منقبات أو محجبات أو سافرات يرتدين الجينز والتي شيرت, كذبت المرأة المصرية الفكرة السائدة عنها في الغرب بتواجدها القوي في ميدان التحرير وسط القاهرة الذي أصبح معقلا لحركة الاحتجاج الشعبي غير المسبوقة المطالبة بإسقاط النظام. الروائية سحر الموجي تقول «أحضر إلى هنا منذ الجمعة 28» يناير الماضي وهي تلوح بعلم مصر وسط الآلاف من المتظاهرين الذين توافدوا يوم الجمعة الماضية على هذا الميدان للمطالبة برحيل الرئيس حسني مبارك. ورغم الصدامات الدامية التي جرت الأربعاء الماضي بين المتظاهرين المتحصنين في الميدان وبين أنصار مبارك الذين حاولوا اقتحامه لمهاجمتهم والتي سقط خلالها 11 قتيلا على الأقل تؤكد سحر الموجي أن الخوف من العنف لم يمنعها من الانضمام إلى المحتجين. وتقول «كنت خائفة. لكن كان من المستحيل أن أبقى في المنزل» خلال المسيرات «المليونية» ليوم «جمعة الرحيل». وأضافت بفخر «نحن نشارك في أعظم ثورة في تاريخ مصر». من جانبها تقول مروة (25 عاما) الحاصلة على بكالوريوس علوم في الأحياء «من الضروري أن تشارك المرأة في هذا الحدث العظيم إلى جانب الرجل». وحملت هذه الشابة المحجبة التي ترتدي البنطلون الجينز والعاطلة عن العمل لافتة مكتوب عليها بالانكليزية «الشعب يريد رحيل الرئيس». وتؤكد مروة «دور المرأة لا يقل عن دور الرجل. فنحن نعاني من المشاكل نفسها», مضيفة «لا نريد مبارك. نريد تغيير النظام. لقد طالبنا دائما بإلغاء حالة الطوارئ» السائدة في البلاد منذ 30 عاما والتي تحظر التظاهر بدون تصريح وتتيح للسلطات اعتقال أي شخص بدون محاكمة. العديد من العائلات يتجمع بكل إفرادها لقضاء اليوم في الميدان. والجمعة الماضية وقفت مجموعة من النساء المحجبات رددن هتفات معادية لمبارك وغير بعيد عنها مجموعة أخرى مختلطة من الشباب والشابات تردد الأغاني الوطنية والتراثية. إيناس أم لثلاثة أبناء تقول «يجب أن تشارك كل فئات المجتمع من رجال ونساء» في التظاهرات. وتقول هذه الأرملة إنها تترك أبناءها مع والدتها لتشارك في التظاهرات. وهي تمضي الليل في فندق رخيص قريب من الميدان وفي الصباح تعود إلى المنزل لتطهو لأبنائها قبل أن تقفل راجعة إلى الميدان قبل بدء سريان حظر التجول. ولم تسجل حالة تحرش واحدة في المكان رغم ازدحامه بعشرات الآلاف من الجنسين, رغم أن ظاهرة التحرش الجنسي مصدر معاناة كبرى للنساء اللاتي يتعرضن له سواء كن محجبات أو غير محجبات وتحول إلى آفة اجتماعية خطيرة تناولها مؤخرا وبجرأة شديدة فيلم «678». وتؤكد مروة «التحرش الجنسي ظاهرة متفشية بشدة, كثيرا ما عانيت أنا نفسي منها. لكنها غير موجودة هنا على الإطلاق», مضيفة «اشعر هنا بأنني وسط إخوتي». وصباح يوم السبت قامت مجموعة من نحو مائة امرأة بمسيرة في الميدان وهن يهتفن «لماذا تقتلون أبناءنا .. لماذا تقتلون شبابنا» في الوقت الذي كان العديد من المحتجين قد بدؤوا يصحون من النوم.