دعم عربي اقتصادي للثورة المصرية وبغداد تنتظر قمة عربية استثنائية قوبل تعيين المجلس العسكري الحاكم في مصر المستشار المتقاعد طارق البشري رئيسا للجنة صياغة التعديلات الدستورية بترحيب كبير في الأوساط الشعبية والسياسية والقضائية، في حين واصل الآلاف من العاملين بمؤسسات الدولة الاحتجاج للمطالبة بزيادة الأجور مقتدين في ذلك بالثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك. هذا وللبشري أحكام قضائية ناصعة البياض وهو يحظى بالاحترام من كل أطياف الشعب، كما يحظى بالاحترام في الأوساط القانونية لآرائه المستقلة، مشيرا إلى أن تعيين هذه الشخصية زاد من ثقة قادة الثورة في قرارات المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وأن الشعب يأمل أن يتم اختيار شخصيات أخرى محترمة وذات كفاءة لشغل الحقائب الوزارية كي تكون قادرة على تحقيق آمال المواطنين وتطلعاتهم. بالإضافة إلى أن التطورات المتلاحقة التي حدثت خلال الأيام الأربعة الماضية المتمثلة بالتحقيقات في ملفات الفساد وشملت ثروة مبارك وعائلته ووزير الداخلية السابق حبيب العادلي وغيرهم وشملت أيضا 35 شخصية أخرى في حكومة أحمد نظيف وحتى الوزارات التي سبقتها، إلى جانب تطورات مهمة في وزارة الداخلية شملت إقالة قيادات يحقق معها الادعاء العسكري في توسيع إطلاق الرصاص على المتظاهرين فيما يعرف بجمعة الغضب، كل ذلك يزيل نوعا ما الضبابية والمخاوف التي لازمت المتظاهرين وجعلتهم يتمسكون بالاعتصام. وهناك حديثا أيضا عن توسيع المجلس الأعلى للقوات المسلحة وتشكيل مجلس رئاسي يضم شخصيات مدنية وعسكرية تحظى بالاحترام. وفي سياق ذلك، وفي ضوء تلك التطورات الإيجابية، فإن أكثر من جهة تتحدث باسم المتظاهرين تقول إن يوم الجمعة سيكون يوما للاحتفال بانتصار الثورة وليس يوما للاحتجاجات بعد أن زادت ثقة المتظاهرين بقرارات الجيش الهادفة لتنفيذ الوعود التي قطعها لقادة الثورة بشكل سريع. قرارات المجلس وكان المجلس العسكري الأعلى الذي يرأسه المشير محمد طنطاوي قد عين مساء أمس البشري رئيسا للجنة صياغة التعديلات الدستورية التي يتوقع استفتاء الشعب عليها خلال شهرين، بما يمهد لإرساء حكم مدني ديمقراطي. وقد أكد البشري -الذي يوصف بأنه أحد أفضل خبراء القانون في مصر- لرويترز قرار تعيينه، دون إعطاء مزيد من التفاصيل. وأكد ناشطون بارزون في ثورة 25 يناير أن قيادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة أكدت لهم في اجتماع أنه سيتم الانتهاء سريعا من التعديلات الدستورية لتعرض بعد ذلك في استفتاء شعبي. وقال الناشط وائل غنيم إن عضوين في المجلس العسكري أبلغوا وفدا من نشطاء الثورة أن التعديلات الدستورية المرتقبة ستكون جاهزة في غضون عشرة أيام، على أن يتم استفتاء الشعب عليها في غضون شهرين. وكان المجلس العسكري الأعلى قد قرر في وقت سابق تعليق العمل بالدستور، وقال إنه سيحكم لستة أشهر أو حتى انتخاب رئيس جديد للبلاد. وفي بيان أصدرته أمس، طالبت حركة 25 يناير -وهي الواجهة السياسية لائتلاف شباب الثورة- المجلس العسكري بإصدار إعلان دستوري مؤقت ينظم المرحلة الانتقالية، وتضمن البيان مطالب من أهمها: - وضع دستور جديد للبلاد يمهد لجمهورية برلمانية، ويقلص صلاحيات الرئيس، ويفصل بين السلطات، وينظم الانتخابات. - إعادة تشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية في غضون شهر كحد أقصى. - إلغاء حالة الطوارئ والمحاكم الاستثنائية والأحكام العرفية. -إطلاق حق تكوين الجمعيات والنقابات وإصدار الصحف، وإنشاء وسائل إعلام أخرى بلا قيود. - الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين قبل وبعد الثورة. - حل الحزب الوطني الحاكم، وتسليم جميع مقراته وأمواله للدولة. - إلغاء جهاز مباحث أمن الدولة، وإلغاء توجيه المجندين لقطاع الأمن المركزي. - إلغاء قانون الأحزاب في غضون عشرة أيام، ووضع قانون جديد خلال شهر. - تنفيذ كافة الأحكام القضائية التي صدرت في الفترة السابقة، الخاصة بوقف تصدير الغاز لإسرائيل. - حل كافة المجالس المحلية، وعدم السماح لمن شارك في الحكومة الانتقالية