أضحت مدينة تندوف معزولة عن العالم الخارجي منذ الساعات الأولى من صباح أول أمس السبت، بعد التدخل العنيف لميليشيات ما يسمى المخابرات العسكرية وقواتها لتفريق تظاهرة أمام مقر قيادة البوليساريو ب «الرابوني» نظمها من يطلقون على أنفسهم «شباب الثورة الصحراوية»، واعتقال العديد من المشاركين فيها. وتدخلت ما يسمى «المخابرات العسكرية للبوليساريو» التي يتزعمها المدعو محمد لعكيك في الساعة الثامنة والنصف من صباح السبت بقوة لتفريق التظاهرة السلمية التي دعا إليها شباب الثورة الصحراوية للمطالبة بتغيير قيادة البوليساريو، والتنديد بالجرائم التي ارتكبتها في حق سكان المخيمات على مدى ثلاثة عقود ونصف، وتنديدهم بالفساد الذي تعرفه القيادة ومحاكمة المسؤولين عن الأوضاع المزرية التي يعيشها سكان المخيمات. ونقلت مصادر إعلامية أن العديد من المتظاهرين أصيبوا بجروح متفاوتة الخطورة جراء الهجوم العنيف الذي تعرضوا له، كما قامت قوات الأمن بمطاردة المتظاهرين لاعتقال من تعتبرهم العقول المدبرة لهذه التظاهرات، من أجل نزع الفتيل. وظلت المخيمات معزولة عن العالم الخارجي، بعد تفكيك المظاهرة السلمية، فيما تتحدث مصادر عن اعتقال العديد من الشباب الذين لا يزال مصيرهم مجهولا إلى الآن طالبوا بمحاكمة القادة المفسدين وتوسيع المجال للمشاركة في الحياة السياسية، ونددوا بما اعتبروه «تهميش الشباب وتخوينهم» وطالبوا ب»منحهم الثقة للمشاركة في الحياة السياسية، وإعادة الاعتبار للإطارات المهمشة». ورغم الهجوم العنيف الذي تعرض له المتظاهرون من طرف ميليشيات الأمن مدعومة بقوات ما يسمى بالجيش، بإيعاز وتحريض من المخابرات الجزائرية، إلا أن شباب الثورة الصحراوية أعلنوا مواصلة معركتهم، ووعدوا بالمزيد من الوقفات والصيغ النضالية والاحتجاجية إلى حين الاستجابة لمطالبهم بالتغيير من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والقبلية. وشنت قيادة البوليساريو حملة اعتقالات في صفوف الداعين إلى التظاهر، أياما قبل موعدها، وقامت بحملة تشويه واسعة للمجموعة في أوساط الرأي العام الصحراوي مستفيدة من العزلة التي تعيشها المخيمات عن العالم الخارجي بسبب عدم توفرها على أي اتصال بشبكة الانترنيت. وندد الناشط الحقوقي الصحراوي، الداهي أكاي، بما تعرض له الشباب في تندوف، مشددا على أن الاتصالات معهم انقطعت منذ صبيحة السبت بعد الهجوم العنيف الذي ووجهت به المظاهرة أمام مقر قيادة البوليساريو بالرابوني، ولا يعرف مصير العديد من الشباب المشارك في التظاهرة. وقال أكاي في تصريح لبيان اليوم، «إن ما يسمى بقوات أمن البوليساريو، التي يرأسها المدعو محمد لعكيك تدخلت بعنف في حدود الساعة الثامنة صباحا من يوم السبت، مدعومة بكتائب وزير الدفاع في الجمهورية الوهمية، محمد لامين ولد البوهالي، لتفريق تظاهرة سلمية لمجموعة من الشباب الذين يطالبون بالتغيير»، واستطرد أكاي بأن ما يجري بالمخيمات إرادة حقيقية من طرف الشباب لإعادة الحق المسلوب منهم، وبالتالي التنديد بالجرائم التي ارتكبتها قيادة البوليساريو الفاسدة في حق الصحراويين، ومختلف أشكال التصفية الجسدية التي ارتكبتها. ووصف الناشط الحقوقي الصحراوي ما يجري الآن في مخيمات تندوف ب «الخطير للغاية» يكشف التفكك الكبير داخل قيادة البوليساريو، التي أجرمت في حق الصحراويين، وسعيها إلى إحلال الجزائريين من أصول صحراوية مكان الصحراويين الحقيقيين، بدليل أن وزير الدفاع في الجمهورية الوهمية، وهو نفسه جزائري من أصول صحراوية، هو الذي يقود الهجوم على الشباب المطالبين بالتغيير ووضع حد للقيادة الفاسدة والظالمة. وأردف قائلا: «منذ 15 سنة ونحن ننبه العالم والمنظمات الحقوقية الدولية إلى خطورة الوضع في المخيمات، وما يتعرض له الصحراويون هناك، والمخطط الذي تعمل المخابرات الجزائرية على تنفيذه». مشددا على أن سكان المخيمات بتندوف يعلنون الآن رفضهم لهذا المخطط وخروج الشباب للتظاهر هو أكبر برهان على هذا الرفض. ونددت جمعية المفقودين في البوليساريو بالهجوم الشرس على المظاهرات السلمية المطالبة بتغيير القيادة الفاسدة للبوليساريو، وحملت في بلاغ لها، جبهة البوليساريو والمخابرات العسكرية الجزائرية عواقب ما أسمته «الاعتداء الوحشي الذي تعرض له المتظاهرون أمام مقر الأمانة العامة لجبهة البوليساريو بالرابوني»، مطالبة المنتظم الدولي بالتدخل العاجل من أجل ضمان سلامة المتظاهرين وحمايتهم من بطش قيادة البوليساريو والعمل على كشف الجرائم التي ترتكب في حق الأبرياء بمخيمات تندوف. وكان تنظيم «شباب الثورة الصحراوية» الذي يحمل شعار «التغيير نحو الأفضل»، أصدر بيانا يطالب ب»إصلاحات فورية في جهازي العدالة والإدارة، وضمان حق الانتخاب لجميع المواطنين في جميع الدوائر عبر صناديق الاقتراع، وإرجاع مال الشعب المنهوب ومحاسبة المفسدين». ولقي نداء شباب الثورة الصحراوية مساندة ودعما كبيرين من قبل حركة «خط الشهيد» المعارضة لقيادة «البوليزاريو» التي دعت إلى السماح للشباب للتعبير عن مطالبهم والتعجيل بتحقيق العدالة والديمقراطية وتغيير ما تسميه «القيادة الفاسدة للبوليساريو التي تتمسك بالسلطة منذ أكثر من 36 سنة، بما يمكن أن يضع حدا لمعاناة سكان المخيمات التي طالت أكثر من اللازم».