التوفيق: إيفاد 372 مشرفا على التأطير الديني لأفراد الجالية المغربية سنة 2024    الملك محمد السادس يوجه رسالة إلى رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف    إسرائيل توافق على وقف إطلاق النار في لبنان بدءا من يوم غدٍ الأربعاء    الجيش يهزم الرجاء في أبطال إفريقيا    الأمن يحجز حيوانات معروضة للبيع    لجنة الحماية الاجتماعية تجتمع بالرباط    المغرب يستعد لإطلاق عملة رقمية وطنية لتعزيز الابتكار المالي وضمان الاستقرار الاقتصادي        تنفيذا للتعليمات الملكية السامية.. وفد من القوات المسلحة الملكية يزور حاملة الطائرات الأمريكية بساحل الحسيمة    طلب إحضار إسكوبار الصحراء ولطيفة رأفت.. هذا ما قررته المحكمة    بنسعيد: "تيك توك" توافق على فتح حوار بخصوص المحتوى مع المغرب        هيئة حقوقية تنادي بحماية النساء البائعات في الفضاءات العامة    دراسة: سوق العمل في ألمانيا يحتاج إلى المزيد من المهاجرين    وفاة أكبر رجل معمر في العالم عن 112 عاما    "نعطيو الكلمة للطفل" شعار احتفالية بوزان باليوم العالمي للطفل    لحظة ملكية دافئة في شوارع باريس    النظام العسكري الجزائري أصبح يشكل خطرا على منطقة شمال إفريقيا    الجنائية الدولية :نعم ثم نعم … ولكن! 1 القرار تتويج تاريخي ل15 سنة من الترافع القانوني الفلسطيني    سعد لمجرد يصدر أغنيته الهندية الجديدة «هوما دول»        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    المغرب جزء منها.. زعيم المعارضة بإسرائيل يعرض خطته لإنهاء الحرب في غزة ولبنان    دين الخزينة يبلغ 1.071,5 مليار درهم بارتفاع 7,2 في المائة    معاملات "الفوسفاط" 69 مليار درهم    النقابة الوطنية للإعلام والصحافة … يستنكر بشدة مخطط الإجهاز والترامي على قطاع الصحافة الرياضية    الجزائر و "الريف المغربي" خطوة استفزازية أم تكتيك دفاعي؟    في حلقة اليوم من برنامج "مدارات" : عبد المجيد بن جلون : رائد الأدب القصصي والسيرة الروائية في الثقافة المغربية الحديثة    التوفيق: قلت لوزير الداخلية الفرنسي إننا "علمانيون" والمغرب دائما مع الاعتدال والحرية    نزاع بالمحطة الطرقية بابن جرير ينتهي باعتقال 6 أشخاص بينهم قاصر    الجديدة مهرجان دكالة في دورته 16 يحتفي بالثقافة الفرنسية    توهج مغربي في منافسة كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي بأكادير    اللحوم المستوردة تُحدث تراجعا طفيفا على الأسعار    مسرح البدوي يواصل جولته بمسرحية "في انتظار القطار"    شيرين اللجمي تطلق أولى أغانيها باللهجة المغربية        الأمم المتحدة.. انتخاب هلال رئيسا للمؤتمر السادس لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    برقية شكر من الملك محمد السادس إلى رئيس بنما على إثر قرار بلاده بخصوص القضية الوطنية الأولى للمملكة    القنيطرة.. تعزيز الخدمات الشرطية بإحداث قاعة للقيادة والتنسيق من الجيل الجديد (صور)    توقيف فرنسي من أصول جزائرية بمراكش لهذا السبب    اتحاد طنجة يكشف عن مداخيل مباراة "ديربي الشمال"    غوارديولا قبل مواجهة فينورد: "أنا لا أستسلم ولدي شعور أننا سنحقق نتيجة إيجابية"    مواجهة مغربية بين الرجاء والجيش الملكي في دور مجموعات دوري أبطال أفريقيا    حوار مع جني : لقاء !    المناظرة الوطنية الثانية للفنون التشكيلية والبصرية تبلور أهدافها    الدولار يرتفع بعد تعهد ترامب بفرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا والصين    تزايد معدلات اكتئاب ما بعد الولادة بالولايات المتحدة خلال العقد الماضي    ملتقى النقل السياحي بمراكش نحو رؤية جديدة لتعزيز التنمية المستدامة والابتكار    إطلاق شراكة استراتيجية بين البريد بنك وGuichet.com    الرباط.. انطلاق الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة        لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب تتواصل بالدار البيضاء
نشر في بيان اليوم يوم 18 - 02 - 2011

تتواصل فعاليات الدورة السابعة عشر للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدارالبيضاء، التي اختير لها شعار «القراءة الهادفة لبناء مجتمع المعرفة».
وقد تم تسطير برنامج ثقافي مواز لعرض الكتب، شمل مختلف مجالات الفكر والابداع والمعرفة.
وإذا كانت بعض اللقاءات تم إلغاؤها بسبب قرار المقاطعة، احتجاجا على سياسة تدبير الشأن الثقافي من طرف الوزارة الوصية، فإن هناك لقاءات أخرى جرى تنظيمها، غير أن الاقبال على متابعة هذه اللقاءات، كان محدودا جدا، وهو ما لم.يسمح بإغناء النقاش حول القضايا المطروحة.
