أكد محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن لجنة النموذج التنموي قادرة على إخراج نموذج متميز لكنه يظل مجرد توجه عام يحتاج لمن يبلوره على أرض الواقع. وقال بنعبد الذي كان يتحدث أول أمس الأحد، في لقاء عمومي بمدينة الريصاني، على هامش المؤتمر الجهوي لحزب التقدم والاشتراكية بجهة درعة تافيلالت الذي انعقد تحت شعار “لا تنمية بدون ديمقراطية وعدالة اجتماعية ومجالية”، (قال) إن النموذج التنموي الجديد يحتاج إلى ديمقراطية وإلى الحريات، وإلى أحزاب سياسية قوية وحكومة قادرة على تنزيل هذه التوجهات، وكذا جهات وجماعات محلية تضم طاقات وكفاءات حقيقية، معتبرا أن هذه الحاجيات هي المدخل الأساسي والرئيسي لتنزيل أي نموذج تنموي وللقدرة على إنجاحه. وشدد بنعبد الله على أن المشهد الوطني العام يتطلب انفراجا سياسيا حقيقيا وأن يرجع الجميع إلى جادة الصواب، كما يحتاج إلى تنزيل سياسات تلامس المواطنين وتشعرهم بفائدة العمل السياسي. في هذا السياق، أفاد بنعبد الله أن خطاب حزب التقدم والاشتراكية للجنة النموذج التنموي، خلال استقبالها له، ركز فيه الحزب على ضرورة الانفراج السياسي وتجاوز المشاكل المرتبطة بحريات التعبير، وطي ملفات الريف وزاكورة والملفات المرتبطة بحرية التعبير وحرية الصحافة وتعبيرات الشباب، مؤكدا على أن ذلك يكتسي أهمية بالغة في خلق الأجواء المناسبة للاهتمام بالنموذج التنموي ومصالحة المغاربة مع مؤسساتهم. ودق بنعبد الله ناقوس الخطر بشأن ما يقع من تراجع منسوب الحريات الذي يؤدي إلى فقدان الثقة والقلق العام، المؤدي بدوره إلى الفراغ في المشهد الوطني، وقال إن أخطر شيء ممكن أن تعاني منه بلادنا هو الفراغ السياسي، الذي يؤدي إلى القلق المندفع وإلى عدد من المظاهر العفوية وغير المتحكم فيها، معتبرا أن العمل يجب أن ينبني على حفظ الوطن من مجموعة من الانحرافات التي من الممكن أن يسقط فيها بسبب ذلك، كما حدث في مجموعة من البلدان. وذكر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية بالمؤتمر الوطني للحزب المنعقد قبل سنتين، والذي دعا من خلاله إلى نفس ديمقراطي جديد، وإلى طفرة جديدة من الإصلاحات، وتحسيس الشباب والمواطنين والمواطنات بإمكانية الإصلاح وإمكانية التغيير الجدي، والنهوض بأوضاع المواطن ووضع سياسة تساهم في النهوض بوضعه التعليمي، والصحي، والاجتماعي، والاقتصادي وغيرها من المستويات. وعن التنمية الجهوية، شدد بنعبد الله على أن إرادة تنمية الجهات تنطلق بتنمية الإنسان وإعطائه فرص الشغل وفرص الدخل وفرص الحياة الكريمة. و”هكذا يتعين أن يتم الاشتغال، وحزبنا ليس حزب يشتغل من أجل توزيع الامتيازات، كما تفعل أطراف أخرى، بل من أجل توزيع الحقوق وتوزيع عادل للثروة والصحة والتعليم والخدمات العمومية الأساسية”، وفق تعبيره. كما شدد بنعبد الله على ضرورة النهوض بالاقتصاد الوطني، الذي قال إنه يجب أن يخرج من اقتصاد الريع، وأن يصبح اقتصادا متينا مبنيا على التنافس الشريف، اقتصاد وطني حقيقي قادر على خلق التنمية، مبرزا أن حزب التقدم والاشتراكية أعطى اقتراحاته في هذا الصدد للجنة المعنية. ودعا المتحدث، في نفس السياق، إلى إصلاح الإدارة عبر محاربة ظاهرة الرشوة والمحسوبية وغيرها من أشكال الفساد التي تمس الإدارة، مشيرا إلى أن إصلاح هذا المرفق مدخل أساسي للتنمية، لاسيما وأن هناك كفاءات بهذا المرفق العمومي تشتغل بجدية وتقوم بأدوارها على أحسن وجه. إلى ذلك، أبرز بنعبد الله أن الإصلاح السياسي أساسي، من خلال تقوية الأحزاب