منح الاتفاق الأممالمتحدة دوراً رئيسياً ومحورياً في تنفيذ ومراقبة كافة بنوده، إضافة إلى دور مهم في إدارة مدينة الحديدة والإشراف على الموانئ الثلاثة فيها اعتبر محللون أنّ «اتفاق ستوكهولم» الخاص بالحرب اليمنية، الذي تمّ التوصل إليه في السويد بين الحكومة (المعترف بها دولياً) والحوثيين (13/12)، يُعدّ «اختراقاً سياسياً مهماً لكنه ينتظر امتحان التنفيذ»!. وأضاف المحللون أن الاتفاق هو «الأهم منذ بداية الحرب، لكن تنفيذه على الأرض تعترضه صعوبات كبيرة، بينها انعدام الثقة بين الأطراف المعنية». وفي الواقع، مثّل الاتفاق أوّل «انفراجة كبيرة في جهود السلام التي ترعاها الأممالمتحدة، بهدف تمهيد الطريق أمام إجراء مفاوضات سياسية، تنهي الحرب المستعرة منذ نحو أربعة أعوام، والتي أودت بحياة عشرات الآلاف، ودفعت اليمن إلى شفا المجاعة». وسيُخرج الاتفاق، في حال الالتزام به وتطبيقه، مدينة الحديدة والموانئ الثلاثة الرئيسية فيها من دائرة النزاع العسكري، حيث يُفترض أن تنسحب التشكيلات المسلحة كافة من المدينة وموانئها، ويحصل وقف إطلاق نار يشمل كل المحافظة، ويفتح الطريق بين موانئ المدينة وباقي المناطق اليمنية. وترافق هذا «التوافق» على الحديدة مع توافق آخر؛ يكسر الحصار عن تعز، ويفتح ممراً إنسانياً آمناً فيها، فضلاً عن إطلاق عملية نزع الألغام في المدينة، التي ستفتح للمرة الأولى طرق التنقل أمام مواطنيها المحاصرين منذ سنوات. اتفاق «ناقص» ولكنه انجاز! ووصف الاتفاق ب«الناقص»، نظراً إلى الاختلاف الواضح في تفسير بنوده بين الطرفين المتحاربين، استناداً إلى تصريحات أعضاء وفديهما عقب انتهاء المشاورات مباشرة. وقال محللون إنّ نتائج مشاورات ستوكهولم، «لم تكن على مستوى تطلعات كثيرين، يمنياً وإقليمياً ودولياً»، ومع ذلك فإنّ «التوافق» حول مدينة الحديدة ومينائها «يُعدُّ إنجازاً تاريخياً على الأصعدة السياسية والعسكرية والإنسانية، (…) وخطوة مهمة لتمهّيد الطريق أمام جولة جديدة من مشاورات أشمل وأوسع نطاقاً». وكان المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيث، نجح، بدعم ومساندة بريطانية وأوروبية، في تكثيف الضغط على الوفدين اليمنيين، لانتزاع توافق جزئي حول الحديدة ومينائها وميناءي الصليف ورأس عيسى، إضافة إلى الاتفاق حول تبادل أكثر من 15 ألف أسير من الطرفين، إلى جانب اتفاق عام حول مدينة تعز المحاصرة. ضغط أممي وبريطاني وفي سبيل ذلك، حظي غريفيث بدعم مباشر من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومتابعة حثيثة من الدول الكبرى ومجلس الأمن، وخاصة من وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت، الذي رمى بثقله في المشاورات ووصل برفقة غوتيريش إلى مقرها في يومها الأخير. وأكد غوتيريش أن الاتفاقات «يجب أن تدعم بقرار قوي من مجلس الأمن»، يضمن آلية المتابعة والتزام الأطراف بها، مشدداً على أن هذا الإنجاز «هو خطوة أولى نحو طريق السلام وإنهاء الحرب والمأساة الإنسانية الأكبر التي يشهدها القرن الحالي» في اليمن. ويكشف الدور الذي لعبته لندن في توقيع الاتفاق، عن أهمية الملف اليمني بالنسبة إليها، في وقت تنشغل فيه العاصمة البريطانية، وعلى أعلى المستويات، بأزمة «بريكست» المتصاعدة!. ويمنح الاتفاق الأممالمتحدة دوراً رئيسياً ومحورياً في تنفيذ ومراقبة كافة بنوده، إضافة إلى دور مهم في إدارة مدينة الحديدة والإشراف على الموانئ الثلاثة فيها. تفاصيل الاتفاق وتضمن الاتفاق موافقة الجانبين، الحكومي والحوثي، على انسحاب القوات العسكرية من مدينة الحديدة وموانئها، وتشكيل لجنة مشتركة مهمتها مراقبة وقف إطلاق النار، وعملية الانسحاب من المدينة وموانئها، وفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية. وتوقع غريفيث أن يحترم الطرفان المعنيان التزاماتهما بمقتضى نصّ وروح اتفاق ستوكهولم، والانخراط في التطبيق الفوري لبنوده، وذلك قبل إصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يدعم صيغة الاتفاق ويترك للمبعوث الأممي حق تفسيره، بعد أن برزت العديد من التباينات على السطح في ما يتعلق بتفسير الاتفاق الخاص بالحديدة، وخصوصاً الجزء المتعلق بالانسحاب من المدينة وموانئها. كما تبدي الحكومة «الشرعية» قلقها من أن ينتقص القرار الجديد، الذي سيصدر، من القرار 2216 الذي يُعدّ واحداً من ثلاث مرجعيات أساسية، بالنسبة إليها، للحل في اليمن. وشدد الاتفاق على أن يكون للأمم المتحدة دور قيادي في «دعم الإدارة وعمليات التفتيش للمؤسسة العامة لموانئ البحر الأحمر اليمنية في موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى». وأشار الى تعزيز وجود الأممالمتحدة في مدينة الحديدة وموانئها، على أن «تلتزم الأطراف بتسهيل وتمكين عملها»، وتسهيل حرية الحركة «للمدنيين والبضائع من وإلى المدينة وموانئها»، على أن تودع جميع إيراداتها «في البنك المركزي اليمني من خلال فرعه الموجود في الحديدة، للمساهمة في دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية في محافظة الحديدة وجميع أنحاء اليمن». وبموجب الاتفاق، تقع مسؤولية أمن مدينة الحديدة والموانئ الثلاثة على عاتق «قوات الأمن المحلية وفقاً للقانون اليمني، ويجب احترام المسارات القانونية للسلطة، وإزالة أي عوائق أو عقبات تحول دون أداء المؤسسات المحلية وظائفها بما فيها المشرفون».