لم تفلح محاولات اللوبي الإسباني في دفع الاتحاد الأوروبي إلى تعديل نظام الاستيراد، وفرض شروطه على صادرات الطماطم المغربية اتجاه بلدان الاتحاد. وهكذا، فقد رفض البرلمان الأوروبي خلال جلسته الخميس الماضي بفرنسا، تعديل نظام الاستيراد، ورفضت المفوضية الأوروبية هي الأخرى أن ترضخ لضغوطات اللوبي الإسباني بشأن ما اعتبره «التنافسية الغير مشروعة». ودافع عدد من البرلمانيين الأوروبيين في جلسة الخميس الماضي، عن مزاعم اللوبي الإسباني، ووجهوا جملة من الانتقادات إلى الطماطم المغربية، وحاولوا عبثا تهويل خطر اكتساح المنتوج المغربي للسوق الأوروبية، حيث دافع برلمانيون إسبان وبرتغاليون وإيطاليون عن توجه الفدرالية الإسبانية لمنتجي ومصدري الفواكه والخضر، زاعمين أن «حجم استيراد الطماطم المغربية يرتفع بشكل سريع، مما يشكل خطرا على المنتوج الاسباني». وكانت لجنة المنظمات الفلاحية الأوروبية قد حذرت مما وصفته ب»الأثر الكارثي» الذي قد يعاني منه القطاع في الاتحاد الأوروبي، في حال نجاح المفاوضات التجارية الجارية مع المغرب وبعض الدول اللاتينية. وأوضح بدرايج والتش، رئيس اللجنة، في بيان أصدرته المنظمات قبل انعقاد جلسة البرلمان الأوروبي، أن الاتفاقيات الثنائية التي تتفاوض بشأنها المفوضية الأوروبية تنطوي على مخاطر ب»تقويض» دخول المنتجين الأوروبيين «بشكل بالغ».، محذرا من الأضرار الناجمة عن الاتفاق البيني مع المغرب على قطاع الفواكه الأوروبي، ومن عواقب تحرير التجارة بين الاتحاد الأوروبي ودول سوق الجنوب المشتركة (ميركوسور)، والذي يضم الأرجنتين والبرازيل وباراغواي وأوروغواي، على قطاع اللحوم الأوروبي على وجه الخصوص. هذا فتحركات اللوبي الإسباني، ليست بالجديدة، وتدخل في إطار «حرب الطماطم» التي أعلنها الفلاحون الإسبان على المنتوجات المغربية مند توقيع اتفاق التجارة الزراعية، فحرب الطماطم الحالية ليست الأولى من نوعها بين المغرب وجارته الشمالية، بيد أن ردود فعل المصدرين الإسبان تتميز حاليا بنوع من الحدة والتهديد بالخروج للتظاهر في الشوارع العامة وتنظيم مسيرات نحو العاصمة مدريد ووقفات احتجاجية كالتي دعت إليها فروع نقابات الفلاحين الإسبان بكل من مدن ألمرية وإليخيدو مورسية وفلنسية بهدف وضع حد لدخول مئات الأطنان من الطماطم المغربية إلى الأسواق الأوروبية. وفي نفس الاتجاه، أدت تصريحات جون كلارك، مدير الشؤون الدولية بالإدارة العامة للفلاحة، وهي مؤسسة من المفوضية الأوروبية، إلى خلق ضجة كبيرة وسط كبار الفلاحين بإسبانيا، حيث أعرب عن تزكية الطماطم المغربية، واعتبرها أنها أكثر أمانا من الطماطم الإسبانية. وفي مقابل ذلك، لم يعر مهنيو القطاع في المغرب أي اهتمام للتحذيرات الإسبانية، ورأوا أن التحرك الإسباني يرمي فقط إلى دفع المؤسسات في الاتحاد الأوروبي إلى تكثيف الآليات الحمائية، التي تتسم بشدتها. بل إن الحملة الأخيرة ضد المنتوج المغربي، تروم، في نظر المهنيين المغاربة، التغطية على الأزمة التي يعيشها قطاع الخضر والفواكه في إسبانيا، مؤكدين أن الضغوطات التي ظل يمارسها اللوبي الفلاحي بإسبانيا، الغرض منها هو محاولة استرداد جزء من المساعدات التي كان يقدمها الاتحاد الأوروبي للفلاحين الإسبان، مبرزين في هذا السياق، أن المغرب لا يمثل سوى وسيلة لإنجاح محاولات هذا اللوبي. هذا ويرى مراقبون أن المخاوف الإسبانية من المنافسة المغربية تخفي رغبة في استمرار احتكار إسبانيا لصادرات الطماطم نحو الاتحاد الأوروبي، حيث إن صادرات المواد الزراعية الإسبانية نحو بلدان أوروبا بلغت عائداتها المادية خلال سنة 2008 أربعة ملايين يورو (45 مليون درهم). وكان مجلس وزراء دول الاتحاد الأوروبي، الذي يمثل حكومات الدول الأعضاء بالاتحاد قد صادق نهاية السنة الماضية على الاتفاق الجديد حول تحرير التجارة الزراعية مع المغرب في خطوة جديدة يسري العمل بها إلى النصف الثاني من العام الجاري. ويرفع الاتفاق المذكور حصص الطماطم التي يصدرها المغرب لدول الاتحاد الأوروبي بتعريفة منخفضة، والتي تقدر حاليا ب 233 ألف طن سنويا، لتصل إلى 285 ألف طن على مدار خمسة مواسم، فضلا عن تخفيضات في الرسوم الجمركية على واردات فواكه وخضروات مغربية أخرى. وكانت الجمعية المغربية لمنتجي ومصدري الخضر والفواكه قد عبرت قبل سنتين عن «قلقها» مما وصفته بالتصريحات ال»كاذبة» من المهنيين الإسبان الذي يتهمون المغرب بتجاوز الحصة المسموح له بتصديرها من الطماطم إلى الاتحاد الأوروبي. وعلى صعيد آخر، تحاول هذه الأيام بعض الأوساط الإسبانية المناوئة للمغرب، بما فيها اللوبي الفلاحي، بالضغط على المغرب من الناحية الأمنية، حيث بدأت هذه الأخيرة بالحديث عن خطر «تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي» على المصالح الاقتصادية المشتركة بين الاتحاد والمغرب. وانطقلت هذه الأوساط، من فيديو نشر قبل أيام على صفحات «جهادية» يهدد بضرب الأماكن المزدحمة في الثغرين المحتلين سبته ومليلية.