السياسية والحكومة، معتبرا أن سبب الفراغ السياسي الحالي هو مجموعة من الممارسات التي تسيء للعمل السياسي، داعيا المناضلات والمناضلين إلى العمل والنضال من داخل صفوف الحزب ومع المواطنات والمواطنين لإعادة هذه الثقة وخدمة قضايا المواطن. وأكد المتحدث على أن حزب التقدم والاشتراكية، ومن خلال مناضلاته ومناضليه، كان دائما في طليعة المدافعين عن القضايا الاجتماعية، متسائلا عن أدوار بعض الأحزاب الأخرى، التي أعطت الدليل، حسب تعبيره، “على أن ما يهمها هو المقاعد، المصالح، الخضوع للتعليمات”. في هذا السياق، ذكر الأمين العام بسبب خروج حزبه من الحكومة، والتي ربطها بعدم قدرة الحكومة الحالية على تنزيل سياسات عمومية قادرة على ملامسة المواطن والاستجابة لحاجياته الأساسية، وتنزيل مضامين الخطاب الملكي لعيد العرش والذي أكد فيه جلالة الملك على أن النموذج التنموي الحالي لا يوزع بشكل عادل هذه الثروات، والتي على إثرها طلب من الحكومة اعتماد سياسات عمومية كفيلة بتنزيل هذه التوجيهات. وجدد بنعبد الله التأكيد على أن حزب التقدم والاشتراكية تشبث حينها في نقاشه مع رئيس الحكومة، بضرورة تعديل مبني على أساس ملموس، قادر على إفراز سياسات ملموسة يشعر بها المواطن المغربي بجل جهات المغرب، مشيرا إلى أن الحزب ظل ينادي بضرورة التغيير الجدي والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وتجاوز الهفوات والنقائص والسلبيات الموجودة، ومحاربة الأوضاع الصعبة التي ترزح فيها عديد من الأسر المغربية. وعن هذه الأوضاع الصعبة التي تعيشها مئات الآلاف من الأسر، في عدد من الجهات وفي القرى وضواحي المدن والجهات، قال بنعبد الله إننا طالبنا بتغييرات وسياسة عمومية وكان الجواب أننا سنرى الجواب فيما بعد، مبرزا أنه بعد التعديل لم يتم الإدلاء بأي تصريح حكومي ولا برنامج جديد، متسائلا عن “حكومات الكفاءات” التي ما يزال الجميع ينتظرها. وسجل بنعبد الله أن الأحداث التي تجري اليوم داخل الحكومة تؤكد صوابية قرار حزب التقدم والاشتراكية وتبرز تنبؤاته بشأن التطاحنات والصراعات داخل الأغلبية، التي ارتفعت وأصبحت بعض الأطراف تعمل على عرقلة كل المنجزات ووضع المكائد. وأوضح زعيم حزب “الكتاب” أن التحالف السياسي والحكومي يجب أن ينبني على الوفاء والإخلاص والعمل، مبرزا أن حزب التقدم والاشتراكية ظل منذ مشاركته في حكومة عبد الرحمان اليوسفي وفيا لحلفائه وملتزما بالجدية في العمل. وقال بنعبد الله، في ذات اللقاء الذي حضره المئات من ساكنة إقليمالريصاني، “اليوم وبالنظر لما يحدث يتعين أن نؤكد أن خطوة الخروج من الحكومة كانت في محلها، وما تنبأنا به حصل وظهر اليوم، لأننا المشكل من جهة هو تغيير السياسة الحكومية، ومن جهة أخرى الانسجام الحكومي غير الموجود، إذ يغلب التطاحن وتكثر المكائد بين الحلفاء المفترضين”ّ. وأضاف المتحدث “هذه حكومة غائبة لا يتحدث عنها أحد، فلا نحن أمام حكومة مسيرة بشكل متقن وبحضور سياسي وازن، ولا حكومة بنبرة إصلاحية”، معتبرا أن التحالف يجب أن ينبني على الوفاء والثقة، وليس على دس المكائد، لافتا الانتباه إلى أن هناك أطرافا في الحكومة ظلت تسعى إلى تحطيم جميع المنجزات وحمل خطاب مستقبلي يحمل وعودا بالعمل بعد 2021. وتساءل بنعبد الله، في هذا السياق، عما يجعل هذه الأطراف تحمل هذا الخطاب وهي داخل حكومة، ولماذا لا تعمل من المرحلة الحالية دون أن تنتظر حلول سنة 2021، مبرزا أن هذا السلوك يكشف أن من يسير هذه الأحزاب لا يمتلك حسا سياسيا وأن هذه الأحزاب تضم متطفلين