يشكل السيناريو عنصرا أساسيا في نجاح أي فيلم، سواء كان طويلا أو قصيرا، وهو بالتالي ليس مجرد أوراق يتم التخلص منها بمجرد الانتهاء من إنجاز العمل السينمائي. غير أن هذا السيناريو لا يمكن أن يكون ناجحا، في غياب المخرج الذي يمتلك بالضرورة ما يكفي من الخبرة والمعرفة والملكة الإبداعية، لأجل تحويل الكلمات والأوصاف إلى صور تنبض بالحياة وتشد اهتمام المتفرج. إذن هناك تكامل لا بد منه بين السيناريست والمخرج. على كاتب السيناريو أن يكون على دراية بالعالم الخاص للمخرج الذي يتوجه إليه بعمله،كما أن على المخرج أن يحسن الإنصات إلى السيناريست وأن يتعاون معه في كتابة السيناريو وإعادة صياغته بشكل يكون مقنعا للطرفين بطبيعة الحال. هل نلمس هذا المستوى من التعاون بين السيناريست والمخرج في الأعمال السينمائية التي تعرض علينا في هذه الدورة أو التي عرضت في دورات سابقة؟ هنا شهادات لنخبة من السينمائيين المغاربة حول السيناريو والإخراج بمناسبة الدورة الحالية للمهرجان. الناقد السينمائي حمادي كيروم: السينما المغربية تسير نحو حتفها أذكر أننا كنا قبل خمس وعشرين سنة بمناسبة تأسيس جمعية نقاد السينما قد استضفنا المفكر المغربي عبد الله العروي، وأشار إلى مسألة هامة وهي أن البداية ينبغي أن تنطلق من تربية الذوق، وأنه علينا الخروج من المفهوم الأخلاقي والبيداغوجي، وفي اعتقادي أن السينما المغربية في الظروف الحالية تسير نحو حتفها. الإبداع السينمائي في نظري لا يتعلق بمسألة الإخراج بل بمسألة المصير، مسألة الواقع والحقيقة والخلق الفني وبنية المادة السينمائية وشكلها. هناك صراع بين المادة كأشياء والشكل. المسألة الأساسية هي مسألة الفن باعتباره سؤالا ثقيلا، إنه سؤال الفعل الإبداعي، الوعي بالمادة السينمائية وكيفية تشكلها. الصراع يحدث الشرخ في نفس المخرج فيتسرب الفن مثل نبتة. الإخراج هو تصور فكري للعالم. في اعتقادي المشكل ليس هو الحكي، بل العكس، إذا لم نقتل الحكي، فإن السينما سوف تموت. إذا لم نقبض على الزمن، فإنه لا يمكن لنا إبداع عمل سينمائي. الإخراج السينمائي ليس مجرد توابل، بل هو تصور فلسفي. المخرج السينمائي سعد الشرايبي: سينمائيونا يعانون من الانفصام مشكل السينما المغربية يمكن لي أن أختزله في نقطة أساسية وهي النمطية، شخصيا باعتباري مخرجا سينمائيا أتلقى سنويا عشرين سيناريو، من كتاب مختلفين، وألاحظ أن كل سيناريو هو نسخة مكررة لما قبله. المشكل نابع من عدم قدرتنا على الخلق والتنوع في الأفكار وطريقة بناء السيناريو. إن إعادة نفس الأفكار والشكل، أي الوقوع في النمطية يؤدي إلى موت الإبداع، وبالتالي كل ما يتبقى هو الاستمرار، في حين ليس هذا هو الأهم. السينما المغربية مرت بمراحل عدة، قبل ثلاثين سنة كان المخرجون يكتبون السيناريو بأنفسهم دون إشراك متخصص في كتابة السيناريو، لكن منذ ال الألفية الثالثة، صار يتم هناك تعاون بين المخرج والسيناريست، لكن دون أن يعطي ذلك نتيجة، لأن الكاتب لا يحمل نفس رؤية وتصور المخرج، ولأجل تفادي هذا الصراع عادة ما يتكلف المخرج بكتابة السيناريو. الواقع الآخر المر الذي تعاني منه السينما المغربية هو أن العديد من الأفلام، تغيب عنها الدقة في التعبير، ليس هناك