مظاهرة هادئة بالرباط ركزت على شعار «الشعب يريد إسقاط الفساد» مسيرة سلمية بالدار البيضاء وغياب تام للسلطات الأمنية لم يكن آخر أيام الشتاء عاصفا، كما كان يتوقع البعض بمدينة الرباط، فلا جحافل الناس الموعودة خرجت إلى الشوارع للتظاهر، ولا جادت السماء بآخر قطرات المطر. كان جوا هادئا ربيعيا بامتياز، وكذلك كانت المسيرة التي دعا إليها شباب حركة 20 فبراير، بل كانت أكثر تنظيما من سابقتها قبل شهر، ولكنها أقل استقطابا للحشود البشرية. في الساعات الأولى من الصباح، كان الهدوء يسود العاصمة الرباط، كما هي العادة في آخر أيام العطلة الأسبوعية، حركة سير خفيفة ومواطنون معدودون على رؤوس الأصابع، ومحلات تجارية مغلقة في أغلبها، إلا أن الملفت للانتباه، الانتشار المكثف للقوات العمومية، متمركزة في أهم النقط الرئيسية والمحاور الحيوية، كان هدوءا مشوبا بالحذر. حوالي الساعة السابعة و45 دقيقة، بدت ساحة باب الأحد، المنطلق الموعود للمسيرة، شبه خالية إلا من بضعة أشخاص، منهم من كان ينتظر وسائل النقل، منهم من اعتاد تلمس الطريق من المكان للذهاب للعمل، ومنهم من جاء للمشاركة في المسيرة، لكن لا شيء يثير الانتباه حقا. مع توالي الدقائق بدأت المشاركون يتوافدون على الساحة، من كل حدب وصوب، وبدأت تتشكل مجموعات بشرية صغيرة هنا وهناك، تبادلون التحية حينا و أطراف الحديث حينا آخر، يستطلعون الأفق بين الفينة الأخرى لاستقبال هذا وذاك. بينما أخلت القوات العمومية تقريبا المكان وظلت تراقب الوضع عن قرب. أول ما كان يثير الانتباه من خلال المنظر العام، أولئك النسوة المنقبات والمحجبات اللواتي اقتعدن جانبا على مقربة من السور القديم، منعزلات عن بقية المشاركين قليلي العدد، يستقبلن من حين لآخر امرأة أو اثنتين لتعزيز عددهن، وإن كان قليل نسبيا، إلا أن منظرهن كان يثير حقا الانتباه. وحين لم يبق على موعد انطلاق المسيرة إلا بضع الوقت كانت المشاركون قد التفوا في دائرة واحدة، يتقدمهم شباب حركة 20 فبراير، قبل أن يحتل بعض قادة الهيئات السياسية مقدمة المسيرة. كانت حركة المسيرة متثاقلة لا تكاد تخطو خطوتين حتى تتوقف لبعض الوقت، فيما كانت جموع المشاركين لازالت تصل تباعا للانضمام إليها. ففيما لم يتعد عدد المشاركين أثناء انطلاق المسيرة بضع عشرات المئات، ومع كل خطوة كانت تزداد عددا. ورغم محاولة شباب حركة 20 فبراير تنظيم سير المسيرة، إلا أن بعض التنظيمات السياسية حاولت أن تنقض أكثر من مرة على التنظيم. ومقارنة مع مسيرة 20 فبراير الماضي، فقد كان تنظيم مسيرة أمس الأحد أكثر إحكاما، وأكثر انضباطا، وخلت من شعارات إيديولوجية وحتى دستورية، إلا في بعض اللافتات المرفوعة. وبينما قدرت السلطات الأمنية عدد المشاركين ببضع عشرات المئات من المتظاهرين، أكد حركة 20 فبراير أن المشاركين في مسيرة الرباط تجاوزوا 10 آلاف مشارك، تظاهروا بشكل سلمي وحضاري، فيما كانت قوات الأمن بعيدة عن المسيرة، واقتصر تواجدها في المحاور الرئيسية والأزقة المتفرعة عنها. وكانت مجمل الشعارات التي رفعها المتظاهرون لا تتجاوز سقف المطالب التي تم رفعها خلال تظاهرات 20 فبراير، خاصة في شقها المتعلق بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، فيما لوحظ أن الشعارات المرتبطة بالإصلاحات الدستورية قد خفتت بالمقارنة مع ما قبل الخطاب الملكي ل 9 مارس الجاري، وأن التركيز كان بالأساس على الأجرأة الفعلية للإصلاحات