ومما ساهم حتى اليوم، في إرباك هذه المواعيد كذلك، عدم التزام العديد من المشاركين بالحضور في الأوقات المحددة، أحيانا يمتد التأخير ساعة بالكامل، وهذا حصل منذ الندوة الافتتاحية، وتكرر في عدة مناسبات، دون أن يتم الاعتذار عن التأخر.
واللافت للانتباه، أن أسماء المشاركين خلال هذه الدورة، هي الأسماء ذاتها التي دأبت على المشاركة خلال الدورات السابقة، في حين أنه كان من المفروض الانفتاح على كفاءات فكرية وإبداعية أخرى.
وقد كان هذا الخلل من بين العوامل التي أوجبت قرار مقاطعة فعاليات المعرض، من طرف قسم كبير من الجسم الثقافي المغربي.كما غابت خلال هذه الدورة، النشرة اليومية التي دأبت وزارة الثقافة على إصدارها منذ انطلاق دوراتها، وقد برر مستشار وزارة الثقافة البشير الزناكي هذا الغياب، في تصريحه لبيان اليوم، برر ذلك بالأسباب التقنية، حيث لم يتم تحضير الميزانية الخاصة بالنشرة، وبالتالي لم يكن من الممكن التعاقد مع المطبعة لإصدارها، ولم يكن مشكل هيئة التحرير مطروحا.
غير أن ما يثلج الصدر خلال القيام بزيارة لهذا المعرض، هو تلك الصفوف الطويلة لتلاميذ المؤسسات التعليمية، الذين ما فتئوا يرتادون الأروقة الخاصة بتقديم المنتوجات التبروية والترفيهية الموجهة إليهم. أخذا بعين الاعتبار أن هذه الفئة من الزوار، هي من ينبغي الرهان عليها، في استمرارية الحضور الثقافي وتبلوره.
إلغاء ندوات وازنة بسب موقف المقاطعة
كان لمقاطعة مجموعة من المنظمات الثقافية لفعاليات الدورة السابعة عشر للمعرض الدولي للنشر والكتاب المقام حاليا بالدار البيضاء، أثر سلبي ملموس على البرنامج الثقافي الذي سطرته وزارة الثقافة، ودعت إلى تفعيله مجموعة من المفكرين والمبدعين المغاربة، خاصة أولئك الذين ينتمون إلى الجهات التي اتخذت قرار المقاطعة: اتحاد كتاب المغرب وبيت الشعر والائتلاف المغربي للثقافة والفنون،وعلى إثر ذلك أصدرت هذه المنظمات بيانا ثانيا حول مقاطعة الدورة السابعة عشر للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدارالبيضاء، تعبر فيه عن امتنانها وشكرها لجميع أعضائها وغيرهم، ممن أبدوا استعدادهم للتجاوب مع قرارها الجماعي مقاطعة المعرض، باعتبار أن ذلك يهدف إلى إعطاء الإشارة الضرورية للمسؤولين في بلادنا وتنبيههم إلى حالة الاختلال القصوى التي باتت تطبع السياسة الثقافية في المغرب.
وتشير هذه المنظمات كذلك في بيانها أنها لم تتلق من بعض مسؤولي وزارة الثقافة، غير الردود الانفعالية، في الوقت الذي كان من المفروض أن تلتقط الوزارة الاحتجاجات والإشارات بالصدر الرحب والفهم العميق.
وذكر البيان جملة من الأعطاب في تدبير الشأن الثقافي الوطني، منذ مجيء وزير الثقافة الحالي، منها:انعدام الإستراتيجية الثقافية،غياب الحوار الجدي والمنتظم مع الشركاء الثقافيين للوزارة، تجميد الخطة الوطنية للقراءة ودعم الكتاب،تجميد سياسة دعم الكتاب، إفراغ جائزة المغرب للكتاب من قيمتها الرمزية والاحتفالية،الاستخفاف ببعض المكونات والحركات الثقافية الوطنية، التقليص من الغلاف المالي الخاص بدعم الجمعيات الثقافية والفنية.
وفي رده على هذه المقاطعة، أشار البشير الزناكي مستشار وزير الثقافة، في تصريحه لبيان اليوم، أنه «لا يمكن أن يكون للوزارة موقف من المقاطعة هكذا بشكل عام، وأن كل ما في الأمر أن من حق الناس أن تكون لهم مواقف معارضة، إنما المهم، عندما تتم دعوة الآخرين إلى عدم المشاركة في المعرض، فكأنما تتم دعوة الناس إلى عدم الاطلاع على الثقافة والارتباط بعالم المثقفين والمبدعين والكتاب، ودعوتهم كذلك إلى إنهاء وجودهم الطبيعي، وهذه المسائل غير طبيعية وغير مقبولة..».
وعبر الباحث عبد الرحمان غانمي عن أسفه لكون «السياسة الثقافية ليست لها أي اختيارات استراتيجية تدبيرية ومادية يمكن أن تخلق البيئة الحاضنة للثقافة والمولدة للإنتاجات والأسئلة الثقافية، فالمثقف أصبح يعيش عزلة حارقة ومؤلمة في صمت مطبق، أشبه بالنفي الإجباري أو الاختياري لديه، مادامت النتائج واحدة، وبناء عليه لا يمكن أن تخرج الثقافة من وضعيتها الراهنة من تلقاء ذاتها..».
ويضيف بمرارة في حديثه لبيان اليوم أن «حال الثقافة في وقتنا الراهن، يدعو إلى الشفقة، وفي نفس الوقت إلى خوض منازلة فكرية وثقافية من أجل تحويل الراهن إلى أفق أوسع..».
