يسعى باحثون في المكسيك إلى استخدام الصبّار الشائك الذي يزيّن علم البلاد لإنتاج مواد بلاستيكية قابلة للتحلل، كحلّ بيئي ابتكاري يكون بديلا عن الأكياس الملوثة. وأصبح التلوث البلاستيكي مصدر قلق عالمي، خاصة مع الأرقام المرعبة الصادرة عن الأممالمتحدة، والتي تشير إلى أن أكثر من 8 ملايين طن من البلاستيك تدخل مياه المحيطات سنويا. وفي المكسيك، تتواصل المساعي من أجل التوصل إلى منتجات بديلة عن البلاستيك، قبل أن يدخل الحظر الذي فرضته الحكومة على المنتجات البلاستيكية حيّز التنفيذ العام المقبل، وهنا يأتي دور نبات الصبّار، الذي لا يزيّن العلم المكسيكي فقط، بل أصبح له دور بيئي جديد، يتعلّق بإنتاج المواد البلاستيكية القابلة للتحلل، حيث، طوّرت باحثة مكسيكية مواد للتغليف من خلال هذه النبتة، آملة بأن تقدّم حلاّ واعدا لواحدة من أكبر المشكلات البيئية في العالم. ويتألف معظم البديل الجديد من عصارة أوراق الصبّار، ويمتاز بسرعة التحلل البيولوجي، وعدم حاجته للنفط الخام، على غرار المواد البلاستيكية التقليدية، ويُحتمَل أن يكون وسيلةً أقلّ ضررا لتعبئة وتغليف المواد الغذائية والسلع الأخرى. وقالت ساندرا باسكوي التي طورت هذا المنتج والتي تعمل في جامعة أتيماخاك فالي في مدينة غوادالاخارا غرب البلاد، "أستخرج العصير من اللبّ لأستخدم السائل لاحقا في إنتاج المواد". وفي ما بعد، يخلط السائل مع إضافات غير سامة لتحويله إلى أوراق تصبغ بألوان مختلفة، وتطوى لتشكّل أنواعا مختلفة من الأغلفة. وأضافت، "أن ما نقوم به هو محاولة التركيز على الأشياء التي لا تتمتع بعمر طويل، خاصة العبوة ذات الاستخدام الواحد". وتبدأ المواد البلاستيكية البديلة الجديدة بالتحلل بعد مكوثها شهرا في التربة، وتبدأ عملية تحللها في الماء خلال أيام فقط، وقالت المهندسة المكسيكية، "المنتج الجديد ليس سامّا ويمكن للبشر أو الحيوانات تناول جميع المواد المستخدمة في تصنيعه دون أن يسبّب أيّ ضرر". وإضافة إلى ذلك لا تهدّد المادة الجديدة المحيطات إن وصلت إليها، فهي إما أن تصبح طعاما للكائنات البحرية، وإما أن تذوب قبل ذلك. لا تهدد المادة الجديدة المحيطات إن وصلت إليها، فهي إما أن تصبح طعاما للكائنات البحرية، وإما أن تذوب قبل ذلك وتقتصر عملية التصنيع في الوقت الحالي على مختبر الباحثة، وتقضي عشرة أيام في إنتاج دفعة واحدة من عصارة الصبار ومزيج من المكوّنات المتجددة الأخرى. وترى أورتيز أن توسيع نطاق العملية ونقلها إلى منشأة صناعية، سيسهم في تسريعها لتنافس البلاستيك التقليدي. ولا تزال هذه الباحثة تجري اختبارات، لكنها تأمل في الحصول على براءة اختراع لمنتجها في وقت لاحق من هذا العام والبحث عن شركاء في أوائل العام 2020، بهدف الإنتاج على نطاق أوسع. وهذا الصبّار الذي تستخدمه باسكوي لتجاربها يأتي من سان استيبان، وهي بلدة صغيرة على مشارف غوادالاخارا حيث تنمو هذه النبتة بالمئات. وتقع سان استيبان في ولاية خاليسكو حيث ستحظر الأكياس البلاستيكية غير القابلة لإعادة التدوير وقشات الشرب، وغيرها من المنتجات المعدّة للاستخدام الواحد ابتداء من العام المقبل. وقد أقرّت العاصمة المكسيكية وولايات مثل باها كاليفورنيا أيضا تدابير مماثلة. ففي شهر مايو، اعتمدت العاصمة حظرا "تاريخيا" على الأكياس البلاستيكية يدخل حيّز التنفيذ في العام 2020. وبدءا من العام 2021، ستحظر أيضا قشات الشرب والصفائح البلاستيكية وأدوات المائدة والبالونات المصنوعة من البلاستيك "كليا أو جزئيا"، وفقا لمشروع القانون الذي اعتمده الكونغرس المحلي. ولفتت باسكوي إلى أن موادها الجديدة لن تكون أكثر من "قطرة في المحيط" في معركة الحفاظ على البيئة. وأوضحت أنه بالنظر إلى الإنتاج الهائل للمواد البلاستيكية الصناعية والوقت الذي تحتاج إليه لإنتاج موادها، تدعو الحاجة إلى اعتماد "استراتيجيات أخرى لإعادة التدوير" لإحداث أيّ فرق ملموس. وتولّد أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي حوالي 10 بالمئة من النفايات في أنحاء العالم وفقا لأرقام الأممالمتحدة. ويتزايد الاهتمام العالمي بهذا النوع من الابتكارات للحد من استخدام البلاستيك المنتشر بكثافة في مكبات النفايات والغابات والصحارى والمحيطات، وبكميات هائلة من النفايات المصنعة من النفط الخام التي تستغرق قرونا عديدة لتتحلل. في مارس، التزمت الدول الأعضاء في الأممالمتحدة التي كانت مجتمعة في نيروبي تخفيض استعمال المواد البلاستيكية المُعدّة للاستخدام الواحد "تخفيضا ملحوظا" خلال العقد المقبل. وتشير تقارير عالمية إلى أن التغييرات البسيطة في سياسة استخدام البلاستيك، من شأنها إحداث فارق كبير لصالح البيئة في المحصلة، وأدّى حظر الأكياس البلاستيكية في أكبر سلسلتين من المتاجر في أستراليا، منتصف العام الماضي، إلى انخفاض الاستهلاك الإجمالي للبلاد من الأكياس البلاستيكية بنسبة 80 بالمئة. وصوّت الاتحاد الأوروبي في أكتوبر 2018على قرار حظر البلاستيك المُستخدَم لمرة واحدة بشكل نهائي بحلول العام 2021، ويبقى القانون بحاجة إلى إقرار الدول الأعضاء والموافقة عليه. ولم يقتصر الحظر على الدول المتقدمة، إذ فرضت الهند عام 2017، حظرًا على استخدام البلاستيك المُستخدَم لمرة واحدة في العاصمة نيودلهي. وأصدرت كينيا عام 2017، أحد أكثر القوانين صرامة في العالم، بحظر استخدام أكياس البلاستيك التي تحوّلت إلى وباء في البلاد، لتصل عقوبة انتهاك القانون إلى 38 ألف دولار وسجن يصلُ إلى أربعة أعوام. ويشمل الحظر استخدام أو استيراد أو تصنيع الأكياس البلاستيكية.