حذر عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أول أمس الثلاثاء، من “الدفع بالبلاد مرة أخرى إلى مرحلة التقويم الهيكلي”، مشددا على أن التقويم الهيكلي له انعكاس سيء على المجالين الاقتصادي والاجتماعي. وقال والي بنك المغرب في ندوة صحفية عقدها بمقر بنك المغرب، أول أمس الثلاثاء، “لا يجب أن ندفع بالبلاد لتصل مرة أخرى إلى مرحلة التقويم الهيكلي، وأطلب من الله وأنا على قيد الحياة وحتى إن مت ألا يصل المغرب إلى تلك المرحلة من جديد”، مخاطبا من يصفونه بأنه تكنوقراط ورؤيته مختلفة عن رؤية السياسي بقوله: “أنا عشت هذا الأمر، وسال المجرب حسن ما تسال الطبيب”. وأوضح الجواهري أنه ليس ضد الحوار الاجتماعي، مبرزا أنه يتحدث عن المصاريف، مشيرا أنه لم يسبق له أن قال “لا للزيادة في الأجور”، مشددا على أنه “لا يمكن القيام بعمل يجعل انعكاسه على عوامل أخرى هي أسوء بالنسبة للمستقبل البلاد”. وشدد الجواهري على أن الحكومة يجب أن تحدد المصاريف والمداخيل، وتوزع عبء هذه الأخيرة، كما دعت إليه توصيات المناظرة الوطنية الأخيرة للجبايات، مستطردا: “عندما أرى بعض المصاريف أتساءل هل هذه هي الأولويات؟”، مضيفا أنه بحكم تجربته فإنه “لا يمكن إجراء الحوار الاجتماعي في هذه الظرفية، لأن لدينا متأخرات ثلاث أشهر من العملة الصعبة”. وقال الجواهري إن الزيادة في أجور الموظفين يجب أن يقابلها زيادة أيضا في الإنتاجية، مضيفا أن هناك صعوبات أمام المغرب، إذا لم يقم بالخطوات الصحيحة بشأن عجز الميزانية وتحسين الميزان التجاري. وانتقد والي بنك المغرب ما ورثه المغرب من قوانين عن الاستعمار الفرنسي، بقوله: “وكلنا الله على الفرانسيس لي ورثنا عليهم شحال من حاجة”، معتبرا أن القوانين الفرنسية معقدة، من قبيل أن نظام التقاعد مثلا يضم 42 نظاما وحينما أرادوا توحيدها وجدوا أن معظمها يعاني من العجز بقيمة تفوق مليار أورو، وهو ما يعني أن تجاوز العجز سيتم عبر الزيادة في الضرائب على المواطنين، مبرزا أن هذا ليس حلا، وأن السلم الاجتماعي ينبغي أن يتم إيجاد حل له في إطار تشاركي وليس فرضه من طرف جهة واحدة عبر الزيادة في الأجور دون مقابل في زيادة الإنتاج وتحسينه. وفي سياق متصل، أشاد والي بنك المغرب، بمصادقة صندوق النقد الدولي للخط الأخير للوقاية والسيولة والذي لم يستغله المغرب بعد. وأوضح أنها “المرة الرابعة التي نتفاوض فيها على قرض ساري المفعول، وقد تمت الموافقة عليه من قبل مجلس إدارة الصندوق دون صعوبة وبالتوافق مع الأعضاء الحاضرين”. وقال إنه “شيء جيد، لأن المغرب لا يعتمد على هذا القرض بعد، ولا يحتاج إليه بالنظر إلى مستوى احتياطياته من النقد الأجنبي، ما لم تحدث صدمات خارجية”. وأضاف أن “المغرب هو الوحيد الذي يستفيد من خط الوقاية والسيولة على مستوى أعضاء صندوق النقد الدولي”، مذكرا أنه من أجل الموافقة على هذا الخط، وهو الرابع من نوعه بالنسبة للمغرب، كان على خبراء صندوق النقد الدولي تحليل مجمل توازنات الاقتصاد الكلي والإصلاحات التي قام بها المغرب. يذكر أن مجلس إدارة صندوق النقد الدولي قد وافق على اتفاق خط جديد للوقاية والسيولة لفائدة المغرب بمبلغ 2.15 مليار من حقوق السحب الخاصة (حوالي 3 مليارات دولار) في دجنبر 2018.