شهد المغرب خلال السنة التي ودعناها عدة فواجع حصدت العشرات من الضحايا. من بين هذه المآسي، ما كان جراء جبروت الطبيعة وحوادث السير القاتلة، وقاسمها مشترك يرتبط بهشاشة البنية التحتية والأخطاء البشرية. فيضان يأتي على «ملعب تزيرت» بنواحي تارودانت باغتت السيول الجارفة في يوم 28 غشت الماضي عشرات الأشخاص في «ملعب تزيرت» لكرة القدم تم بناؤه وسط واد بنواحي تارودانت، الحصيلة 9 ضحايا وجدوا أنفسهم عزلا وسط أمواج الطوفان تسببت في غرقهم. وجهت آنذاك انتقادات لاذعة من جهة، إلى السلطات المحلية، لعدم اتخاذها الإجراءات اللازمة في أجواء مناخية متقلبة وعدم إخبارها باحتمالية وقوع فيضان الوادي، لاسيما، وأن هناك نشرة إنذاريه منذ الساعة الحادية عشرة من صباح ذلك اليوم المأساوي، حذرت من احتمال هطول زخات رعدية قوية تعقبها سيول، ومن جهة أخرى، للسلطات الوصية، لموافقتها على بناء ملعب لكرة القدم على لسان الوادي وعدم توقع مثل هذه الكوارث خلال الدراسة قبل بناء الملعب. وتسببت تلك السيول في عزل المناطق التي ضربتها بجماعة إغرم إقليمتارودانت وانقطاع الطرق. في ذلك اليوم المشؤوم، كانت بعض ساكنة دوار تيزرت يتابعون مقابلة في كرة القدم بملعب شيد على مستوى مجرى وادي، قبل أن تحاط بهم السيول الجارفة لم تشهدها المنطقة منذ ستينيات القرن الماضي، فتحولت أجواء الاحتفاء بدوري لكرة القدم إلى مأثم، بعد إعلان وفاة 9 أشخاص جرفتهم سيول الوادي. غرق 30 شخصا بواد دمشان بالراشيدية اثر انقلاب حافلة لنقل المسافرين مسافرون جمعتهم الأقدار داخل حافلة لنقل المسافرين كانت في ذلك اليوم الشتوي البارد من شهر شتنبر في طريقها إلى الراشيدية، قبل أن تنقلب رأسا على عقب، وتزج بحمولتها في متاهة الموت والحياة بواد دمشان، الحصيلة جد ثقيلة، مصرع 30 شخصا ونجاة ة آخرين بأعجوبة 27 منهم أصيبوا بجروح. هذا الحادث المأساوي، ليس الوحيد الذي وقع أو يقع على الطرق وفوق الجسور المنتشرة عبر هذا الوطن، بل هو واحد من بين الفواجع اليومية التي نسمع عنها هنا وهناك. وكما هي العادة، وجهت انتقادات كثيرة لوزارة التجهيز والنقل، جميعها أشارت بأصابع الاتهام إلى وضعية الطريق وعدم وجود أي سياجي واقي على القنطرة التي جرفت إليها السيول الفيضانية الحافلة المنكوبة. وكما يدأب عليه المسؤولون، رد عبد القادر اعمارة وزير التجهيز والنقل على هذه الانتقادات بجواب بمجلس النواب، أفاد من خلاله بأن السبب الرئيسي في الحادث هو الخطأ البشري وأن سائق الحافلة المنكوبة لم يكن عليه أن يغامر بالناس في حين كان سائقون اخرون واقفين. فاجعة إجوكاك بإقليمالحوز لم تكن رحلة سيارة النقل المزدوج التابعة لنواحي تالوين في ذلك اليوم الأغبر من شهر يوليوز، بالمأمونة ولا المأمولة. كانت السيارة على موعد مع الموت المحقق، ولم يكن ركابها الثمانية عشر يدرون هذا المصير المحتوم الذي كان ينتظرهم، بحيث أدى انهيار جبل ترابي بمنطقة توك الخير التابعة لجماعة أجوكاك بإقليمالحوز، إلى طمر السيارة التي كانت في طريقها إلى تارودانت بمن فيها ولم ينج منهم واحد. هذا الحادث، تسبب في موجة من الانتقادات محليا ووطنيا كلها تشير لتهاون السلطات المحلية والمنتخبين وكل من له مسؤولية في تدبير الشأن المحلي في المنطقة، بسبب عجزهم عن إحداث تغيير في السياسات العمومية الموجهة خصوصا للبسطاء، إذ يترك المواطنون يعيشون في مواجهة عنف الطبيعة دون ببنيات تحتية في قرى ومناطق جبلية معزولة عن العالم. فالكل يتذكر حادثة أوريكا منتصف التسعينات من القرن الماضي التي ذهب ضحيتها العشرات من زوار المنطقة في فيضان اجتاح المنطقة في عز فصل الصيف. وخلال الثلاثة السنوات الماضية قتلت صخرتان امرأتين في كل من جماعة أربعاء تغدوين وستي فاضمة، كما سقطت أخرى دون خسائر في منطقة مولاي ابراهيم وستي فاضمة، ومازالت