واعتبرت الناشرة ليلى الشاوني، صاحبة دار النشر الفينيك، في تصريحها لبيان اليوم، أن قرار مقاطعة المعرض من طرف المثقفين والمبدعين، يعد قرارا سهلا، وأنه كان بإمكانهم أن يسجلوا حضورهم ويحتجوا، سيما وأن المعرض يقام مرة واحدة في السنة..».
واستطردت قائلة: «هناك عدة طرق للتعبير عن الاحتجاج، من ذلك مثلا تنظيم ندوة صحافية، وفي نفس الوقت الحضور للمعرض وتفسير سبب عدم الرضى على سياسة وزارة الثقافة في تدبير الشأن الثقافي..».
الناشر عبد القادر الرتناني، عبر بدوره عن معارضته لقرار المقاطعة، وعيا منه بأن هذا المعرض هو «حفل لجميع المواطنين وليس حفل لشخص معين، بل هذه أكبر مكتبة حاليا في العالم، لأنها تضم أكثر من 300 ناشر من مختلف البلدان..»
وأوضح كذلك أن «المقاطعة ينبغي أن تكون قبل المعرض أو بعده، فهذا حفل موجه لكافة المواطنين، وعلينا جميعا أن نحضره، وإذا لم نكن متفقين حول شيء معين، يمكن أن نبلغ ذلك عبر وسائل الإعلام..».
وعبر الباحث الدكتور عبد الله زيوزيو في تصريحه لبيان اليوم عن أسفه لعدم حضور مفكرين مغاربة لتنشيط بعض الندوات الفكرية، والتي نشطها فقط أجانب، وسيرها وزير الثقافة، لكنه يظل وزيرا ولا يمكن له أن يناقش جميع القضايا، سيما وأن هذه الندوات تطرح الأسئلة الحقيقية للوضعية التي نعيشها..».
وفي مراسلة للمرصد المغربي للثقافة، توصلت بيان اليوم بنسخة منها، ثمن رفض المشاركة في الأنشطة الرسمية لوزارة الثقافة في معرض الكتاب والنشر، مؤكدا على أن الجهات الوصية على تدبير القطاع الثقافي ببلادنا «ليست لها أية رؤية واضحة لتحديث العمل الثقافي وجعله في قلب التحوّلات التي يشهدها مجتمعنا على أكثر من صعيد ترسيخا لقيم التعددية والديموقراطية. كما أنها تفتقر لمشروع ثقافي ببرامج تثقيفية تساهم في تنوير الرأي العامّ وتحفز الشباب على الخلق والابتكار في مجالات التشكيل والإبداع والمسرح، وبالتالي توسيع دائرة الانفتاح على الأصوات والتجارب الإبداعية والثقافية والفكرية الجديدة..».
ويضيف المرصد في نفس المراسلة أن «تصرفات المشرفين على قطاع الثقافة، أبانت في أكثر من زمان ومكان أنها تُهين المثقفين و(تستغلهم) بشروط مُذلة لم يعد أحد يقبلها..».
هناك إذن جو مكهرب يدب بين الوزارة الوصية على القطاع الثقافي، وبين العديد من شركائها المؤثرين، وبالطبع فهذا الجو المكهرب، له انعكاسات سلبية على الحركة الثقافية ببلادنا، في وقت تحتاج فيه إلى من يدعمها وينهض بها.
اتحاد كتاب المغرب وبيت الشعر والائتلاف يصدرون بيانا ثانيا حول مقاطعة معرض الكتاب
إن اتحاد كتاب المغرب وبيت الشعر في المغرب والائتلاف المغربي للثقافة والفنون، ليعبرون عن عميق الامتنان والتقدير والشكر لكل أعضاء منظماتنا الذين استجابوا وتجاوبوا مع مقاصد مبادرتنا وقرارنا الجماعي بمقاطعة الدورة السابعة عشرة للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، والتي تتغيا إعطاء الإشارة الضرورية للمسؤولين في بلادنا، وتنبيههم إلى حالة الاختلال القصوى التي باتت تطبع قطاع الثقافة في المغرب، وما أضحى يميز وزارة الثقافة من انحراف، وسوء تدبير، وانعدام رؤية واضحة لأي مشروع ثقافي وطني مفترض.
كما تعتز منظماتنا بما تلقته من ترحيب واحتضان لهذه المبادرة المسؤولة، التي جاءت من منطلق شعور هذه المنظمات بطبيعة المسؤوليات والأدوار المنوطة بها، وليس استجابة لأية دعوة من أي طرف كان؛ ترحيب عبر عنه عدد من الشخصيات الثقافية والفكرية الأدبية والفنية المستقلة، بمثل اعتزازاها بما أحيطت به هذه المبادرة من عناية إعلامية، ارتقت بها وزادتها وضوحا وتوضيحا وتفاصيل، ما كان ليتسع لها بياننا الأول الذين أعلنا فيه قرار المقاطعة.
وفي الوقت الذي التقطت فيه الجهات العليا للبلاد مبادرتنا هذه بحس سام ورفيع وعميق الدلالة، وخصوصا على مستوى حفل الافتتاح الرسمي، لم نتلق من وزارة الثقافة غير ردود فعل انفعالية، وصلت حد الشتيمة والاستهتار والانتقاص من القيمة الرمزية والاعتبارية لمنظماتنا الثقافية الوطنية، المشهود لها بالمصداقية والالتزام الوطني الصريح، داخل بلادنا وخارجها.
وهكذا، لم يجد وزير الثقافة من غضاضة ليجيب صحافية سألته عن هذا الموضوع، فرد عليها «ألم تجدي في هذا المعرض إلا السؤال عن حفنة من البلداء! «. وذهب في نفس الاتجاه، بل وأكثر انحطاطا، بعض من «بلطجية الوزير»، حتى إن أحدهم وصف مبادرتنا بكونها شبيهة ب «إضراب تلامذة المدارس»، كما لو أن التلاميذ ليسوا مواطنين، ويستحقون التبخيس والاحتقار. ويقول إنه مستشار وزير الثقافة، وأنه تربية اليسار، مع أن أحد ملفاته المالية مازال قائما.... للأسف!.
بلطجي آخر من بلطجية الوزير، اعتبر أن مبادرتنا تمت «لأسباب مالية»، فقط لأننا أشرنا إلى التلكؤ الذي طال الدعم المخصص لمنظمات المجتمع المدني الثقافي، كما لو أن الأمر يتعلق بمقايضة رخيصة. والحال أن الأمر يتعلق بحق المنظمات الثقافية الوطنية الجادة في استعمال المال العام، في تصريف وتنفيذ برامج ثقافية، تعبر عن روح شعبنا وحاجياته وتطلعاته لديموقراطية ثقافية. هذا، دون أن ننسى أن هذا الشخص نفسه في حاجة إلى أن يفتح ملفه المالي والأخلاقي المتعلق بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، وما يقتضيه ذلك من افتحاص مالي وقضائي. وهذا أمر يثير الريبة والسؤال عن مصلحة الوزير نفسه في «إعادة الاعتبار» لمثل هذا الانحراف؟
وفي الوقت الذي أثرنا فيه مسألة استضافة إيطاليا، بكثير من التعفف، لم نكن نرفض استضافة إيطاليا بكل عمقها الحضاري والثقافي والأدبي والفني، وإنما كنا نحيل على قصور النظر لدى مسؤولي وزارة الثقافة، وهم يستضيفون الجهة الثقافية الرسمية الإيطالية، التي ليست في الواقع، وفي الحقيقة، إلا استضافة ل «برلوسكوني» بكل فضائحه، وانحطاطه، وانحرافه الأخلاقي الذي مس من ضمن من مس قاصرا مغربية من ربوع إقليم الفقية بن صالح. كما أن إشارتنا إلى بعض الأسماء الفكرية والأدبية الإيطالية الشريفة، لم يكن إلحاحا من جانبنا على ضرورة استضافتهم، وإنما كان الأمر يتعلق بتحية رمزية وأخلاقية لهؤلاء المبدعين والمفكرين الذين يقودون اليوم حملة مجابهة نظيفة ضد الانحراف الذي بات يميز رأس الحكومة الإيطالية.
كما نثير الانتباه أيضا إلى طبيعة التعامل المنحط لوزارة الثقافة مع مختلف مكونات ثقافتنا الوطنية، وخصوصا ما يهم منها الحركة الثقافية الأمازيغية، التي بات نشطاؤها اليوم يتساءلون هل هو موقف شخصي للوزير، أم أنه توجه رسمي جديد؟ فضلا عن تجميد الوزارة لجميع الخطط والمكاسب الثقافية السابقة، من قبيل الخطة الوطنية للقراءة والكتاب.
من هنا، فإننا نطالب، باسم الحركة الثقافية كلها وقبل فوات الأوان، بمخاطب جديد يبادلها الإحساس الذي نفتقده اليوم، ويكون في مستوى أخلاق المسؤولية الثقافية، واحترام الأطر الإدارية، صونا لشرف الممارسة الثقافية.
ومنظماتنا ملتزمة بمواصلة تنفيذ قرارها بالمقاطعة. ونحن بصدد دراسة مجموعة من المقترحات النضالية للمطالبة بوضع حد لاستهتار وزير الثقافة ولقراراته العبثية، حتى نعثر على مخاطبين جيدين يشرفون المغرب الثقافي الحديث، ويرتقون إلى مستوى التوقعات التي تعبر عن الحركة الثقافية والفنية المغربية.
وفي هذا الإطار، سنفتح عريضة لجمع التوقيعات للمطالبة بإبعاد وزير أكد بالملموس عجزه عن وضع خارطة طريق لتدبير الشأن الثقافي، أو وضع سياسة أو استراتيجية ثقافية مناسبة، بدل الاكتفاء بإجهاض ما بناه وخطط له المسؤولون السابقون على شأننا الثقافي...
وستتوج هذه المنظمات موقفها الاحتجاجي بوقفة تستدعي إليها كل المثقفين والفنانين الشرفاء، كما نتعهد برفع مذكرة تفصيلية إلى الجهات العليا للبلاد، آملين أن نحقق لثقافتنا الوطنية، ولفضائنا الإبداعي والفني فسحة جديدة للأمل، بعيدا عن هذا الانحطاط الذي لن يساهم سوى في مضاعفة أسباب اليأس والغضب والقلق على نسقنا الثقافي واستقرار بلادنا وشعبنا.
فضاء الطفل بالمعرض: عندما يتحول الطفل من متلقي للإبداع إلى منتج له
الأديب الراحل أحمد عبد السلام البقالي, عنوان كبير لإبداع الطفل والخيال, فقبل أن تلج قدماك فضاء الطفل بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء تستقبلك صورته من بعيد, بابتسامته الطفولية, فتنط إلى الذاكرة أسماء قصصه التي وشمت خيال ملايين الأطفال المغاربة «الأمير والغراب» و»زياد ولصوص البحر» و»سر المجلد الغامض» و»صابر .. المغفل الماكر» و»الطريق إلى سفينة الكنز» و»جعفر الطيار» و»مدينة الأعماق» و»جزيرة النوارس» .
وتستقبلك صور مماثلة من هنا وهناك, حيث يتنقل الأطفال داخل هذا الفضاء بين الورشات وخشبة المسرح والمحترفات, كالفراشات, يؤدون نصوصا مسرحية وينسجون علاقات حميمية مع الدمى والعرائس والألوان , من خلال ورشة « الفن التشكيلي» , حيث تنقلهم الفنانة إلى عوالم التشكيل الواسعة ليطلقوا العنان لمخيلتهم, دون أن تغفل السرغيني أن تزودهم بمرونة وعفوية بالتقنيات الأساسية في الرسم والفن التشكيلي.
غير بعيد عن ورشة الفن التشكيلي, لا يمكن أن لا تستوقف الزائر خطوط مكتوبة بالخط المغربي الأصيل داخل ورشة «الخط المغربي والقصص المصورة» التي يشرف عليها الخطاط المغربي محمد قرماد, الذي حرص في حديث للوكالة على أن يبرز خصوصية الخط المغربي, الذي يختلف عن باقي الخطوط العربية, لما يحمله من جمالية وانسجام وتناغم وتجريد وغنى وكذا حرية في التشكيل, ومن هنا تكمن أهمية تلقين الأجيال الصاعدة لأسس هذا الخط كرافد من روافد الحفاظ على الهوية المغربية.
وعلى بعد بضعة أمتار فقط, تحلق الأطفال حول الأستاذة الجامعية نزهة بنعتابو في إطار ورشة «اصنع حكايتك بنفسك», التي تنسج معهم, من وحي الخيال, قصص وحكايات توقظ المعارف النائمة في ذاكرتهم انطلاقا من مواضيع راهنة وهادفة كالبيئة وحقوق الإنسان.
زهرة نجاح ( و.م.ع)
تكريم الكاتب والناقد الفني الراحل إدمون عمران المليح
تم تكريم الكاتب والناقد الفني الراحل إدمون عمران المليح، وذلك في إطار فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب.
وسلط المتدخلون من مفكرين وباحثين عايشوا الراحل، خلال هذا التكريم الذي نظم من قبل مجلس الجالية المغربية في الخارج، الضوء على خصاله الإنسانية المتميزة وغنى أعماله الأدبية والفكرية.
وأبرزوا أن الراحل كان يرفض الانخراط في النمط التقليدي والكلاسيكي للكتابة، إذ انتظر بلوغه سنة 63 عاما لنشر روايته الأولى «المجرى الثابت» سنة 1980.
كما لاحظوا أن الدارجة المغربية تنبثق من كتاباته بالرغم من أنه يكتب باللغة الفرنسية، وذلك باعتبارها حاملة للدلالات التي سعى المليح إلى إيصالها إلى المتلقي، والتي تركز في مجملها على المبادئ الإنسانية السامية وقيم العدالة والمساواة ورفض الظلم أيا كان مصدره وأيا كانت دواعيه.
وأشاروا إلى أن عمران المليح لم يتوان عن التأكيد في مختلف المناسبات عن تشبثه بوطنه، لأن الخيط الأساس الذي ينتظم مسار حياته هو ارتباطه القوي بوطنه، مؤكدين أنه اتصف طوال حياته بخصلة التواضع.
كما توقف المتدخلون عند «تركيبية» مؤلفات عمران المليح، مشيرين إلى أن كتابه الأيسر في القراءة هو مؤلفه الأخير «رسائل إلى نفسي»، بينما تبقى كتبه الأخرى أكثر غموضا.
وأشاروا إلى أن الكاتب لم يكن يود في البداية نشر هذا الكتاب لأنه يكشف عن نفسه أكثر، إلا أن الضغط الذي تعرض له من قبل أصدقائه والمقربين منه دفعه إلى إصدار هذا الكتاب.
سيرة ذاتية لمسار مقاوم
تم تقديم كتاب «صفحات من تجربة حياة» لمؤلفه محمد بن حمو الكاملي، الذي هو عبارة عن سيرة ذاتية تؤرخ لمسار هذا المقاوم ومعاناته في رحلته النضالية ضد الاستعمار.
وينقسم هذا الكتاب، الذي صدر ضمن منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، ووقع في إطار فعاليات الدورة ال17 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، إلى ثلاثة فصول مترابطة ومتكاملة البنية والمضمون.
ويتطرق الفصل الأول لتفاصيل نشأة الكاتب وفترة تمدرسه، حيث قدم الكاتب معطيات عن العائلة ومعاناتها من ويلات الظلم والاستعمار، وكذا الاكراهات المادية والمعنوية التي اعترضت طريق تحصيله العلمي والمعرفي.
أما الفصل الثاني فيتناول تجربة المقاومة المسلحة، التي دخل غمارها محمد بن حمو عقب إقدام سلطات الحماية الفرنسية على نفي السلطان محمد الخامس، مذكرا بمختلف القضايا التي اهتمت بها المقاومة المسلحة ضد الاستعمار الأجنبي، وانتقالها إلى العمل السياسي خاصة خلال الفترة التي أعقبت التوقيع على وثيقة المطالبة بالاستقلال.
