اشتهر اسما نعيم ومقيم ومثلهما تمّام ووئام وحسن وحسين وسليم وفهيم وخالد وسائد في المجتمعات العربية. ليس بسبب الحروف المتشابهة بين الاسمين وحسب، بل لأن الآباء اعتادوا اختيار تلك الأسماء لإطلاقها على الأشقاء التوائم. ومع أن حالة التوائم المتطابقة نادرة نوعا ما بين البشر، ولا تتجاوز 3 إلى 4 من كل ألف ولادة في جميع أنحاء العالم، إلا أن دراسة لافتة لوكالة أبحاث الفضاء الأميركية أجريت على التوائم وتأثير الفضاء عليها، قدمت نتائج مثيرة للغاية. اختارت ناسا أخوين متطابقي الشبه، هما سكوت ومارك. وأرسلوا سكوت إلى الفضاء ليمكث عاما كاملا في محطة الفضاء الدولية "آي.أس.أس″. بينما بقي مارك على الأرض. وتم إجراء تحليل متواصل لجميع العمليات الحيوية التي يقوم بها جسد كل منهما خلال تلك المدة. بالطبع ستكون هناك تأثيرات غير معروفة لاختلاف الجاذبية والإشعاع وبقية الظروف المحيطة بالجسدين المتطابقين إلى حد بعيد. وأولى النتائج كانت أن الفضاء هو مكان مناسب لبقاء صحة الإنسان أفضل مما هي الحال على سطح الأرض. على سبيل المثال نرى أن "التيلومترات"، وهي الجزيئات التي تقع على نهاية شرائط الحمض النووي والتي يتناسب طولها عكساً مع الشيخوخة، قد زاد طولها عند سكوت، وهذا يعني أنه لا يتقدم في العمر مثلما يحدث مع مارك على الأرض. إضافة إلى الكثير من الاختلافات المدهشة. وقد يعتقد البعض أن هذا الأمر لا يعنينا كثيراً، فما لنا وللفضاء؟ ومتى سيكون بوسعنا أن نعيش في أرجائه الشاسعة لنستفيد من حالتي سكوت ومارك. لكن هذا غير صحيح. لماذا؟ لأننا نعيش فعلاً داخل الفضاء وليس خارجه، وما الفارق بين اثنين عندنا على الأرض بمختلف كثيراً عن الفارق ما بين آخرَين يعيش كل منهما على كوكب مختلف. فلماذا نغفل الاختلاف في البيئات عندما نضع القوانين والشرائع والمناهج ونحكم البشر؟ لماذا كان الآباء يحاولون إطلاق أسماء متقاربة على التوائم؟ فقط كي يحصل ذلك التشابه والتناغم التام متجاوزا حدود الشكل إلى تشابه الشخصيات. لأن أحداً ما، في الماضي البعيد، أقنع الناس أن الاختلاف "فتنة"، وأن الفوارق بين البشر من "الخطايا" و"العيوب"، فعملوا على بناء مجتمعات متطابقة مستنسخة عن بعضها البعض، لتتحول حياة التوائم من نعيم مقيم إلى جحيم عميم.