بالترشح في الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية المقبلة. وقال عبد الرحمن سمير عضو ائتلاف ثورة 25 يناير إنه تم التوافق على بعض الأسماء التي سيقترحها قادة الثورة على المجلس العسكري لرئاسة حكومة تكنوقراط مقبلة. وذكر من تلك الأسماء الوزير السابق أحمد جويلي وحازم الببلاوي. ومن المقرر الإعلان الجمعة المقبلة -بمناسبة المسيرة المليونية المرتقبة- عن تشكيل مجلس أمناء للثورة (ثورة 25 يناير) يضم جميع أطياف المجتمع. احتجاجات نقابية وتأتي هذه التطورات في وقت واصل فيه آلاف العاملين في مؤسسات الدولة من سائقي الإسعاف ورجال الشرطة وموظفي البنوك الاحتجاج والاعتصام للمطالبة بزيادة الأجور. فقد نظم موظفو البنك الأهلي المصري، وهو أكبر بنك مملوك للدولة، إضرابا بعد يوم من تنظيم المئات من زملائهم اعتصاما أمام مقر البنك. وقد أجبر الإضراب في هذا البنك والبنوك الحكومية الأخرى البنك المركزي على إغلاق جميع أبواب البنوك الأخرى أمس الاثنين كما أجبر البورصة المصرية على إرجاء استئناف عملها إلى الأسبوع القادم بعد أن كان من المقرر أن تفتح أبوابها غدا الأربعاء. وفي القاهرة أيضا تظاهر المئات من عمال النقل أمام مبنى قناة النيل التلفزيونية ومبنى الإذاعة للمطالبة بتحسين أجورهم، كما طالب مئات المحتجين بحل مجلس إدارة اتحاد العمال خلال مظاهرة نظمت أمام مبنى الاتحاد. كما أوقف سائقو سيارات الإسعاف مركباتهم على الطريق الممتد على نهر النيل في حي الجيزةبالقاهرة للمطالبة بزيادة أجورهم. وجرت مظاهرات أخرى نظمها خريجو معاهد وكليات الآثار وموظفو خطوط مصر للطيران ودار الأوبرا وغيرها من المؤسسات الأخرى في القاهرة ومدن أخرى للمطالبة بتوفير وظائف أو إقالة مجلس إدارة أو زيادة الأجور. وردا على ذلك دعا المجلس الأعلى للقوات المسلحة المواطنين إلى وضع حد للتظاهر والاعتصام، وتهيئة ما سماه المناخ المناسب لإدارة شؤون البلاد في هذه المرحلة، إلى حين تسليم السلطة للحكومة المدنية الشرعية المنتخبة. وأصدر المجلس بيانا خامسا أهاب فيه «بالمصريين الشرفاء أن يدركوا أن الوقفات الاحتجاجية تؤدي إلى آثار سلبية، وتتسبب في الإضرار بأمن البلاد، لما تحدثه من إرباك في مرافق الدولة». وأشار البيان إلى أن تلك الاحتجاجات «تؤثر سلبيا على توفير متطلبات الحياة، وتؤدي أيضا إلى إرباك عجلة الإنتاج وتعطيل مصالح المواطنين، وتؤثر سلبا على الاقتصاد، وتهيئ المناخ لعناصر غير مسؤولة وأعمال غير مشروعة». على صعيد آخر، أعرب مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين عن تقديره للثورة فى مصر وتونس، كما أبدت العديد من الدول الأعضاء استعدادها لتقديم مساعدات اقتصادية للثورة المصرية. لكن السفير أحمد بن حلي نائب الأمين العام للجامعة رفض خلال تصريحاته للصحفيين عقب الاجتماع الذي عقد أمس، تحديد أسماء الدول التي بادرت بعرض المساعدة كما رفض تقديم أي تفاصيل أخرى في هذا الشأن. وشدد المندوبون الدائمون للدول العربية على ضرورة التضامن في هذه اللحظات الحرجة التي يمر بها العالم العربي، كما أشادوا بروح الشباب العربي الذي أثبت أنه قادر على التطوير والإصلاح. وخلال اجتماعهم التشاوري الذي عقد بمشاركة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ومساعديه، أكد المندوبون الدائمون أن هناك واقعا عربيا جديدا ولابد أن يكون هناك تناسق مع هذا التيار الجارف من الشباب داعين إلى الاستمرار فى مسيرة التطوير والديمقراطية في الوطن العربي. وكان الاجتماع قد بدأ بالوقوف دقيقة حداد على أرواح شهداء الثورة المصرية. قمة بغداد أوضح بن حلي أن الاجتماع التشاوري تطرق أيضا إلى القمة العربية المقبلة المقرر عقدها في العاصمة العراقية بغداد نهاية الشهر المقبل، وقال إنها ستتم في موعدها ولا خلاف على استضافة العراق لها. من جانبه قال المندوب العراقي قيس عزاوي إن بغداد تقوم بإطلاع المسؤولين في الجامعة العربية أولا بأول على آخر الاستعدادات لاستضافة القمة مؤكدا حرص بلاده على مشاركة الجميع في هذه القمة والخروج بقرارات تساعد على ازدهار وتنمية الدول العربية.