الدستورية. وحمل المتظاهرون يافطات والصور التعبيرية مختلفة الأشكال والأحجام كتبوا عليها «الشعب يريد إسقاط الفساد»، «الشعب يريد إسقاط البوليس الاقتصادي: بوهمو الماجيدي والصفويوي» في إشارة إلى ما يعتري المؤسسات الاقتصادية من فساد وسيطرة بعض النافدين من صناع القرار السياسية على أهم المؤسسات الانتاجية. كما طالب المتظاهرون بإجراء إصلاحات جوهرية في الحقل الإعلامي العمومي وإبعاد من وصفوهم ب «البوليس الإعلامي» وترجموا ذلك في شعار «الشعب يريد إسقاط البوليس الإعلامي : العرايشي سيطايل والصايل»، كما طالب المتظاهرون بمحاكمة من وصفوهم ب «رموز الفساد» وعبروا عنهم بيافطات كتب عليها «الشعب يريد محاكمة هؤلاء: الضريس، الهمة، العماري، السنتيسي». وكان لافتا حضور الشباب حمالي الإجازات المعطلين الذي طالبوا بدورهم بالحق في التشغيل والحق في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، والتنديد بالتوظيفات المشبوهة، كما لوحظ خلال هذه التظاهرة بروز مطالب فئوية من قبيل «تجار سوق الغزل يطالبون بفتح السوق بعد مرور سنة ونصف من إغلاقه بحجة إعادة التهيئة» وفئة أخرى رفعت شعار «سكان مشروع الكورة: أغثنا بالإصلاحات يا جلالة الملك». واستمرت مسيرة الرباط إلى حدود الساعة الثالثة مساءا قبالة محطة الرباطالمدينة في جو سلمي وحضاري، وقد تميزت هذه المسيرة ببروز بعض الحركات المنظمة التي تتوفر على تجهيزات لوجيستيكية جيدة من قبيل مكبرات الصوت المحمولة على سيارات البيكاب، بالإضافة إلى الظهور الخافت لما بات يعرف ب «حركة باركا» التي كانت معزولة وسط المتظاهرين، وحركة التغيير الديمقراطي التي ينتمي أغلبها إلى شبيبات بعض الأحزاب السياسية. وفي الدارالبيضاء، استجاب آلاف من المواطنين، أمس الأحد، للمشاركة في مسيرة شعبية بالعاصمة الاقتصادية، دعت إليها «حركة 20 فبراير»، للتعبير عن مجموعة من المطالب ذات الصبغة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ففي حدود الساعة العاشرة من صباح أمس الأحد، أعطيت انطلاقة المسيرة، من ساحة النصر بدرب عمر، من طرف أحد أعضاء «حركة 20 فبراير بالدار البيضاء»، الذي أكد على «الطابع السلمي للتظاهرة»، كما حيى بقوة «الأحزاب السياسية والهيئات النقابية والحقوقية والجمعوية المساندة لها»، وحمل «المسؤولية للجهات الأمنية، في حالة وقوع أي أحداث»، في إشارة إلى تدخل السلطات الأمنية، يوم 13 مارس الجاري، لتفريق المشاركين في وقفة احتجاجية سابقة. وردد المشاركون في هذه المسيرة، التي دامت حوالي ساعتين وربع، قبل أن تنتهي بشارع الحسن الثاني، قرب ساحة «نيفادا»، عدة شعارات، سبق أن تم رفعها في وقفات احتجاجية سابقة، ضمنها، «إسقاط الاستبداد، وحل الحكومة والبرلمان، وتغيير الدستور، ومحاربة الفساد...» كما تم رفع أعدادا من اللافتات تعبر عن مطالب متعددة لم يتجاوز سقفها المطالب المعبر عنها سابقا. وتميزت المسيرة، التي عرفت مشاركة واسعة للشباب، وحضورا بارزا للمرأة، بالإضافة إلى الأطفال والشيوخ، بتنظيم محكم، حيث لم يسجل أي حادث خلال المسيرة، كما لوحظ غياب القوات العمومية بمختلف أصنافها (الشرطة، القوات المساعدة، فرق الصقور، التدخل السريع)، باستثناء رجال الأمن الذين يشرفون على تنظيم حركة المرور، وآخرين بالزي المدني. ويبدو أن السلطات الأمنية بالدار البيضاء، في رأي مجموعة من المراقبين، استوعبت درس 13 مارس، وعملت على عدم تكرار نفس