ضمان أخلاقيات المهنة، دمقرطة هياكل الهيئة وإعمال آليات للمراقبة تعزيزا للشفافية والمحاسبة صادق مجلس الحكومة الأخير على مشروع القانون المتعلق بالهيئة الوطنية للأطباء، والذي بمقتضاه ستتم دمقرطة هذه الهيئة وإخضاعها لآليات الحكامة الجيدة، واضعا بذلك حدا لفترة من الأخذ والرد بين الهيئات النقابية الممثلة للأطباء ورئيس المجلس الوطني للهيئة امتدت على مدى ست سنوات (أي منذ سنة 2004) حول الصيغة النهائية لنص مشروع القانون، حيث كانت الهيئات النقابية الممثلة للأطباء تدعو إلى إقرار قانون جديد يتيح إحداث هيئة مهنية قوية وموحَّدة تضم جميع الأطباء بغض النظر عن انتماءاتهم القطاعية، بل ويضمن دمقرطة هياكلها بانتخاب كل أجهزة الهيئة من طرف كل الأطباء مع اقتراح صيغة واضحة لضمان حد أدنى من المقاعد لتمثيل كل قطاع. وقال محمد بناني الناصري رئيس النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر في تصريح لبيان اليوم: «إن نص مشروع القانون المصادق عليه يوم الخميس الماضي من طرف مجلس الحكومة هو ذات المشروع الذي سبق وأن صادقت عليه بالإجماع وبدون تحفظ لجنة التنسيق الوطنية للمنظمات النقابية الوطنية الممثلة للأطباء العاملين في القطاع الجامعي والقطاعين العام و الخاص بتاريخ 10 أكتوبر من السنة الماضية»، موضحا بخصوص ما يحمله من مستجدات وإيجابيات أن نص المشروع برمته «كان من اقتراح وصياغة مختلف الهيئات الممثلة للأطباء سواء العاملين بالقطاع العام أو الخاص». وأكد بناني الناصري، أن المطلوب من الحكومة الآن هو الإسراع بتقديم نص المشروع إلى البرلمان للمصادقة عليه ليدخل حيز التنفيذ ويتم إقرار بنية مؤسساتية جديدة تعتمد الآليات الديمقراطية في وضع هياكلها. أما مصطفى الشناوي الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للصحة التابعة للكنفدرالية الديمقراطية للشغل، فقد أبرز في اتصال هاتفي أجرته معه الجريدة، أن مشروع القانون الخاص بالهيئة الوطنية للأطباء الذي تمت أخيرا المصادقة عليه، كان نتيجة تنازلات متبادلة وأرضية متوافق عليها بين الأطباء في القطاع الجامعي والقطاعين العام والخاص ورئيس الهيئة الوطنية للأطباء ووزارة الصحة، مشيرا في هذا الصدد إلى المسار النضالي الطويل الذي خاضه الأطباء من أجل الوصول إلى هذا القانون في صيغته الحالية والتي تعد تجسيدا لإرادة الأطباء بغض النظر عن انتمائهم القطاعي من أجل إقرار قانون يحرص على ضمان أخلاقيات المهنة، ويضمن إحداث هيئة ديمقراطية بجميع هياكلها. وحول أهم المستجدات التي حملها مشروع القانون الجديد المنظم للهيئة، أفاد المتحدث أن القانون كما جاء في صيغته المصادق عليها أكد على دمقرطة الهيئة بجميع هياكلها حيث أن الرئيس سيخضع لآلية الانتخاب بدل التعيين، وذلك من طرف جميع الأطباء أيا كان انتماؤهم القطاعي بمن فيهم الأطباء المنتمون للقوات المسلحة الملكية، حيث يعمد المجلس الوطني الذي يتألف من 27 عضوا في أول اجتماع له بانتخاب الرئيس، وأن القرارات ستتخذ من طرف المجلس الوطني والمجالس الجهوية حسب القضايا. وأضاف أن المشروع الجديد يخدم صحة المواطن بالأساس، وذلك من خلال نصه على الارتقاء بالصحة وتحصين مهنة الطب، حيث أكد على أن اختصاص الهيئة يتحدد في الدفاع والحرص على أخلاقيات المهنة في حين كل القضايا المتعلقة بتحسين الأوضاع المادية بما فيها الزيادة في الأجور أو الضرائب وتحديد التعريفة بالنسبة للقطاع الخاص هي من اختصاص النقابات. كما أن المشروع أقر آلية لمراقبة ومحاسبة المجلس الوطني عبر إدخال مقتضى الجمعية الوطنية التي تتألف من مجموع أعضاء المجلس الوطني والمجالس الجهوية، بحيث تجتمع مرة في السنة لتدارس التقرير المالي وحصيلة العمل، وإذا تبين أي خلل في تسيير الهيئة يمكن أن تتقدم بملتمس رقابة الذي يؤدي إلى تغيير فريق المجلس الوطني عبر إجراء انتخابات سابقة لأوانها. وكان خالد الناصري وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، قد أكد في الندوة الصحفية التي أعقبت اجتماع مجلس الحكومة أن مشروع قانون هيئة الأطباء الذي تمت المصادقة عليه «حرص على الأخذ بعين الاعتبار كل التراكمات الإيجابية والسلبية التي عرفتها الهيئة منذ إحداثها، لتصبح هيئة ممثلة لكل القطاعات الطبية، ومتوفرة على الوسائل والآليات التشريعية والتنظيمية التي تمكنها من أداء مهامها بكل موضوعية وحيادية». وأضاف الوزير أن هذا القانون الجديد يرمي إلى ضمان تحديث هذه المؤسسة المهنية، والرفع من أدائها ونجاعتها، بتمكينها من الوسائل الضرورية، للنهوض برسالتها في السهر على احترام أخلاقيات مهنة الطب وحماية صحة المواطنين، موضحا أنه يتمحور حول إعادة النظر في نوعية وحجم ومهام الهيئة، واختصاصات المجلس الوطني والمجالس الجهوية، ووظائف رؤساء المجالس، كما حدد نظام انتخاب أعضاء المجلس الوطني والمجالس الجهوية، وكيفية انتخاب رئيس المجلس الوطني من طرف الأعضاء المنتخبين في المجلس. كما يشمل موارد الهيئة وسبل تحسين تدبيرها، وتعزيز الشفافية والمحاسبة، خاصة عبر إجبارية التدقيق والافتحاص السنوي للحسابات من طرف خبير محاسب، وتحسين طرق اشتغال الهيئة، وتدقيق المقتضيات المتعلقة بالنظام التأديبي للهيئة، خاصة بالنسبة لأطباء القطاع العام.