صخرتان معلقتين بكل من جماعة مولاي ابراهيم فوق منطقة الرحى وأخرى في منطقة اجوكاك دون أن يتدخل أي مسؤول للحيلولة دون سقوطهما. لم تكن الانهيارات الطينية أو الصخرية التي تشهدها الطرق بالإقليم عرضية مثل ما وقع في اجوكاك، إذ شهدت المنطقة، في السنوات القليلة الماضية انهيارات مماثلة. غرق سفينة بعرض البحر قرب سيدي إفني استفاق بحارة ميناء طانطان في يوم 23 نوفمبر الماضي على فقدان حوالي 16 بحارا كانوا على متن مركب للصيد الساحلي غرق بعرض ساحل مدينة طانطان. وكان المركب المنكوب قد انطلق من مدينة أكادير، وعلى متنه 16 بحارا تم فقدانهم في ساحل مدينة طانطان. ولم تفض عمليات البحث التي تم إطلاقها على إثر ذلك سوى إلى انتشال جثث ثلاثة بحارة اثنان منهم عثر عليهما بالصدفة بعد أن علقتا في شباك صيد سفن. لم تصدر حتى الآن أي أخبار عن عمليات الإنقاذ التي تم إطلاقها ولا أجوبة عن مصير المفقودين الذين ينحدرون كلهم من مدينة أكادير، خلال هذا الحادث المأساوي. هذه الحادث بالذات يثير الكثير من التساؤلات حول الظروف التي يشتغل فيها القطاع ووضعية مهنييه. *** توالي الفواجع يحرج الحكومة وقد دفع ارتفاع عدد الفواجع الوطنية، الحكومة إلى الإسراع في إخراج مرسوم إحداث رسم شبه ضريبي لتمويل صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية، الصادر قبل أزيد من سنتين دون أن يستفيد منه المغاربة ضحايا الكوارث الطبيعية التي باتت تهدد أرواح المئات. ويتزامن التحرك الحكومي مع فاجعة انقلاب حافلة لنقل المسافرين، على مستوى وادي الدرمشان بجماعة الخنك، بإقليمالرشيدية، ما خلف حصيلة ثقيلة. وانتقدت أحزاب معارضة وجمعيات مدنية تأخر الحكومة في تنفيذ المقتضيات المتعلقة بصندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية، رغم حدوث عشرات الكوارث الطبيعية خلال الفترة الأخيرة، مخلفة ضحايا في الأرواح والممتلكات. وستمول الدولة الصندوق من ميزانيتها، إضافة إلى عائدات الرسوم شبه الضريبية، إذ ستطبق ضريبة جديدة في حدود 1 في المائة عن مبالغ الأقساط والاشتراكات المؤداة برسم عقود التأمين، منها على سبيل المثال عقود التأمين البحري والنقل البحري وتأمينات القروض وتأمينات المركبات البرية، وعمليات التأمين ضد أخطار الإصابات البدنية، وعمليات التأمين ضد الحريق والعوامل الطبيعية. وبموجب هذا القانون، تحدث لجنة تتبع الوقائع الكارثية. ويتم إعلان حدوث الواقعة الكارثية بموجب قرار إداري بعد استطلاع رأي اللجنة السالفة، ويتم تحديد المناطق المنكوبة وتاريخ ومدة الواقعة الكارثية، لتنطلق بعد ذلك عملية تقييد الضحايا في سجل التعداد، ثم عملية منح التعويضات من طرف الصندوق. وسيتم تعويض الضحية عن الضرر البدني أو تعويض ذوي حقوقه في حالة وفاته أو فقدانه، على أساس الرأسمال المعتمد الجاري به العمل طبقاً لمقتضيات الظهير الشريف رقم 1.84.177 بمثابة قانون، يتعلق بتعويض المصابين في حوادث تسببت فيها عربات برية ذات محرك. أما التعويض عن فقدان المسكن الرئيسي فيتم تحديده بعد استطلاع رأي هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، ولا يمكن أن يقل عن مبلغ 250 ألف درهم. أما فقدان الانتفاع بالمسكن الرئيسي فيتم تحديده وفق القيمة الإيجارية الشهرية. ويحدد القانون سقف التعويض الإجمالي عن كل واقعة كارثية، إذ لا يمكن أن يقل سقفها عن ملياري درهم إذا تعلق الأمر بواقعة كارثية يرجع السبب فيها إلى عامل طبيعي، ولا تقل عن 300 مليون درهم إذا تعلق الأمر بواقعة كارثية يرجع فيها السبب إلى الفعل العنيف للإنسان. كما ينص القانون أيضاً على أنه لا يمكن أن يقل السقف الإجمالي للتعويض برسم كل سنة عن أربعة ملايير درهم إذا تعلق الأمر بواقعة كارثية طبيعية، وعن 600 مليون درهم إذا كانت واقعة كارثية نتيجة لفعل عنيف للإنسان.