على الممارسة السياسية السليمة. من جهة أخرى، وجه بنعبد الله نداء لمناضلات ومناضلي الحزب الذين يتحملون المسؤولية في الجماعات والهيئات المنتخبة وفي مختلف هياكل الحزب، داعيا إياهم إلى النضال من أجل قضايا المواطنين والمواطنات، منوها بالمجهودات التي قام بها مناضلو الحزب ومناضلاته من مختلف المواقع، سواء من خلال المسؤولية الحكومية السابقة أو من خلال الجماعات والهيئات المنتخبة على مستوى الجهة، داعيا إلى مواصلة هذه المجهودات واستدراك الهفوات من أجل ضمان تلبية باقي حاجيات الجهة، عبر تنظيم جهود الجميع ومد اليد لباقي الجهات الفاعلة والأحزاب السياسية الجادة من أجل الرفع من شأن الجهة على جل المستويات. في هذا الإطار، انتقد بنعبد الله الأوضاع الصعبة التي تعرفها جهة درعة تافيلالت والتي قال إنها أفقر جهة ضمن الجهات ال 12 للمملكة والتي تحتاج إلى رعاية خاصة لإخراجها من العزلة والبعد وربطها مع الجهات المنتجة للخيرات والجهات التي من شأنها أن تساهم في النهوض بوضعية هذه الجهة سواء فاس – مكناس، أو سوس ماسة، وباقي الجهات. الأمين العام أكد خلال هذا اللقاء على أهمية الجهة من حيث مواردها وفرص تنميتها، إذ أنها ما تزال من المناطق التي لم تحظ بعد بما تستحقه من اهتمام في السياسات العمومية، لاسيما على صعيد البنيات التحتية الأساسية في قطاعات الطرق والمؤسسات الجامعية ووسائل فك العزلة. وشدد الأمين العام، في كلمته، على ضرورة تمتيع الجهات بما يلزم من وسائل وصلاحيات كفيلة بجعلها قادرة على رفع التحديات التنموية، وهو ما يقتضي إعادة الاعتبار للفعل السياسي وللنخب المحلية والجهوية. يذكر أن الجلسة التنظيمية الداخلية للمؤتمر الجهوي كانت انعقدت صباح نفس اليوم، بحضور مؤتمرات ومؤتمري جميع الفروع الإقليمية بجهة درعة تافيلالت، وتميزت بالمصادقة على عدد من الوثائق والتقارير، وانتخاب مجلس ومكتب جهوي، كما تم انتخاب محمد بنيوسف كاتبا جهويا. وجرى صباح أول أمس الأحد افتتاح اللقاء التنظيمي الداخلي الذي ترأسه ادريس البوزكراوي منسق اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجهوي والذي قدم تقريرا باسم اللجنة تضمن مختلف المراحل التنظيمية، فضلا عن مناقشة القضايا السياسية والاجتماعية والبيئة بالمنطقة وتصور الحزب للأولويات التنموية بالجهة واستعرض ملخص أعمال اللجنة التحضيرية. بعد ذلك تناول الكلمة الكتاب الإقليمية الفروع تناولوا فيها تشخيصها للأوضاع التنظيمية والقضايا الشأن المحلي والرهانات والتحديات المرحلة المقبلة وعبروا عن استعدادهم الجماعي والمشترك من أجل حضور أقوى على المستوى الجهوي وعلى مختلف الواجهات لتقوية الحضور الحزبي جهويا. كما جرى انتخاب المجلس الجهوي للحزب طبقا لمقتضيات المسطرة التنظيمية المتعلقة بالمؤتمرات الجهوية، حيث يتكون من الأعضاء بالصفة وممثلات ومثلي الفروع الإقليمية بناء على اقتراحاتهم، بالإضافة إلى ذلك، صادق المجلس الجهوي المنتخب على لائحة المكتب الجهوي المقترحة طبقا للمسطرة التنظيمية نفسها ليتم انتخاب محمد بن يوسف كاتبا جهويا لحزب الكتاب بجهة درعة تافيلالت. يشار إلى أن المؤتمر الجهوي لدرعة تافيلالت حضره كل من الأمين العام محمد نبيل بنعبد الله وكل من عبد السلام الصديقي رشيد روكبان خديجة الباز عزوز الصنهاجي أعضاء المكتب السياسي، وسعودي العمالكي عضو المكتب السياسي والمسؤول عن تتبع الجهة بالإضافة إلى رئيس الجلسة ادريس البوزكراوي، وعمر الزعيم النائب البرلماني السابق وعدي الشجري عضو مجلس المستشارين.