بشروع الأحزاب اليوم في المثول أمام اللجنة المكلفة بالمراجعة الدستورية لعرض تصوراتها ومقترحاتها، تكون الدينامية التي أسسها خطاب تاسع مارس قد دخلت فعلا مرحلة جديدة هذا الأسبوع، وخلالها ستتوجه الأنظار إلى الهيئات السياسية، وسيتطلع المغاربة إلى قياداتها كي تعكس مطالبهم وانتظاراتهم الإصلاحية، وأيضا لتكون المطالب الحزبية في مستوى الإرادة التي عبر عنها الملك لإحداث تغييرات حقيقية وإعمال اجتهاد خلاق. مسؤولية الأحزاب، الجدية منها بالخصوص، لا تفرضها اليوم فقط شروط ذاتية داخلية مرتبطة بهذه الأحزاب، إنما من شأن مقترحاتها ومطالبها الدستورية أن تحدد وجهة المسار الإصلاحي العام الذي أعلن عنه جلالة الملك، وبالتالي فإن بإمكانها أن تستثمر الدينامية النضالية الوطنية والإقليمية، بما يفتح أفق البلاد على تحول سياسي حقيقي. اليوم بلادنا تمتلك فرصة هامة لبلورة جيل جديد من الإصلاحات فعلا، وبالتالي فمن مسؤولية طبقتنا السياسية عدم تضييع الفرصة، لأن ذلك معناه المزيد من الإحباط، والمزيد من العزوف، وأيضا المزيد من الاختلالات التي عمت حقلنا السياسي والانتخابي في السنوات الأخيرة. عدم تضييع الفرصة يعني اليوم امتلاك الشجاعة الضرورية وبلورة المواقف والاجتهادات التي حث عليها الخطاب الملكي، ويعني أيضا شجاعة التفاعل مع النبض الشعبي، ومع انتظارات الشباب والنخب، واستحضار تحديات اللحظة التاريخية مغربيا وعربيا، وفي نفس الوقت فإن عدم تضييع الفرصة يعني أيضا الخروج من منغلقات المزايدة وأساليب الهروب الأعمى إلى الأمام، ويعني كذلك التشبث بوضوح الرؤية والإصرار على العقل، وعدم الانجرار إلى مناقشات جانبية، وإلى الجزئيات التي قد تصلح للسجال في الحلقات الطلابية، لكن لا يمكنها بالضرورة أن تؤسس رؤية سياسية ناضجة لإصلاح دستوري وسياسي حقيقي. إن الأسئلة والمواقف والمطالب التي ستعبر عنها الأحزاب هذا الأسبوع، والترافع حولها، وتعزيز التعبئة والنقاش العموميين بشأنها، هي التي ستحدد، بشكل أو بآخر، توجهات الاشتغال على الوثيقة الدستورية، ومن ثم مسار الدينامية الديمقراطية الجارية في بلادنا، ولأن الأمر كذلك فمن واجب الأحزاب الديمواطية اليوم أن تستحضر مسؤوليتها، وتتحلى بشجاعة التفكير والقول وجرأة الاجتهاد، لأن هذا الطريق هو السبيل الوحيد لتمتين بنياننا الديمقراطي، والتأسيس الحقيقي للمغرب الجديد. وعلى صعيد آخر، فإن عدم تضييع الفرصة كذلك، يعني أن تخرج الأحزاب وأعضاء اللجنة معا من دوائر التردد، وألا يتركوا الفرصة لجيوب المحافظة التي ستصر حتى على معاكسة التوجيهات الملكية. الفرصة أمام الأحزاب لتخلق الثورة المغربية، ولننجح كلنا في كسب الرهان. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته