إعادة النظر في قانون التعمير وسن قانون خاص بالمدن الجديدة أبرز توصيات ندوة التنمية الحضرية أوصى المشاركون في ندوة حول "التنمية الحضرية بين النظرية والتجربة العملية"، نظمها كل من المعهد العربي لإنماء المدن ومديرية الجماعات المحلية بوزارة الداخلية المغربية. ب "ضرورة إعادة النظر في الاختصاصات المتعلقة بالتعمير في المغرب بين القطاعات العمومية والمجالس المنتخبة، وتكريس العمل في إطار تشاركي" للدفع بعملية التخطيط الاستراتيجي في ميدان التنمية الحضرية. كما دعت التوصيات الصادرة عن الندوة التي اختتمت أشغالها أول أمس بمراكش، إلى الحرص على إمداد الجماعات المحلية وخاصة القروية منها، بالإمكانيات والآليات اللازمة من ميزانيات وكوادر فنية، لتمكينها من تهيئ وتنفيذ مخططاتها التنموية، سيما بعدما كشفت إحصاءات جديدة لوزارة الداخلية قدمت لأول مرة بشكل رسمي، خلال الندوة ذاتها، أن أزيد من 600 جماعة محلية بالمغرب (من أصل 1504) لم تستطع تهيئ وإعداد المخطط الجماعي للتنمية المنصوص عليه في الميثاق الجماعي بعد مرور ما يقرب العام عن إجراء الانتخابات الجماعية. وفي هذا الصدد، أشارت إحدى التوصيات المتعلقة بالتخطيط الاستراتيجي والتنمية الحضرية، إلى أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة يوجب الاتفاق على رؤية مستقبلية بمشاركة جماعية، ووضع الخطط والآليات التي تمكن من تنفيذ الرؤيا المستقبلية على مدى آجال متفق عليها. وفي هذا الاتجاه، رأى المشاركون أنه من الضروري وضع "خارطة طريق" لإعداد وتنفيذ خطة عمرانية شاملة قابلة للتطبيق في المدن العربية. وفي سياق التوصيات الصادرة عن الندوة في موضوع الإسكان بالمدن، حرص المشاركون على الدعوة إلى سن قانون جديد يؤطر وينظم خلق المدن الجديدة بالمغرب، سيما أن المشاكل الحضرية التي تعانيها المدن القائمة، تدفع في اتجاه عدم تكرار الأخطاء نفسها بالنسبة للمدن الجديدة، ومن أبرز العيوب التي وقف عندها المشاركون، في موضوع الإسكان بالحواضر، تعدد المتدخلين، سواء من الإدارات المركزية أو الوزارات المعنية، أو المؤسسات العمومية وغيرها، ما يشكل في اعتقاد المشاركين، عائقا في تحقيق التنمية المحلية ويطرح بالتالي، مشاكل عدة في معالجة القضايا المطروحة وأيضا في تحديد المسؤوليات في مجال تدخل كل الفاعلين في هذا الشأن. وألحت التوصيات، للتخفيف من أثر هذه العيوب، تعزيز التنسيق بين مختلف الوزارات في مجال التدخل في المدينة، مع تفعيل البرنامج الوطني للتنمية الحضرية. وفي موضوع المرافق العمومية، ركزت التوصيات على مجال النقل والتنقلات، وشددت على أن تخطيط النقل الحضري يجب أن يتزامن مع التخطيط العمراني، كما دعت إلى إعداد المحفزات التي تشجع المواطنين على استعمال النقل العام كبديل للسيارة الخاصة، وفضلت في هذا السياق، أن تتجه مشاريع النقل الحضري نحو القطارات المرفوعة أو النفقية للحفاظ على الأراضي الحضرية، أضف إلى ذلك، العمل على إعادة هيكلة النقل الحضري عن طريق التفكير في بدائل ك"الترامواي" و"ميترو الأنفاق"، على أن تدرج الإكراهات المرتبطة بالنقل الحضري ضمن تصميم التهيئة. ومن جهة أخرى، قدم المشاركون مقترحات تهدف إلى تحسين جودة خدمات المرفق العمومي لا سيما الماء والكهرباء والتطهير السائل، كخلق صندوق تساهم فيه الدولة ومجالس المدن بغرض تمويل المشاريع المتعلقة بالمرفق العمومي، فضلا عن دعم الدولة بالآليات الضرورية لمواكبة وتتبع التدبير المفوض للمرافق العمومية. كما زكت إحدى التوصيات مشروع وزارة الداخلية بخصوص خلق فاعل واحد متعدد الخدمات على صعيد كل جهة، فيما يتعلق بتوزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل، وكذا إحداث شركات للتنمية المحلية وفق ما تسمح به مقتضيات الميثاق الجماعي. وفي موضوع التنمية البشرية والتنمية المستدامة، دعت الندوة إلى "خلق هيئة أو جهاز يهتم بالتنسيق والتخطيط للعمليات المبرمجة في إطار كل من البرنامج الوطني للتطهير السائل ومعالجة المياه العادمة، والبرنامج الوطني لتدبير النفايات المنزلية والمماثلة لها". كما طالبت التوصيات، من جهة أخرى، ب"إشراك الجماعات المحلية في الإشراف على المشاريع المنجزة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وتتبع مراحل إنجازها". ويشار إلى أن هذه الندوة التي شارك فيها ما يزيد عن 450 مشاركا من عدد من الدول العربية ووفود من أقطار إفريقية، وامتدت على مدار ثلاثة أيام، ساهم في أشغالها مسؤولون رفيعو المستوى بوزارة الداخلية المغربية، وعرفت توقيع اتفاق تعاون بين المعهد العربي لإنماء المدن ووزارة الداخلية، يتم بمقتضاه تبادل المعلومات والخبرات وإجراء البحوث المختصة في التعمير والتنمية الحضرية والتنسيق بين الطرفين في موضوعات التخطيط الاستراتيجي للمدن.