تكريم عبد القادر مطاع ومحمود الزموري ومقاربة تحديات ظاهرة الهجرة في إفريقيا تختتم مساء اليوم فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان أكادير للسينما والهجرة الذي انطلق يوم التاسع من هذا الشهر وتميز بالعديد من الفقرات ذات البعد الثقافي والعروض السينمائية المتميزة التي تقارب إشكالية الهجرة، و ترسيخا لثقافة الاعتراف بالكفاءات الفاعلة في مجال الفن السابع تم يوم أمس الجمعة تكريم وجهين بارزين من المسرح والسينما بالمغرب العربي ويتعلق الأمر بالفنان المغربي عبد القادر مطاع والممثل والمخرج الجزائري محمود الزموري عبد القادر مطاع عبد القادر مطاع المزداد سنة 1938 بالدارالبيضاء، في الحي الشعبي المعروف «درب السلطان »، وهناك ترعرع واحتك بوجوه فنية، في الغناء، وفي التشخيص الإذاعي والمسرحي.. التحق أولا بالكتاب، ثم بالمدرسة الابتدائية التي لم يستطع المكوث بها أكثر من موسمين بسبب فقر أسرته ، خصوصا بعد وفاة والده سنة 1950 ، الشيء الذي سيضطره، رغم صغر سنه، إلى الخروج للعمل في النجارة أحيانا وفي إصلاح الدراجات وغير ذلك من المهن أحيانا أخرى .إن الطفولة الصعبة التي عاشها مطاع علمته الاعتماد على النفس ، وانفتاحه المبكر على سوق الشغل جعله يحتك بشرائح اجتماعية مختلفة ويتعلم منها أشياء كثيرة ستنفعه لاحقا في تقمص أدوار متنوعة ومختلفة في المسرح والسينما والتلفزيون والإذاعة والإشهار . أما المسار الفني لعبد القادر مطاع فمبصوم ببعض المحطات الرئيسية في مختلف الميادين المسرحية والإذاعية و التلفزيونية والسينمائية التي تألق فيها فوق الخشبة وأمام الكاميرا والميكرفون، إذ شخص الكثير من الأدوار التراجيدية والكوميدية المختلفة والمتنوعة، وهو يعتز كثيرا ببعض الأعمال التي يعتبرها من الذكريات الجميلة مثل «أمجاد محمد الثالث» و «سيدي عبد الرحمان المجدوب». من بين أهم هذه المحطات الرئيسية في مساره الفني قيامه بدور البطولة في الفيلم السينمائي المغربي «وشمة» من إخراج حميد بناني، هذا الفيلم الذي أحدث ضجة إيجابية في عدة مهرجانات داخل المغرب وخارجه و فاز بجوائز مختلفة من بينها التانيت البرونزي لمهرجان قرطاج بتونس في سنة 1970، ومشاركته في مسلسلات ومسرحيات، وانضمامه إلى فرقة المعمورة للمسرح التي كانت تابعة لوزارة الشبيبة والرياضة و التي عمق فيها تكوينه المسرحي إلى جانب نخبة من ألمع المسرحيين ببلادنا. من بين هذه المحطات أيضا في الميدان الإذاعي انضمامه إلى الفرقة الوطنية للتمثيل التابعة لدار الإذاعة و التلفزة المغربية التي تعلم فيها كيفية التمثيل أمام الميكرفون إلى جانب فنانين كبار من بينهم؛ العربي الدغمي و عبد الرزاق حكم وحمادي التونسي وحبيبة المذكوري وأمينة رشيد وغيرهم. محمود زموري الممثل والمخرج وكاتب السيناريو الفرنسي الجنسية والجزائري الأصل محمود الزموري ( 65 سنة ) ، الذي عرض له بالمناسبة فيلم من إخراجه صوره بفرنسا والجزائر سنة 2006 تحت عنوان « بور ، أبيض ، أحمر « . وتجدر الإشارة إلى أن محمود الزموري متخرج من معهد الدراسات السينمائية العليا بباريس ، استقر بفرنسا مند 1968 واشتغل أولا كمساعد مخرج لعلي غانم في فيلمين وكممثل بدءا من فيلم «فرنسا الأخرى « من إخراج علي غانم سنة 1977 . وطيلة مسيرته الفنية زاوج بين الإخراج وكتابة السيناريو من جهة وبين تشخيص العديد من الأدوار في أفلامه وأفلام غيره من جهة أخرى. وهكذا شارك كممثل في مجموعة من الأفلام نذكر منها على وجه الخصوص « وداعا بانتان « لكلود بيري سنة 1983 و « بينو الشرطي البسيط « لجيرار جونيو سنة 1984 و « ليلة الثمالة « لبرنار ناوير سنة 1986 و « أبيض ابين « للشيخ دوكوري سنة 1992 و « ميونيخ « لستيفن سبيلبرغ سنة 2005 ...