان مغربي كفضاء احتضن نقاشات بدايات مرحلة الاستقلال وبدايات التأسيس لدولة ذات مؤسسات، اختارت النقابة الوطنية للتعليم العالي الجمع بين أكاديميين وسياسيين في منتدى للتداول والتفكير الجماعي في الإشكالات التي يطرحها ورش الإصلاح الدستوري بكل تمظهراته ومقتضياته. وأكد الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي صباح أول أمس بالرباط في افتتاح هذا المنتدى الذي يحمل عنوان «في الحاجة إلى دستور مغرب القرن 21: المراجعة الدستورية بين نظر الأكاديمي وواقع السياسي»، أن النقابة الوطنية للتعليم العالي كأحد مكونات المجتمع المغربي تتابع عبر كل أجهزتها المحلية والجهوية والوطنية النقاش العمومي الجاري بكل مسؤولية ووعي بين الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين والجمعويين لكل ما يرتبط بمستلزمات دستور مغرب القرن 21، مغرب الحداثة والديمقراطية والتطور المعرفي والأكاديمي والعدالة الاجتماعية». وأوضح أن النقابة اختارت أن تدعو لهذا اللقاء الفاعل السياسي والفاعل الأكاديمي لتشريح الوضع وتقييمه وتقديم اقتراحات عملية جدية مسؤولة لجعل المغرب يرقى إلى مصاف الدول الديمقراطية في العالم المتقدمة، المتطورة، التي تحترم فيها حقوق الإنسان بكل أبعادها، وتتوفر فيها العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية وتكافؤ الفرص ومحاربة الإقصاء والتهميش. وشدد بالقول على أن الوثيقة الدستورية تكتسي أهميتها القصوى باعتبار مضمون موادها وفصولها وكذا بتطبيق مقتضياتها بمنظور تأويلي وتفسيري لا يتعارض مع التعاقد الاجتماعي القائم أولا على مستلزِمات الوثيقة الدستورية نفسها وثانياً على أسس بناء مغرب ديمقراطي حداثي متطور، مشيرا إلى أن النقاشات الدائرة بخصوص الدستور المرتقب مست كل القضايا المتصلة والمنفصلة، إذ تناولت قضية الملكية، وإمارة المؤمنين، والحكومة والبرلمان، والقضاء والجهوية، وتخليق الحياة العامة، والأمازيغية، والمرأة، والطفولة والشباب، وحقوق الإنسان والتعليم والإعلام والجهوية، وكل مظاهر الحقوق كما هي متعارف عليها عالمياً. واعتبر المسؤول النقابي بأن تغيير الوثيقة الدستورية لن يكون ذا مفعول وأثر على المجتمع بكل مكوناته إلا «إذا كانت هناك مصاحبة المراجعة الدستورية بإصلاحات سياسية عميقة تنبني أساساً على فصل السلط مع ضرورة ضمان الأدوار الحقيقية والفعلية للمؤسسات التي تبصم المغرب تاريخاً وجغرافية، ومجتمعاً وموقعاً». المسؤول النقابي لم يفته خلال افتتاح هذا المنتدى إرسال بعض الإشارات والتي تتمحور حول أهم المطالب القطاعية التي ما فتئت ترفعها النقابة الوطنية للتعليم العالي، قائلا «إن النقابة منذ تأسيسها قبل أكثر من 50 سنة وهي حريصة على مواكبة الأوراش الكبرى الإصلاحية بالمغرب، وهي تدعو المسؤولين إلى التفكير بجدية ومسؤولية في كيفية جعل التعليم العالي والبحث العلمي بمغرب القرن 21 قاطرة حقيقة وفعلية للتنمية البشرية بكل أبعادها السياسية، الاقتصادية الاجتماعية والحقوقية، والتي تجعل الإنسان محورا لاشتغالها.ودعا في هذا الصدد إلى جعل الجامعة المغربية في قلب التقسيم الجهوي الجديد بوظائف تجعل المحيط ينفتح على التعليم العالي ويؤمن بأدواره المعرفية والدبلوماسية الموازية، هذا فضلا عن إقرار نظام أساسي جديد لمهنة الأستاذ الباحث ومراجعة القانون 00-01 بما يلائم مقتضيات الدستور المرتقب، ودمقرطة مؤسسات التعليم العالي وحكامتها بإقرار نظام الانتخاب المباشر لاختيار رؤساء وعمداء ومدراء كل مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث، وإقران المسؤولية بالشفافية والمحاسبة سواء عند تسلمه المهام أو الخروج منها. داعيا من جانب آخر المسؤولين إلى التفكير بشكل عميق في مسألة توحيد مؤسسات التعليم العالي توحيداً شاملاً وشمولياً، والتي من شأنها أن تدفع في اتجاه تجاوز وضعيات تشتت هاته المؤسسات وهدر طاقاتها البشرية والمالية والمادية.