وضع المنتخب البرازيلي خلفه مذلة بيلو هوريزونتي 2014 حين مني بهزيمة مذلة أمام غريمه الألماني 1-7 في نصف نهائي “موندياله”، وذلك بإحرازه لقب كوباأمريكا 2019 بين جماهيره بفوزه أول أمس الأحد على بيرو 3-1. وعلى ملعب “ماراكانا” الشهير في ريو دي جانيرو وأمام 70 ألف متفرج، سجل إيفرتون (15) وغابريال جيزوس (45+3) وريشارليسون (90 من ضربة جزاء) للبرازيل، وباولو غيريرو (44 من ضربة جزاء) هدف بيرو. وهو اللقب التاسع للبرازيل في البطولة القارية والأول منذ لقب 2007 في فنزويلا. وكرست بطلة العالم 5 مرات آخرها عام 2002، قاعدة التتويج بكوبا أميركا في كل مرة استضافت فيها البطولة، وذلك للمرة الخامسة. واستضافت البرازيل البطولة القارية أعوام 1919 و1922 و1949 و1989 ونجحت في كل مرة بالتتويج بلقبها. أما الألقاب الأربعة الأخرى فجاءت خارج قواعدها أعوام 1997 في بوليفيا و1999 في بارغواي و2004 في بيرو و2007 في فنزويلا. وتقام النسخة المقبلة العام المقبل في الأرجنتينوكولومبيا. وجددت البرازيل فوزها على بيرو في النسخة الحالية بعدما كانت سحقتها بخماسية نظيفة في الجولة الثالثة الأخيرة من دور المجموعات. وحصدت البرازيل جميع جوائز البطولة، ففضلا عن اللقب القاري، نالت جائزة اللعب النظيف، واختير حارس مرماها أليسون أفضل حارس مرمى، وتوج مهاجمها إيفرتون بجائزة أفضل هداف برصيد 3 أهداف، علما بأنه اختير أفضل لاعب في المباراة النهائية، فيما كان قائدها داني ألفيش أفضل لاعب في البطولة. وفي طريقه إلى اللقب الأول له على الإطلاق منذ 12 عاما، وتحديدا منذ 2007 حين توج بطلا لكوبا أميركا بالذات، مر المنتخب البرازيلي بالملعب المشؤوم “استاديو مينيراو” في بيلو هوريزونتي الذي كان شاهدا على سقوطه التاريخي قبل 5 أعوام، لكنه نجح هذه المرة في التعويض بأفضل طريقة من خلال الفوز على غريمته التاريخية الأرجنتين 2-0 في نصف النهائي. وجاء التتويج التاسع للبرازيل بلقب كوبا أميركا، بغياب نجمها المطلق نيمار الذي غاب عن “سيليساو” بسبب إصابة في كاحله تعرض لها قبيل البطولة خلال مباراة ودية ضد قطر. وخلافا لكأس العالم 2014 حين غاب نيمار عن نصف النهائي ضد ألمانيا ثم مباراة المركز الثالث التي خسرتها بلاده ضد هولندا بثلاثية نظيفة بسبب إصابة تعرض لها في ربع النهائي ضد كولومبيا، لم يتأثر “سيليساو” بافتقاده لخدمات نجم برشلونة الإسباني سابقا وباريس سان جرمان الفرنسي حاليا وقدم أداء جماعيا بمزيج من لاعبي الخبرة والشباب. وفي شوارع البرازيل، احتفل المشجعون بهذا اللقب الذي توج به منتخب بلادهم “دون نيمار”، ومن ساو باولو عبرت إيلاين فييرا بيسوا دي سوزا (43 عاما) عن فرحتها لوكالة فرانس برس بالقول “نحن الأبطال مرة أخرى! والأفضل، أن الأمر تحقق دونه (نيمار). هذه هي البرازيل، بغض النظر من يلعب”. وسبق لمدرب المنتخب تيتي أن قال قبيل البطولة بأنه “لا غنى عن نيمار في ما يتعلق بنوعية لعب المنتخب البرازيلي، لكن بالإمكان تعويضه”. ومن