غالبية النساء المنتخبات مستقيمات ولا يستهويهن الترحال السياسي والتوافقات كشف التقرير الذي أعدته مديرية الجماعات المحلية بوزارة الداخلية حول وضعية ممارسة وظيفة المرأة المنتخبة ومشاركة النساء في الحكامة المحلية أن وجود النساء في الجماعات المحلية شكل إضافة نوعية، على اعتبار أنهن أبدين انفتاحا كبيرا على قضايا الساكنة وتشبثا بمصالحها وقدرة على التواصل والإنصات. وهذا الأمر يعود بالأساس استنادا لنتائج التقرير الذي أنجز تنفيذا لاتفاقية الشراكة حول «برنامج الحكامة المحلية» والتي تجمع بين وزارة الداخلية والمنظمة الأمريكية للتعاون الدولي، إلى الاستقامة العالية التي يتمتع بها النساء المنتخبات والتجربة الجمعوية لغالبيتهن وعدم ممارستهن داخل المجالس الجماعية لسلوك سلبي على المستوى السياسي من مثل «الترحال السياسي، التوافقات والتحالفات». وفي المقابل أظهر التقرير فيما يخص ولوج النساء المنتخبات إلى مناصب المسؤولية على مستوى المجالس المحلية، أن النساء يوجدن بين وضعيتين متناقضتين، ذلك أن القوانين الانتخابية مكنتهن من تحقيق مكاسب مهمة بحيث رفعت من عددهن داخل المجالس الجماعية، في حين أن استمرار التقاليد والعقلية الذكورية لازالت تحد من ولوجهن مناصب المسؤولية الخاصة بتدبير الشأن المحلي. وأوضح في هذا الصدد «إن النساء المنتخبات يعشن وضعية جد فريدة، فمن جهة يستفدن من التقدم التشريعي الذي أتاح اعتماد مبدإ الحصي (الكوطا)، ومن جهة أخرى بمجرد ما يتم انتخابهن يجدن أنفسهن في مواجهة تدبير جماعي مثقل بالتقاليد السياسية والسوسيو ثقافية أو الهيمنة الذكورية التي تشبه نوعا من الاحتكار الحقيقي للتدبير المحلي». ويبرز هذا الوضع بشكل جلي من خلال النسبة المائوية للمستشارات اللواتي انتخبن رئيسات للمجالس بحيث أن 0.5 منهن فقط انتخبن رئيسات، و6,53 في المائة يشغلن منصب نائبة الرئيس، في حين أن 18,5 في المائة منهن تمكن من الوصول إلى رئاسة اللجان. وأضاف أن عضوات المكاتب أي التي تمكن من ولوج مجال القرار الجماعي لا تشكلن سوى 42.72 في المائة، مقابل نسبة 57.28 من النساء المستشارات خارج المكاتب أو الأغلبية المنتخبة، أو بما سماها التقرير المتواجدات خارج مجال التدبير الحقيقي للمجالس المحلية. ومن جانب آخر أكدت نسبة 97 في المائة من النساء المنتخبات المنتميات لجهة دكالة عبدة، وجهة فاس بولمان واللتين شملتهما الدراسة كجهتين نموذجيتين لتطبيق مشروع الحكامة المحلية، على أن مأسسة نظام الكوطا ب 12 في المائة شكل عاملا فاصلا في الرفع من تمثيلية النساء في المجالس المنتخبة، لكن نسبة 3 في المائة منهن اعتبرن أن ذلك يبقى غير كاف، اعتبارا لكون عدد النساء المنتخبات قليل بالإضافة إلى مواجهتهن للعديد من الإكراهات، هذا فضلا عن عدم ملاءمة مناخ العمل الذي يهيمن عليه الرجال وولوجهن المحدود لمناصب المسؤولية بالمجالس وعدم تأثيريهن على اتخاذ القرار محليا. وطالبن في هذا الصدد بالرفع من الكوطا واتخاذ إجراءات إرادية على المستوى التشريعي والقانوني لجعل تمثيلية النساء مهمة، بما يمكنهن من التأثير على القرارات المحلية وجعل الحكامة المحلية أكثر فاعلية وذلك من خلال إدماج مختلف أصناف النوع الاجتماعي وتطوير الحقل السياسي نحو المزيد من مساواة النوع الاجتماعي. فيما طرحت السلطات المحلية في هذا التقرير المنجز خلال شهر يوليوز 2010، أي بعد مرور سنة من ممارسة النساء المنتخبات لوظائفهن داخل المجالس المحلية منذ يونيو 2009، العديد من الاقتراحات التي ترى أنها ضرورية لتحسين فعالية النساء المنتخبات في الجماعات المحلية، داعية في هذا الإطار إلى مصاحبة اللائحة الإضافية بإجراءات عملية من أجل القيام بوظيفتها الأساسية، ودعم الأحزاب لتكوين مستشاراتها، وقيامها بالاختيار الصائب للرجال والنساء الذين لهم القدرات اللازمة وقت تهييء اللوائح الانتخابية، هذا فضلا عن العمل على تقوية التواصل وتفعيل وتعزيز أدوار لجنة المساواة وتكافؤ الفرص للقيام بمهامها، ودعم النساء المنتخبات في البرامج الجماعية والعمومية لمحاربة الأحكام الجاهزة والصور النمطية المتعلقة بالمرأة المنتخبة.. فيما أكد موظفو المجالس الجماعية (الكتاب العامون، وكلاء المداخيل، مهندسون، تقنيون..)، الذين شملهم هذا البحث، والذين أبدوا وعيا برهان المساواة، على أهمية نظام الكوطا كضرورة لتمكين النساء من ولوج مجال القرارات الجماعية، هذا على أن يكون هذا التمييز الإيجابي والذي يهم مجال السياسة آلية يتم الأخذ بها بشكل مؤقت. واقترحوا لدعم احترافية النساء المنتخبات في مسار تدبير الجماعات المحلية، التركيز على تقوية قدرات النساء المنتخبات عن طريق التكوين في مجال التدبير والتسيير الجماعي وامتلاك المعارف والمعلومات الضرورية الخاصة بمهام واختصاصات الجماعات المحلية، وأيضا التركيز على تكوين الرجال المنتخبين في مجال حقوق النساء ومساواة النوع الاجتماعي للتمكن من أخذها بعين الاعتبار في السياسات العمومية.