وفي الفصل الثالث من هذه المذكرات، الذي عنونه الكاتب ب «حتى لا ننسى»، فقدم فيه المقاوم محمد بن حمو سير وتراجم لعدد من شهداء المقاومة المغربية من أمثال أحمد الحنصالي، وأحمد الرشيدي، ومحمد الزرقطوني، وعلال بن عبد الله، ومحمد الحداوي وحمان الفطواكي، ليختتم شهادته بقصائد في رثاء ثلة من الأسماء البارزة كالمرحومين محمد باهي ومحمد الفقيه البصري.
وأكد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير مصطفى الكثيري، في تقديمه لهذا المؤلف، أن مذكرات المقاوم بن حمو، إضافة جديدة ونقلة نوعية تراكمية لسجل المذكرات والسير التاريخية التي تؤثث لهذا الجنس من الكتابة التاريخية.
واعتبر الكثيري أن هذا الجنس من الكتابة التاريخية له أهميته لكونه يتضمن مواضيع ويتطرق إلى أحداث بأقلام صناعها ومخيالهم وذاكرتهم.
وقال إن «المندوبية، وهي تصدر هذه المذكرات المتميزة بمضمونها وقيمة كاتبها، تتوخى تقديم شهادة أحد رجال المقاومة وجيش التحرير المخلصين المدافعين عن الثوابت الوطنية والوحدة الترابية للمملكة(...) لكي تكون هذه المذكرات مناسبة للأجيال الصاعدة والناشئة للوقوف على نضال وتضحيات رجال ونساء وهبوا أرواحهم وأموالهم ومستقبلهم تلبية لنداء الوطن».
موسوعة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير بالمغرب
تم تقديم الجزء الثالث من «موسوعة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير بالمغرب»، وذلك في إطار فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب.
ويتطرق هذا الجزء، الصادر ضمن منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، إلى عمليات ووقائع المقاومة والفداء وجيش التحرير خلال الفترة الممتدة من القرن ال19 إلى منتصف القرن ال20، الحافلة بالأحداث والمواجهات.
وأكد الباحث في تاريخ المقاومةعلال الخديمي، في لقاء بالمناسبة نظمته المندوبية السامية للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، أن هذا المجلد، يقارب وقائع هذه الفترة من خلال مواضيع رتبت في محاور متكاملة، شملت مختلف ربوع المغرب.
وأوضح أن معدي هذا المؤلف، الذي يضم مجلدين، اجتهدوا في تقصي أخبار تأسيس الحركات الفدائية وعمليات المقاومة الكبرى، والانتفاضات الشعبية في مواجهة الاستعمار، وكذا دور المنطقة الريفية، التي كانت تحت الاحتلال الإسباني، في إسناد وتعزيز حركة المقاومة وجيش التحرير، وأهم معارك جيش التحرير في شمال البلاد وجنوبها.
وتناولت محاور هذه الموسوعة أيضا، يضيف الباحث المغربي، إلى جانب عمليات ومنجزات المقاومة المسلحة وجيش التحرير، دور المغرب الرائد في حركات التحرير المغاربية.
وأكدت وثيقة تقديمية لهذه الموسوعة، التي تعد ثمرة جهود حثيثة واجتهادات تاريخية، أنها تقدم دراسة مفصلة تعتمد الوثائق التاريخية المتاحة حيث قاربت هذه الفترة من خلال منهج النقد التاريخي الذي يحلل الوثائق ويجمع الروايات ويقارن بينها ويخلص إلى الحقيقة التاريخية القويمة.
وتأتي أهمية هذه الكتابة التاريخية التوثيقية والتصنيفية من كونها تملأ فراغا كبيرا في المشهد الثقافي والتراثي في ساحة البحث العلمي المقارب للظاهرة التحررية المغربية، إذ يجعل الناشئة والأجيال الجديدة وكذا الباحثين المتخصصين في حقول الحركة الوطنية والمقاومة، يقفون على صفحات من تاريخ الحركة التحررية بالمغرب، وعلى التطور الكبير الذي حصل في كسبها الفكري والمادي والمعنوي.
حذاري من النزعة الفلكلورية للثقافة
اعتبرت كاترينا ستينو مسؤولة ب»اليونسكو», أن الثقافة في العالم مهددة ب»النزعة الفلكلورية».
ودعت ستينو، خلال هذه الندوة المعنونة ب»الثقافة: تجارب متقاطعة» التي نظمت في إطار فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب، إلى حماية الثقافة والإنتاج الفكري من التدخلات التي قد تبعده عن الجوانب الجمالية والإبداعية الذاتية التي يتسم بها.
وأبرزت خلال هذه الندوة، التي نظمتها وزارة الثقافة، أهمية العمل على إحياء الإرث الثقافي دون السقوط في «التقليدانية»، مشيرة إلى أن جوهر الثقافة هو استشراف المستقبل، لكن دون التخلى عن جذورها المعرفية المحلية والإقليمية والدولية.
وأكدت، من جهة أخرى، على أهمية الانفتاح على الفضاء المتوسطي والتركيز على «المشترك» الذي يجمع بلدانه، وذلك لما لهذه المنطقة من تأثير دولي هام، معتبرة أن اكتشاف الذات لا يتأتى إلا بالانفتاح على الآخر.