المؤكد أن وجود نيمار في الاستحقاقات المقبلة، لاسيما مونديال قطر 2022، سيكون مصيريا للمنتخب البرازيلي الذي شكل تتويجه القاري خطوة هامة في البناء للمستقبل، على أمل محو الفترة السوداء التي مر بها أبطال العالم خمس مرات منذ إحرازهم لقبهم القاري الأخير عام 2007، حيث خرجوا من ربع نهائي مونديالي 2010 و2018 ونصف نهائي 2014، وربع نهائي كوباأمريكا في نسختي 2011 و2015 ومن الدور الأول للبطولة القارية عام 2016 في ذكراها المئوية. لكن كوبا أميركا 2019، أظهرت بأن البرازيل تملك الخيارات اللازمة لتعويض لاعب من طراز نيمار الذي سجل 60 هدفا بقميص المنتخب في 97 مباراة. وانتظر البرازيليون أن يكون دافيد نيريس مفتاح المنتخب بعد الموسم الرائع الذي قدمه مع أجاكس أمستردام الهولندي، لكن إيفرتون هو من خطف الأضواء من الجميع على الرغم من أن الجناح الشاب (23 عاما) هو اللاعب الوحيد في التشكيلة الأساسية الذي يلعب في الدوري المحلي حيث يدافع عن ألوان نادي غريميو. وأنهى إيفرتون الذي يتميز بمراوغاته، البطولة القارية كأفضل هداف مشاركة مع البيروفي باولو غيريرو بتسجيله ثلاثة أهداف، أهمها الهدف الذي مهد به الطريق لمنتخب بلاده من أجل الفوز باللقب في الدقيقة 15 من المباراة النهائية. وهناك نجم آخر كان مؤثرا جدا هو لاعب مانشستر سيتي الإنجليزي غابريال جيزوس الذي، وعلى غرار إيفرتون، بدأ البطولة القارية من مقاعد البدلاء قبل أن يفرض نفسه أساسيا لا غنى عنه منذ مباراة الجولة الأخيرة من دور المجموعات ضد بيرو بالذات (5-0). ورغم أعوامه ال22، خلق جيزوس الفارق بالنسبة لبلاده، بتسجيله هدفا مع تمريرة حاسمة في مباراة نصف النهائي ضد الأرجنتين، ثم كرر الأمر ذاته في النهائي بتسجيله الهدف الثاني وتمريره كرة الهدف الأول لإيفرتون، قبل أن تنتهي مشاركته ببطاقة حمراء نتيجة نيله إنذارين، دون أن يكون لذلك عواقب وخيمة على البلد المضيف. وإذا كان الشباب عنوان القوة الهجومية للبرازيل، فإن خط الوسط مزيج بين الخبرة التي يؤمنها كاسيميرو وفيليبي كوتينيو (كلاهما 27 عاما)، والشباب المتمثل بآرثر (22 عاما). بالنسبة لتيتي، الخط الأهم الذي يجب التركيز عليه للمستقبل هو الدفاع الذي كان مفتاح نجاح المنتخب منذ أن تولى هذا المدرب منصبه قبل ثلاثة أعوام، إذ لم تتلق الشباك البرازيلية سوى 11 هدفا في آخر 42 مباراة، بينها واحد فقط في كوباأمريكا 2019. والمشكلة التي يواجهها تيتي، أن عليه إيجاد البديل لكل من تياغو سيلفا والقائد الجديد داني ألفيش الذي اختير أفضل لاعب في البطولة، لأن الأول يبلغ 34 عاما والثاني 36، ما يعني أن مشاركتهما في مونديال 2022 مستبعدة إلى حد كبير، لاسيما بالنسبة للأخير. وعلى تيتي أن يراقب إيدر ميليتاو (21 عاما) الذي خاض دقائق معدودة في نهائي الأحد، لمعرفة إذا كان يتمتع بالقدرات التي رأها فيه العملاق الإسباني ريال مدريد عندما قرر انفاق 50 مليون يورو لضمه الى صفوفه من بورتو البرتغالي بعقد لستة أعوام.