أسدل الستار أمس الثلاثاء على فعاليات الدورة الرابعة للمنتدى الإفريقي للأمن، الذي احتضنته مدينة الرباط منذ الأحد الماضي، حيث جمع ممثلين عن 35 دولة إفريقية، إضافة إلى 400 من الشخصيات والخبراء القادمين من مختلف بقاع العالم، حول موضوع “تأثير التغير المناخي على الأمن في إفريقيا” الذي يعد من صلب الاهتمامات الدولية. وفي سياق الحدث الدولي ذو البعد العالمي الذي وفر على مدى ثلاثة أيام فضاء للتفكير وتلاقي المبادرات بهدف إعطاء ردود ملموسة ومناسبة للرهانات التي سيكون على القارة الإفريقية مواجهتها – سواء في الحاضر أم المستقبل، دعا رئيس مركز البحوث والدراسات الجيوستراتيجية “أطلنتيس”، ادريس بنعمر، أول أمس الاثنين، إلى التفكير بجدية في نموذج جديد للتعاون الإفريقي يتيح رفع التحديات الأمنية والبيئية التي تواجهها القارة. وأوضح بنعمر، خلال افتتاح منتدى الأمن الإفريقي، الذي تمحور حول مواضيع “الأمن الغذائي وتدبير الماء” و”النمو الديمغرافي والتنمية الفلاحية” و”حلول استباقية لمشاكل المستقبل”، أن انعكاسات التغيرات المناخية على المشهد السياسي العالمي تحد من استقرار المناطق الهشة وتضعف أمنها، مشيرا إلى “تصاعد التوتر في بعض المناطق بالقارة الإفريقية وبروز مشاكل أمنية عديدة”. وأكد المتحدث عينه، خلال هذا المنتدى، الذي ينظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، في إطار شراكة بين مركز “أطلنتيس” والمنتدى الدولي للتكنولوجيا الأمنية، أن الوتيرة الحالية لهذه التغيرات، لاسيما ارتفاع مستوى البحار وذوبان الثلوج والتغيرات القصوى في مستوى التساقطات، وكذا وتيرة وكثافة العواصف والأعاصير، تخلف نتائج غير مسبوقة على المستوى الأمني. ولفت إلى أن هذه الظواهر المختلفة تؤثر سلبا على مصادر المياه والمنتوجات الفلاحية، وكذا على ازدهار إفريقيا، كما تؤدي إلى احتمالات النزاع حول الموارد المائية، التي قد تستخدم أحيانا كسلاح، فضلا عن تنامي حركات الهجرة وما يترتب عليها من آثار اقتصادية واجتماعية وسياسية. وسجل بنعمر أنه بالنسبة لبعض بلدان القارة، فإن مشاكل التغيرات المناخية بالإضافة إلى الضغط الديمغرافي والاقتصادي والسياسي ستحد من قدرتها على التحرك، خاصة مع صعوبة تدارك الزمن، ويدخلها في حلقات من التصادم إذا لم يتم التدخل للحد من انعكاسات التغيرات المناخية، أو التخفيف من آثارها. وقال إن المنتدى يهدف إلى إتاحة فضاء لتقاسم الأفكار وتبادل التجارب بين خبراء إدارات الدولة ومؤسسات البحث والمقاولات الخاصة، وهو ما يتيح للبلدان المشاركة على مستوى القارة مساحات للتفكير والاقتراح بشأن العديد من التحديات التي ستواجهها إفريقيا في أفق سنة 2050. من جانبه، أبرز الرئيس المؤسس لجمعية “الطاقة من أجل إفريقيا”، جان لوي بورلو، انعكاسات التغيرات المناخية على العالم والمحيطات وعلى الأمن الغذائي، مؤكدا تنامي حدة الاضطرابات المناخية، معربا عن الأسف لكون مشكل التغيرات المناخية يرتبط بإشكالية الطاقة بالقارة الإفريقية، مسجلا أن 65 في المئة من الساكنة لا تصل إلى مصادر الطاقة. وشدد، في هذا الصدد، على أهمية الطاقة في القرن ال21 كمحرك أساسي لكل نمو اقتصادي واجتماعي، داعيا إلى إعداد مشاريع تروم الولوج الشامل للطاقة، ولمخطط من أجل الماء والتطهير، والأمن الغذائي والبنيات التحتية، ولافتا إلى أن القارة الإفريقية “تشكل فرصة بالنسبة لأوروبا”. ونوه، في هذا السياق، بالدور المحوري الذي يمكن أن يضطلع به المغرب في تفعيل مشاريع مشتركة بين أوروبا وإفريقيا، لاسيما بفضل ريادة جلالة الملك محمد السادس، وكذا من خلال موقعه الجغرافي وثقافته، مشيدا بالمشاريع التي تباشرها المملكة في مجال تنمية الطاقات المتجددة والصناعة الغذائية والبنيات التحتية. هذا وقد استقبل منتدى الأمن الإفريقي 2019 خبراء مرموقين، ينتمون للوزارات والإدارات المعنية على الصعيد القاري، ومتخصصين في هذه الإشكاليات، ومسؤولين سامين في منظمات إقليمية وجهوية قارية، وممثلين عن المنظمات الدولية التي تعنى بهذه المواضيع. وقد شارك ضمن فعاليات المنتدى إلى جانب المغرب كل من جنوب إفريقيا، ألمانيا، الجزائر، أنغولا، النمسا، بلجيكا، البنين، بوتسوانا، البرازيل، بوركينا فاسو، بوروندي، كندا، الكاميرون، الرأس الأخضر، الصين، جزر القمر، الكونغو برازافيل، كوت ديفوار، الدنمارك، جيبوتي، مصر، إريتريا، إسبانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، إثيوبيا، فنلندا، فرنسا، الغابون، غامبيا، غانا، بريطانيا العظمى، غينيا بيساو، غينيا كوناكري، غينيا الاستوائية، آيسلندا، إيطاليا، كينيا، ليسوتو، ليبيريا، ليبيا، مدغشقر، ملاوي، مالي، موريتانيا، موزمبيق، ناميبيا، النيجر، نيجيريا، النرويج، أوغندا، جمهورية إفريقيا الوسطى، جمهورية الكونغو الديمقراطية، روسيا، روندا، السنغال، سيشيل، سيراليون، الصومال، السودان، جنوب السودان، السويد، سويسرا، تنزانيا، تشاد، توغو، تونس، زامبيا، زيمبابوي.