الخطأ، حيث غابت الحواجز الأمنية، وهو الأمر الذي انتبه إليه منظمو المسيرة، ودفعهم إلى تذكير المشاركين، في كل مرة، بأن المسيرة سلمية، من خلال ترديد شعار»مسيرة سلمية، لا حجرة، لا جنوية». وفي حدود الساعة الثانية عشرة ونصف زوالا، أعلن أحد أعضاء «حركة 20 فبراير» عبر مكبر للصوت، عن انتهاء المسيرة، وبعد أن شكر كل المشاركين القادمين خصوصا من مدن المحمدية، بنسليمان، برشيد والجديدة، وكذا بعض أفراد الجالية المغربية بالخارج، قائلا، إن «هذه المسيرة، تعبير عن ولادة جديدة للمغرب، وعن عدالة المطالب التي تم رفعها» مؤكدا، على أن «مسيرة 20 فبراير ستستمر، وأننا سنستمر في نضالنا السلمي إلى حين تحقيق مطالب الحركة». كما عبر في الوقت نفسه عن تضامن الحركة، مع شعوب المنطقة المغاربية والعربية التواقة إلى التغيير. وبمدينة بطنجة، تجمع آلاف المتظاهرين بساحة بني مكادة، قبل انطلاق المسيرة الوطنية التي دعت إليها حركة 20 فبراير. وحسب مصادر مطلعة، فإن مسار هذه التظاهرة السلمية، كما حدده المنظمون، من شارع مولاي سليمان في اتجاه ملتقى شارع الجيش الملكي ثم ساحة المغرب، شارع فاس حتى مدار بئر أنزران، ثم شارع سيدي محمد بن عبد الله في اتجاه مدار عين قطيوط. وفي مدينة إنزكان تجمع أكثر من 5000 متظاهر انتظموا في مسيرة في اتجاه أكادير سيرا على الأقدام، حيث من المرتقب أن يكون قد عبر المتظاهرون نحو سبع كيلومترات إلى ساحة الأمل بوسط مدينة أكادير. ورفع المتظاهرون لافتة كبيرة كتب عليها «نضال مستمر حتى تحقيق المطالب»، كما رفعت شعارات وأعلام أمازيغية.وعرفت الوقفة مشاركة تنظيمات يسارية وشباب حركة 20 فبراير، وأعضاء من جماعة العدل والإحسان، وطلبة ومعطلين وأعضاء من جمعية» أطاك». وفي فاس، انطلقت التظاهرات من ساحة فلورنسا مرورا بشارع الحسن الثاني، متجهة صوب مقر ولاية جهة فاس بولمان، وقاد التظاهرات شباب من حركة 20 فبراير تؤازرهم فعاليات سياسية، والطلبة المعطلين، وجمعيات مدنية بالإضافة إلى أعضاء من جماعة «العدل والإحسان»، ومتقاعدين من الجيش. وقدر المنظمون عدد المتظاهرين ب 6000 فيما قدرتها السلطات المحلية في 800 متظاهر، بينما قدرها مراسلنا في ما بين 1000 و1500. وقد مرت في أجواء عادية ولم تسجل أي أحداث. ورفع المتظاهرون شعارات تنتقد حميد شباط، عمدة المدينة، ووالي المدينة، بالإضافة على شعارات ترفع مطالب اجتماعية، وشعارات تنديد بنهب المال العام وتطالب بحل الحكومة والبرلمان. وفي الحسيمة، خرج المئات للتظاهر في المدينة وفي ضواحيها مثل إمزورن وبوكيدارن. ونفس العدد من المتظاهرين تجمع أمام مقر ولاية مدينة كلميم بالجنوب، حيث قدر عدد المتظاهرين بنحو 350 متظاهر. وعرفت مدن أخرى مثل خريبكة والخميسات خروج المئات للتظاهر. كما شاركت فعاليات سياسية ونقابية وجمعوية في مسيرة بمدينة قلعة السراغنة، التي انطلقت من وسط المدينة في اتجاه عمالة الإقليم. وردد المتظاهرون الذي قارب عددهم 1000 مشارك بحسب تقديرات مراسلنا في عين المكان، شعارات تنادي بالإصلاحات السياسية والاجتماعية والثقافية. وطبعت الأجواء السليمة هذه المسيرة الوطنية رغم التواجد المكثف لرجال الأمن الذين تعاملوا بأسلوب حضاري مع هذه التظاهرة. وفي مدينة بني ملال، شارك حوالي 250 شابا وشابة في مسرة سلمية، استمرت حوالي ساعة وجابت أهم شوارع المدينة، ورددت فيها شعارات متعددة، أبرزها» لنكافح من أجل إسقاط الفساد والإستبداد».