افتتح المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، أمس الثلاثاء، أبوابه في وجه عموم الزوار، من أجل تجديد الصلة بهذا الفضاء الذي تحضره هذه السنة حوالي 71 دولة، بمعدل 1500 عارض من المغرب وخارجه. واختار القائمون على المعرض عنوان “الفلاحة، رافعة للتشغيل ومستقبل العالم القروي” شعارا للدورة 14 التي تتزامن مع نهاية الأجل المحدد لمخطط المغرب الأخضر الذي انطلق بداية عام 2008. ويراهن منظمو المعرض الذي سيستمر إلى غاية يوم الأحد القادم 21 أبريل، على الخروج بحزمة من المقترحات التي من شأنها النهوض بسوق الشغل في العالم القروي بالمغرب. ويمثل اختيار دولة سويسرا ضيف شرف هذه الدورة رغبة المغرب في نهج نفس الأسلوب وسلك مسار هذه الدولة التي تعتبر فلاحتها متطورة، لم لا وأنها توفر بشكل سنوي حوالي 500 ألف منصب شغل قار على مستوى سلسلة الصناعات الغذائية. ويمثل موضوع الفلاحة في العالم القروي أحد الهواجس الكبيرة للدول السائرة نحو النمو، لاسيما تلك التي تعاني من الهجرة القروية نحو المدن، نظرا لغياب شغل قار بالعالم القروي حيث غياب سلسلة مترابطة في القطاع الفلاحي الناتج عن ضعف البنية التحتية، والتكوين النظري وكذا التقني. ويقصد بالسلسة المترابطة؛ البرنامج الخاص بالفلاح الذي من المفترض أن يعتمد فيه على مجموعة من الأنشطة الفلاحية، كالزراعة؛ الخضراوات والحبوب، ثم تربية الماشية؛ الأبقار، الأغنام، علاوة على تربية الدواجن، وكذا التشجير، وهي أنشطة متنوعة تسمح للفلاح بالاستقرار في منطقته. ولا يمكن تحقيق هذا البرنامج المتكامل، بحسب مجموعة من الفلاحين، إلا من خلال التكوين والتأطير والدعم، خصوصا وأن عالم التكنولوجيا اقتحم القطاع الفلاحي، وسويسرا نموذج حي لدولة توظف التقنيات الحديثة في تطوير هذا المجال، وهو ما ينعكس على مستوى الجودة والكمية، لهذا فالرهان كبير على هذه الدورة من أجل الخروج بنقط عملية تدفع بإدماج الوسائل التكنولوجية في المجال الفلاحي بالضيعات المغربية في المستقبل. وقد قطع المغرب أشواطا مهمة في هذا الصدد، سواء من حيث تجهيز الأراضي المخصصة للزراعة في إطار المخطط الأخضر، أو عبر دعمه للفلاحين من أجل اقتناء التجهيزات الفلاحية كالجرارات، وأدوات السقي بالتنقيط “goutte à goutte “.. بيد أن فلاحين قلائل استطاعوا اقتناء هذه المعدات وتجهيز أراضيهم التي تدعمها وزارة الفلاحة، خصوصا في الفئة المحسوبة على الفلاحين الصغار الذين يمتلكون أقل من 5 هكتارات، ليبقى المستفيد الأكبر من هذا الدعم هو الفلاح الكبير الذي يتوفر على أزيد من 100 هكتار صالحة للأنشطة الزراعية، نظرا لتوفره على الشروط الخاصة بالدعم من بينها، التوفر على مساحة أرضية كبيرة. ووعيا من المنتظم الدولي بأهمية هذا الحدث والموضوع المطروح للنقاش خلال هذه الدورة، حطت منظومة الأممالمتحدة للتنمية رحالها بمكناس، من أجل المساهمة في أشغال هذا المعرض، إذ من المنتظر أن يقدم خبراؤها رأيهم في الموضوع، خصوصا وأن المغرب تربطه علاقة تعاون معها، في إطار أجندة 2030 الخاصة بالتنمية الزراعية. وذكرت الأممالمتحدة، بأنه ولأول مرة ستشارك جميع وكالاتها بالمعرض الدولي للفلاحة بمكناس، ويتعلق الأمر ب؛ منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة/فاو، ومنظمة الأممالمتحدة للتنمية الصناعية /يونيدو، وهيئة الأممالمتحدة للمرأة، والمنظمة الدولية للهجرة، وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، ومنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة/يونسكو، ومفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين. وعن مشاركة كل هذه الوكالات المتخصصة والصناديق والبرامج التابعة للأمم المتحدة، أوضحت هذه الأخيرة في بلاغ لها، أن هذه الوكالات نشطة في مجال التنمية الفلاحية والقروية، وستكون في رواق مشترك، ستستغله لإبراز مساهمة منظومة الأممالمتحدة للتنمية في تطوير القطاع الفلاحي والقروي من خلال العديد من المشاريع والبرامج التي ترمي إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة. واعتبرت الأممالمتحدة اختيار ضيف شرف هذه الدورة مهما، على اعتبار سويسرا ضيف متمرس في المجال الفلاحي وخبر هذا القطاع، وما يؤكد ذلك، هو تشغيله لحوالي 150 ألف رجل وامرأة بشكل قار، كما أن حجم استثماره يتجاوز 5 ملايير درهم. واستنادا إلى المصدر ذاته، فإن سويسرا واحدة من الدول الداعمة لمسلسل التنمية الزراعية بمجموعة من دول العالم، من خلال دعمها ماديا لمنظومة الأممالمتحدة للتنمية، من قبيل تنفيذ ثلاث مبادرات في مجال التنمية الفلاحية والقروية من طرف منظمة اليونيدو، ومبادرتين من طرف منظمة الفاو. والمعرض الدولي للفلاحة ليس فضاء تجاريا فقط، بل هو كذلك ملتقى علمي يتم من خلاله تنظيم ندوات في مجموعة من التخصصات في المجال الفلاحي، حيث تشهد هذه الدورة تنظيم 35 ندوة، يؤطرها مجموعة من الخبراء المغاربة والأجانب الذين يناقشون مختلف المواضيع التي تهم القطاع، وبالأساس التشغيل في العالم القروي. ويراهن منظمو المعرض أيضا، على عقد أزيد من 300 لقاء عالي المستوى، يتم من خلاله توقيع اتفاقيات، وكذا ربط شراكات جديدة بين دول وشركات ووزارات ومنظمات حكومية ومدنية.. وبما أن المعرض أصبحت له مكانة مهمة على المستوى الدولي والقاري وكذا الإقليمي، فإن اللجنة المنظمة تعمل كل سنة على تطوير هذا الفضاء، من خلال الزيادة في مساحته التي وصلت خلال هذه السنة إلى 180 ألف متر مربع ضمنها 100 ألف متر مربع مغطاة، حيث ينتظم المعرض على 10 أقطاب، علاوة على توفيره لفضاءات ركن السيارات بمساحة تناهز 200 ألف متر مربع.