هناك تناغم بين كل مكونات العمل السينمائي، إننا لم نصل بعد إلى هذه المثالية. المخرج السينمائي المغربي يعيش نوعين من الانفصام: هناك من جهة مجتمع له خصوصية معينة، لكن المخيلة الإبداعية نجدها نابعة من الخارج وليس من قلب المجتمع، إنها مخيلة مغتربة، ذلك أن المرجعية الأجنبية لا تزال تؤثر على مخيلتنا. الانفصام الآخر الذي يعاني منه المخرج السينمائي المغربي هو أنه يسعى إلى أن يكون عمله السينمائي موجها في آن واحد إلى المثقف وإلى ما هو عاطفي والاشتغال على ما هو مرئي، إنه يريد الاشتغال على هذه الأبعاد الثلاثة كلها دفعة واحدة: أي فيلم الفرجة الشعبية وفيلم التفكير وفيلم الإحساس، لكنه في النهاية لا يصل إلى أي شيء من ذلك، أو في أحسن الأحوال يصل إلى ما هو جزئي من كل هذه الأبعاد، إلى جانب غياب التناغم. هناك نقطة أخرى سلبية تؤثر على مسار سينمانا، وهي أن كل مخرج يعتقد نفسه هو الأفضل في العالم ويحتقر أعمال الآخرين، و لا يعترف بإبداع زملائه، وفي اعتقادي أن هذا ما يمكن أن يؤدي إلى موت السينما في المغرب. الناقد السينمائي نور الدين أفاية: الفيلم الجيد هو ذاك الذي ينجح في تصوير الأحاسيس العميقة والأصيلة الفن السينمائي مجال تقني وإبداعي يتجدد باستمرار، وبالتالي لا أتفق مع من يقول بموت السينما. قضية سؤال الكتابة السيناريستية لا بد من ربطها بما إذا كانت بنية مجتمعنا حاضنة للإبداع، من حيث ضمانها لشرط الحرية. لا أقصد الدولة التي يمكن أن تكون متسامحة، لكن الخطير هو الاستبطان الذهني للمبدع الذي يحول دون أن يعمل بحرية ودون أن يترك المجال للخيال لكي يقوم بتفجير المواقف والأحكام. الكتابة مرتبطة بتاريخها وبمدى حضور التخيل في الكتابة. كما انها مرتبطة بسؤال الكفاءة، هل من يكتب ال سيناريو يمتلك العدة التقنية والصنعة في الخيال. إن السينمائي المغربي يعيش ضغطا وصراعا وتهافتا على الوصول إلى مشروع سينمائي لأجل ترويجه، هذا الضغط لا يخدم بطبيعة الحال العملية الإبداعية. كتابة السيناريو عمل قاس، العمل السينمائي ككل عمل صعب. المخرجون السينمائيون المغاربة باستثناء قلة منهم، يفتقرون إلى الإحساس بأن لديهم دورا في المجتمع وفي الثقافة، إنهم يعيشون تفاوتا بين ما يحملونه من تصور وبين الوقائع المحيطة بهم. على المخرج المغربي أن يحارب على أكثر من جبهة، إنه في حاجة إلى فهم المجتمع والاقتراب منه، والإنصات إلى تحولاته، وبالتالي تحويله إلى مادة سينمائية، هذا هو الرهان، أي تحويل ما يعاش في مفارقاته، إلى عمل قادر على الإقناع إبداعيا. الفيلم الجيد هو ذاك الذي ينجح في تصوير الأحاسيس العميقة والأصيلة، والدخول في عوالم إبداعية أخرى. مجتمعنا يعيش الانفصام، وبالتالي فمشكلة السينمائيين هي تحمل هذا الانفصام ومعالجته إبداعيا. التحرر من مأساويته من خلال الإبداع، وبالتالي الوصول إلى إعطاء عمل سينمائي لا يشكو من عدم الاكتمال. برنامج يومه الجمعة: العاشرة صباحا بقاعة روكسي: مناقشة أفلام المسابقة الثالثة بعد الزوال: الفيلم القصير”براغ” لرضا مصطفى الفيلم الطويل “أحلام صغيرة” لمحمد كغاط السادسة مساء: الفيلم القصير” لا يهم إن نفقت البهائم” لصوفيا العلوي الفيلم الطويل “خريف التفاح” لمحمد مفتكر