وتتكون فيلموغرافيته من عدة عناوين نذكر منها على سبيل المثال ما يلي : « سنوات التويست المجنونة « (1986) ، « من هوليود إلى تامنراست « (1991) و « شرف القبيلة « (1993) المقتبس عن رواية بنفس العنوان للأديب الجزائري رشيد ميموني و « مائة بالمائة أرابيكا « (1997) و « عمارة الحاج لخضر « (2007) ... تتناول أفلامه من منظور نقدي وساخر أحيانا مجموعة من المواضيع الاجتماعية كظاهرة التطرف الديني بالجزائر ومعاناة الجالية الجزائرية في المهجر وصعوبة اندماجها في المجتمع الفرنسي وصراع الأجيال في وسط المهاجرين... ومما يساهم في نجاح أفلامه ورواجها، طابعها الكوميدي وكتابتها السينمائية البسيطة. هذا، وقد استطاع المهرجان بفضل مجهودات «جمعية المبادرة الثقافية» -الجهة المنظمة لهذا الحدث- ومنذ دورته الأولى سنة 2003, أن يكتسب على مر السنين من الخبرة والمكانة ما جعله يتموقع الآن كأحد المواعيد السينمائية القارة لعشاق السينما وطنيا وإقليميا. وقد كان عشاق الفن السابع خلال أيام الدورة، على موعد مع مجموعة من الأفلام من قبيل `»خارج عن القانون» لرشيد بوشارب و»أمريكا» للمخرجة الفلسطينية شيرين دعبس و»ديزغراس» للأسترالي ستيف جاكوبس و»لومومبا» لراوول بيك و»العربي» لإدريس المريني و''أحمد غاسيو'' لإسماعيل سعيدي و»بور بلان غوج» للجزائري محمود الزموري و»الدار الكبيرة» للطيف الحلو و»المنسيون» لحسن بنجلون و»نيي س مير» لغابرييل جوليان لافيريير و»أولاد البلاد» لمحمد إسماعيل. وفي فئة الأفلام القصيرة تابع الجمهور أفلام ك»الفنان» لحسين شكيري و»باسم أبي» لعبد الإله زيرات وغيرها. وقد تضمن برنامج هذه الدورة كذلك أفلاما أخرى تم عرضها بالمركز السجني بإنزكان -آيت ملول وبدار الطالب ببيوغرة بإقليم شتوكة آيت باها. وبجامعة ابن زهر كان الطلبة على موعد مع لقائي مناقشة, فبعد عرض فيلم «اضطراب» لمحمد الكغاط, تم عقد الندوة الأولى بحضور رشيد الوالي وحنان إبراهيم في حين نشط الندوة الثانية السينمائية الفنانة البلجيكية من أصل مغربي رشيدة الشباني بعد عرض فيلمين من أفلامها القصيرة. وقد كانت الفرصة متاحة من خلال الندوات للمختصين والباحثين والمهتمين بقضايا الهجرة لعرض آرائهم حول قضايا الهجرة, وذلك من خلال المحاور الآتية: « الساكنة المهاجرة السوداء مابين الإقصاء والاندماج» و «الوجوه السوداء: عمال المناجم المنتمين إلى جهة سوس بين الذاكرة والنسيان» و «الهجرات النسائية المغربية» وعلى هامش المهرجان, في نسخته الحالية تم تقديم مشروع يهدف إلى إبراز سينمائيين شباب بجنوب المتوسط لعشاق السينما بالمنطقة. ومن بين الشركاء الذين ساهموا في إنجاز هذا العمل الذي سيتم إطلاقه رسميا خلال ماي القادم في إطار مهرجان كان, توجد جمعية «ميل فيزاج « وقناة فرانس الدولية والمركز السينمائي المغربي ولجنة فيلم ورزازات. وحسب المنظمين, فإن هذا المشروع الذي يحمل عنوان «محترف السينما العابرة للمتوسط», يهدف إلى مواكبة الشباب لتنمية مشروع أول فيلم مطول يعزز قيم التلاقح الثقافي. وقد شهدت الدورة التي سنودعها مساء اليوم، مشاركة عدد من السينمائيين والممثلين والمنتجين والنقاد والجامعيين المغاربة والأجانب، وترأسها الممثل الفرنسي من أصل كامروني إيريك إبوانيي, الذي يعد من بين الفنانين الذين تألقوا على الصعيد العالمي من خلال أدائه الرائع في مجموعة من الأعمال الفنية الأمريكية والفرنسية. وباختصار شديد يمكن القول أن الدورة الثامنة شكلت خلال الأيام السابقة فرصة لتكريم السينما الإفريقية وفضاء للنقاش والتفكير حول التحديات التي تطرحها ظاهرة الهجرة.