كما شددت على الدور المحوري لوزارات الثقافة، باعتبارها حاملة للمشاريع الثقافية الخلاقة والمبدعة، خاصة إذا كانت مبنية على التنوع الثقافي، داعية إلى العمل على تبويئ الثقافة موقعها الذي تستحقه، وكذا حمايتها، بالاحتفاء بالرموز، وجعلها رافدا هاما لتحقيق التنمية المستدامة.
وأوضحت أنه ينبغي التركيز على الجمع بين الجوانب الجمالية في تدبير الشأن الثقافي، واعتماد البرامج ذات البعد المحلي والإقليمي والدولي، داعية إلى الرفع من ميزانيات وزارات الثقافة لتتمكن من مسايرة التطور الثقافي، مع منح المثقفين دورا حيويا في المجال السياسي ليساهموا في حل العديد من الأزمات العالمية بحمولاتهم المعرفية.
من جهته، أبرز وزير الثقافة البوركينابي فيليب سافادوغو أهمية التبادل الثقافي بين الشعوب الإفريقية، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه تعرف على الثقافة المغربية سنة 1972 حينما فاز السينمائي المغربي سهيل بنبركة بالجائزة الكبرى لمهرجان السينما الإفريقية بواغادوغو (فيسباكو)، مذكرا، بالمناسبة، بمشاركة ثلاث أفلام مغربية في المسابقة الرسمية للدورة المقبلة لهذا المهرجان التي ستنعقد ما بين 26 فبراير الجاري وخامس مارس المقبل.
وشدد المسؤول البوركينابي على البعد الاجتماعي للثقافة، خاصة عندما تنسج عبر تظاهراتها العلاقات الإنسانية، مبرزا أهمية الرجوع إلى تاريخ وأرشيف الشعوب للوقوف على أوجه اهتماماتها الثقافية والسياسية والاجتماعية.
التصوف باعتباره ممارسة أخلاقية
قارب باحثون في التصوف، مختلف الجوانب التي تعتري التصوف من حيث كونه ممارسة أخلاقية، من جهة، وتجربة فردية، ينبغي أن تدخل في تفاعل مع المجتمع من جهة أخرى.
واعتبر الأستاذان عبد الحق منصف وفوزي الصقلي, خلال ندوة «التصوف بين المفهوم والتجربة» التي نظمت ضمن فعاليات للمعرض الدولي للنشر والكتاب، أن التصوف ليس فقط تجربة شخصية وفردية في العلاقة مع الله تعالى بل يضطلع أيضا بدور محوري في إثراء المجتمع.
وأبرزا من جهة أخرى البعد الجمالي للتصوف خاصة مع تبني المتصوف للخطاب الرمزي ومنح الجسد قيمة ليفصح أكثر عن مكنوناته (الحضرة).
وتحدث الأستاذ عبد الحق منصف، عن معنى التصوف وتجربته التي تعتبر أحد المسارات الأساسية للثقافة الدينية للعرب والمسلمين، مشيرا إلى أن لهذه التجربة تجليات في الفكر والإبداع.
وفضلا عن كون التصوف تجربة أخلاقية، فهو أيضا مجموعة سلوكيات في المجتمع، مبرزا في هذا الصدد أن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم تظهر طريق التدين، وعندما أصبح المجتمع الإسلامي يتوفر على عدة مؤسسات تم إدماج الجوانب المتعلقة بالفقه والمذاهب والقضاء.
وأكد أن التصوف سار في المسار الأخلاقي وحافظ عليه مما استدعى أن تأخذ تجربته آلاف وملايين الصور حسب الفرد الممارس للسلوكيات التصوفية، مشيرا إلى أنه بهذا المفهوم أغنى التصوف الثقافة الإسلامية وعبر عنها بكتابات تنظيرية ذات بعد فلسفي. كما تجلى بعدها الجمالي في المنمنمات والإنشاد والغناء الصوفي.
وبعدما أبرز البعد الجمالي للتصوف، أكد الأستاذ منصف أن الثقافة الغربية أدركت هذه القيمة الأساسية، معتبرا أن العالم الإسلامي لا يدرك الأبعاد الجمالية في ممارساته اليومية، مستشهدا بالمجال المعماري الذي «لا نحس فيه بالحميمية».
أما الأستاذ فوزي الصقلي، فاعتبر أن التصوف هو قبل كل شيء لغة الوجدان وإذا فقدت هذه اللغة «نفقد شيئا أساسيا وعميقا وهو العلاقة الوجداينة الحميمية بين الإنسان والله، ولا يمكن أن تعرف قيمة ذلك إلا من خلال ممارستها وتذوقها» وقال إن هناك أبعادا مختلفة للتجربة الذاتية والوجدانية لممارس التصوف وكذا علاقة هذه التجربة الشخصية مع المجتمع ككل، مشيرا مع ذلك إلى وجود التباس وخلط بين مفهوم التصوف والزهد، الذي يعد تجربة سلوكية وباطنية.
وبعدما أكد على ضرورة عدم وضع الثنائيات في العلاقة مع التصوف، أكد الأستاذ الصقلي على أهمية التخلص من المفهوم الوهمي بين الذات والمجتمع. والتفسير النمطي للدين، يؤكد، يفقد البعد الشخصي للتجربة الدينية وبالتالي «نفقد وجود الشخص وخصوصيته وانفراده داخل المجتمع، مؤكدا ان لذلك تأثيرا مباشرا على إنتاجه ويفقده أقوى شيء لدى الانسان وهو قوته الإبداعية والابتكارية ويحول دون المساهمة الفكرية.
