أكد الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، أول أمس الثلاثاء بالرباط، أن إنجاح التحديات المرتبطة بتنزيل مجموع القوانين المنظمة للصحافة ووسائل الإعلام، رهين بتطوير النموذج الاقتصادي للمقاولة الإعلامية وتأهيل الموارد البشرية وإنجاح التحول الرقمي. وأوضح الخلفي، الذي حل ضيفا على ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء، لمناقشة موضوع “رهانات تفعيل النصوص المنظمة للصحافة ووسائل الإعلام”، في إطار احتفال الوكالة بذكراها ال60، أن القوانين تعد محددا في النهوض بحرية الصحافة، معتبرا في الوقت نفسه أنها تظل، في غياب المجهود التنظيمي والتفاعل، حبرا على ورق، مما لا يتيح تفعيل العديد من المكتسبات في المنظومة التشريعية والتي من شأنها تقديم ضمانات كبيرة على مستوى حرية الصحافة والولوج إلى الخبر. واستعرض الوزير بالمناسبة، الترسانة القانونية التي تمت بلورتها في المجال خلال فترة توليه حقيبة وزارة الاتصال، والتي بلغ عددها 68 نصا تشريعيا، وأهم مستجدات مدونة الصحافة والنشر وأيضا القانون الخاص بالهيئة العليا للاتصال السمعي البصري والقانون المعدل لقانون الاتصال السمعي البصري. ففي مجال الصحافة والنشر، تطرق الوزير إلى الجهود المبذولة على مستوى الإصلاح القانوني الذي شمل المقتضيات المتضمنة في قانون الصحافة والنشر المتعلقة بالمس بالدين الإسلامي والوحدة الترابية والنظام الملكي وتدقيق العبارات من قبيل الإساءة والتحريض، فضلا عن تدقيق الغرامات المالية. وأشار السيد الخلفي إلى أن ثورة تكنولوجيا المعلومات أفرزت منظومة من التحولات الكبيرة ذات الأثر على الحق في الولوج إلى المعلومة والترابط الكلي للعالم والبيانات الضخمة والمنصات الرقمية وأجيال شبكات الاتصال بالأنترنت والتي غيرت من طرق الوصول إلى الخبر وإنتاجه وبثه معتبرا أن المغرب يشهد على المستوى الرقمي وضعية “استباحة متوحشة”، مما يستدعي تعزيز سبل توفير الحماية القانونية للمعطيات الشخصية للأفراد ورفع التحديات المرتبطة بالسيادة الوطنية والرأي العام. هذه الثورة، يضيف االخلفي، بما نتج عنها من فرص، نتجت عنها تحديات كبيرة هي موضوع نقاش عالمي، ترتبط أساسا بالسيادة الوطنية واستقلالية القرار الوطني في ظل بروز مخاطر التأثير وتوجيه الرأي العام عن طريق استعمال الإمكانيات الرقمية بشكل يمس بالسيادة الوطنية. ودعا إلى استغلال الفرص التي يتيحها التحول الرقمي الذي يشهده المجال، وإلى الاستثمار في الموارد البشرية المؤهلة التي تضمن فعليا تنزيل القوانين وإنتاج خدمة إعلامية، من أجل النهوض بقطاع الصحافة والنشر بمختلف مكوناته. وبمناسبة الذكرى الستين لتأسيسها تطرق الخلفي للتحول الذي شهدته وكالة المغرب العربي للأنباء، في أفق إرساء وكالة القرن ال21، مشيرا إلى أن الإصلاح القانوني مكن من التنصيص على عدد من الهيئات (من قبيل مجلسي التحرير والتدبير)، فضلا عن تفعيل الجهوية التي لا يمكن إنجاحها كورش شامل في غياب البعد الإعلامي. كما تشهد الوكالة، يضيف المسؤول الحكومي، تنويعا في منتوجاتها. وبخصوص إشكالية النموذج الاقتصادي الجديد للمقاولة الإعلامية بالمغرب، أكد أن النموذج الحالي يتسم بالهشاشة وغير قابل للاستمرار، وموارده من الإشهار في تراجع (ناقص 23 بالمائة بالنسبة للصحافة المكتوبة و14 بالمائة بالنسبة للسمعي البصري سنة 2018 مقارنة مع 2017)، مبرزا أن المشهد الإعلامي الرقمي يتضمن أزيد من 2900 منبر إعلامي، بناء على تقرير لرئاسة النيابة العامة، 380 موقعا منها حصلت على الملاءمة مع نهاية 2018. واعتبر أن إقرار الاعتراف القانوني بالصحافة الرقمية شكل تطورا هاما في مجال الإعلام بالمغرب، إذ تظهر المعطيات المرتبطة بسوق الإشهار، أن المجال المرتبط بالصحافة الرقمية حقق أعلى صعود على مستوى مداخيل الإشهار، حيث تشير المعطيات إلى رقم إجمالي في حدود 600 مليون درهم خلال 2018، مشيرا إلى أن الصحافة الرقمية ستتجاوز، في المدى القريب، الصحافة المكتوبة على مستوى المداخيل الإشهارية. ودعا، في هذا الإطار، إلى إرساء حوار مسؤول يضمن حدا أدنى من الإمكانيات لضمان خدمة عمومية ذات جودة، كما أكد على ضرورة تدعيم النموذج الاقتصادي للمقاولة الصحافية الرقمية بالمغرب. وبخصوص التصنيفات التي تصدرها المؤسسات العالمية، اعتبر الوزير أنه يتعين التمييز، في هذا الصدد بين التقارير الدولية المبنية على “مؤشرات موضوعية يتم ملء معطياتها بطريقة علمية دقيقة”، وبين تلك التي تنبني على “استمارات غير محددة”.