قفزت أسعار النفط بأكثر من 15 في المئة بعد بيانات أظهرت أن تخمة الخام الأميركية لا تنمو بالسرعة المتوقعة وأن الطلب على الوقود بدأ بالتحسن. كما استفادت الأسعار من إعلان الإدارة الأميركية أنها تدرس إمكانية تخزين عدة مئات من ملايين البراميل الإضافية في إطار المخزون الاستراتيجي. وتزامن ارتفاع الأسعار مع دخول تخفيضات إنتاج تحالف أوبك+ حيز التنفيذ اليوم الجمعة، والذي سيحجب عن الأسواق نحو 10 ملايين برميل. ويقول محللون إن الإمدادات ستشهد تراجعا كبيرا، هي تخفيضات إنتاج الأمر الواقع، وخاصة من حقول النفط الصخري في أميركا الشمالية، التي أصبحت تكاليف إنتاجها تفوق كثيرا مستويات الأسعار. واقترب سعر مزيج برنت القياسي في عقود يونيو من حاجز 26 دولارا للبرميل الخميس في وقت تجاوز فيه الخام الأميركي الخفيف حاجز 17 دولارا للبرميل. وهناك مؤشرات واسعة على خفض كبير غير معلن في إنتاج دول كثيرة من خارج تحالف أوبك+ وخاصة الولاياتالمتحدة، التي تحظر قوانين منع الاحتكار فيها التعاون المباشر مع منتجين أجانب للتأثير في أسعار النفط. وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية زيادة مخزونات الخام بنحو 9 ملايين برميل الأسبوع الماضي، وهو ما يقل كثيرا عن توقعات المحللين. ونزلت مخزونات البنزين الأميركية 3.7 مليون برميل عن مستويات قياسية مرتفعة سجلتها في الأسبوع السابق، حيث عوضت زيادة طفيفة في الطلب على الوقود إثر انتعاش في إنتاج المصافي. وقال وارن باترسون مدير استراتيجية السلع الأولية في آي.أن.جي "إذا رأينا استمرارا لهذا الاتجاه في الأسابيع المقبلة، فقد ينبئ بأن سوق النفط ربما تجاوزت الأسوأ". وأعلن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين أن واشنطن قد تكشف قريبا عن خطة لمساعدة شركات النفط الأميركية، وأنها قد تتضمن تخزين عدة مئات من ملايين البراميل الإضافية في الاحتياطي الاستراتيجي. في هذه الأثناء حذرت وكالة الطاقة الدولية من فوضى إغلاق بعض حقول النفط في العالم مع ترجيح "حدوث إغلاق غير مخطط لبعض الحقول". ورغم قرار تحالف أوبك+ خفض الإنتاج بكميات كبيرة لمواجهة التراجع الكبير في الطلب على الخام، ما زال المنتجون حول العالم يواجهون ضغوطا متزايدة بسبب الأسعار المنخفضة. وتتوقع وكالة الطاقة تراجع الطلب العالمي على النفط بمقدار 9 ملايين برميل يوميا بما يعادل نحو 9 في المئة مقارنة بالعام الماضي ليصل إلى أقل مستوياته منذ عام 2012. وذكرت أن تراجع الطلب العالمي على الطاقة، سوف يسهم في تقليل انبعاثات الكربون بنسبة 8 في المئة. وقالت "إنه انخفاض قياسي غير مسبوق". وأشار تقرير الوكالة التي تمثل مصالح الدول المستهلكة للنفط، إلى أن شهر أبريل شهد تراجع استهلاك الوقود بمقدار الثلث تقريبا ليصل إلى أقل مستوى له منذ عام 1995. وأضافت أن حركة النقل تراجعت بنسبة 50 في المئة تقريبا على مستوى العالم في حين تراجعت حركة الطيران في بعض الدول الأوروبية بأكثر من 90 في المئة. ولم تذكر الوكالة أسماء الدول التي يمكن أن تشهد توقف الإنتاج في حقول النفط، لكنها سبق أن أشارت إلى بعض المناطق باعتبارها الأشد عرضة لتداعيات انهيار الطلب على الطاقة ومنها الولاياتالمتحدة والبرازيل وكندا. وكان مدير وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول قد ذكر في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ أن إنتاج تلك الدول الثلاث معا، تراجع بمقدار 2.2 مليون برميل يوميا خلال مارس الماضي. وتقول السعودية إن مجمل تخفيضات النفط العالمية ستصل إلى 20 مليون برميل يوميا، الأمر الذي يمكن أن يقدم دعما كبيرا لأسعار النفط العالمية. وذكر تقرير وكالة الطاقة الدولية أن تراجع الطلب العالمي على الطاقة، سوف يسهم في تقليل انبعاثات الكربون بنسبة 8 في المئة. وقالت "إنه انخفاض قياسي غير مسبوق". وقال المدير التنفيذي للوكالة إن مصادر الطاقة المتجددة فقط، هي التي تصمد أثناء الركود الذي لم يسبق له مثيل في استخدام الكهرباء. وأضاف "لا يزال من السابق لأوانه تحديد التأثيرات الطويلة المدى، لكن صناعة الطاقة، التي ستخرج من هذه الأزمة ستكون مختلفة بشكل كبير عن تلك التي كانت من قبل".