وخلص إلى أن الأهم في كل ذلك هو وضع الأشياء في منزلتها الحقيقية والمناسبة، و» لا يمكن أن نبني مجتمعا دون أن نبني ثقافة جمالية فكريا وسياسيا».
رواق المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في المعرض
عرض مائة وخمسين مؤلفا جديدا
حرص المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على أن يكون له حضور فاعل ومنتظم، ضمن فضاء المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدارالبيضاء، على امتداد دوراته، وخلال هذه الدورة السابعة عشر، يحضر كذلك، بشكل لافت، من خلال عدة مستويات، المساحة الكبيرة التي يشغلها وحيوية ونشاط القيمين عليه الذين يتفاعلون مع الزوار على امتداد ساعات المعرض.
وفي هذا الإطار كان لبيان اليوم، لقاء مع الباحثة فاطمة الزهراء أوفرا المسؤولة عن المكتبة بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، التي عملت على أن تقربنا من طبيعة حضور المعهد في هذه الدورة وما مدى الإضافة التي حملها معه، فأشارت إلى أن مشاركة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في فضاء المعرض»تتمثل في عرض ما يزيد عن مائة وخمسين مؤلفا، وهي عبارة عن دراسات وأبحاث وكتب مدرسية وحوامل تربوية وأطروحات وترجمات، سعيا إلى أن يزور رواقه عدد كبير من فئات مجتمعنا، لكي يتعرفوا على الكتاب الأمازيغي، على اعتبار أن هذه الثقافة هي ثقافتنا الوطنية ..».
وفضلا عن هذه الإصدارات، تضيف الأستاذة أوفرا»هناك ورشات وأنشطة متنوعة يقوم بها المعهد داخل الرواق، حيث هناك مراكز البحث التي تنظم يوميا، عددا من الأنشطة وفق برنامج ثقافي خاص بالمعرض، وهناك أساتذة أكفاء يقومون بتأطير الطلبة والتلاميذ، من خلال عدد من الورشات، التي تعنى بتدريس وتعليم اللغة الأمازيغية وكذلك كتابة أبجدية التيفناغ..».
وحول طبيعة التفاعل مع زوار الرواق، تؤكد أوفرا أن «الزوار يقومون بالاطلاع في عين المكان على مجمل إصدارات المعهد، كما أن القيمين عليه يقومون بتواصل يومي مع هؤلاء الزوار، إذ يمدونهم بعدد من النشرات الإخبارية والوسائل المتعددة الوسائط، كأقراص تعليم التيفناغ واليوميات والنشرات الإخبارية وغيرها.
فمن خلال هذا العمل التواصلي- توضح أوفرا- يتم «القيام بالتعريف بالمعهد وبأنشطته وإصداراته الغنية والشاملة، التي تدخل في خانة الدارسات والأبحاث في اللغة الأمازيغية..».
ويستقبل الرواق ?حسب تأكيد أوفرا- فئات متنوعة من الزوار»ففيما يخص فئة التلاميذ والطلبة، فإنهم يقبلون أكثر على الكتب المدرسية، والحوامل التربوية، أما فئة الباحثين المهتمين بمجال الثقافة الأمازيغية، فهم يهتمون خصوصا بالدراسات والأبحاث، كما أن الرواق يستهدف كذلك فئة الكبار غير الناطقين باللغة الأمازيغية، حيث أنهم من خلال هذا الفضاء، يجدون عددا من الوسائل التي تمكنهم من تعلم اللغة الأمازيغية...».
ولم نترك الفرصة تمر، دون أن نتساءل مع الأستاذة أوفرا، عن الوضع الحالي للثقافة الأمازيغية، فأبدت تفائلا، وهي تؤكد على أنه «منذ إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية،كان من بين أهدافه الأولى، إدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية، وكذلك في الإعلام، وقد تحقق عدد كبير من الإنجازات، يعد من أبرزها، إحداث القناة الأمازيغية،التي تعتبر منبرا إعلاميا مهما جدا، يعنى باللغة والثقافة الأمازيغية. وفي مجال التعليم، تم إدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية، ذلك أن عددا من المؤسسات التعليمية الآن، تدرس اللغة الأمازيغية، على مستوى مختلف أكاديميات المملكة، فهناك أكاديميات في الجنوب والوسط وكذلك في الشمال، مع الأمل أن يتم معا قريب تعميم تدريس الأمازيغية في جميع المدارس والمؤسسات التعليمية، من أجل النهوض بهذه اللغة داخل أرض الوطن. علما بأن المعهد قام بإنجاز جميع الكتب المدرسية والحوامل التربوية، في جميع المستويات، من المستوى الأول إلى المستوى السادس من التعليم الابتدائي، وهناك الحوامل التربوية التي تساعد الأساتذة في تدريس اللغة الأمازيغية..».
ومن بين المنتوجات التي يوزعها الرواق على زوار بشكل مجاني، يوميات مكتوبة بحرف التيفناغ، و كراسة تشتمل على جرد بإسهامات المعهد في النهوض بالأمازيغية،وكراسة أخرى توثق زخم إصدارات المعهد، على مستويي الكم والنوع. بالإضافة إلى دليل منشورات المعهد على امتداد العقد الأخير تقريبا.
ويراهن المعهد من وراء هذا الزخم من الأنشطة، على مأسسة الثقافة الأمازيغية، وإدماجها بالتالي بشكل فعلي في السياسات العمومية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.