كعادتها، وفي بداية كل موسم جامعي، تنظم كلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة ابن زهر بأكادير، الدرس الافتتاحي المخصص لماستر مهن الإعلام وتطبيقاته الذي يستفيد منه الفوج الجديد الملتحق بهذا التكوين العالي المتخصص في تطوير الفعل الإعلامي وفي مواكبة تطوراته ومستجداته المتجددة، بتنسيق مع المرصد الجامعي لمهن وممارسات الإعلام. درس هذه السنة، شكل الاستثناء الإيجابي من حيث الحضور والموضوع وخاصة من حيث قيمة الضيوف، إذ استطاع المنظمون إقناع الأستاذ أليون بدرا سيسي، وزير الخارجية السنيغالي الأسبق والوسيط الحالي للجمهورية مرفوقا بالسيدة كوليبالي، المديرة بالنيابة لجامعة المقاولات الخاصة بدكار. درس الانطلاقة التكوينية للفوج السابع لإعلاميي الغد، اختير له عنوان “علاقات المملكة المغربية بالجمهورية السنغالية، والرهانات الإفريقية” كمحور أساسي انبرى له المتدخلون، كل من زاويته، بكثير من الدقة والتركيز دفعت بكل الحاضرين إلى التفاعل الإيجابي مع المحور بشغف كبير بالنظر لأهمية الموضوع وكذا لراهنتيه. هكذا، سلط الضيف الإفريقي، من خلال مداخلته، الضوء على العلاقات المغربية السينيغالية التي وصفها بالتاريخية وبالمتينة، تترجم بجلاء علاقات الأخوة والصداقة التي تجمع بين الحكومتين كما تجمع بين الشعبين الشقيقين منذ عقود من الزمن، معرجا على الدور الريادي الذي تلعبه مدينة أكادير في تكريس ثقافة التسامح وفي لملمة شمل مختلف الجنسيات والأطياف التي تتعايش في كل فضاءات مدينة الانبعاث الساحرة، حسب وصف سيسي الذي استعرض خلال كلمته بالمناسبة الوضعية المقارنة للعلاقات بين الإفريقية خلال مغادرة المغرب لمنظمة الوحدة الإفريقية بداية ثمانينيات القرن الماضي وعودته الميمونة لبيته الإفريقي في السنة الماضية والتي أعادت الدفء المفقود منذ أزيد من ثلاثة عقود لدول القارة السمراء، معتبرا في معرض حديثه للعشرات من الطالبات والطلبة والأطر الإدارية والتربوية الذين غصت بهم جنبات قاعة العروض والندوات التابعة لفضاء الإنسانيات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير، المغرب والسنيغال توابث التنمية بالقارة السمراء ومحركي اقتصادها الذي عرف نموا كبيرا وطفرة نوعية في السنوات الأخيرة، مؤكدا على أهمية عملية التجذر الإيجابية التي أقدم عليها المغرب في السنين الأخيرة تحت القيادة الرشيدة لعاهل البلاد. من جانبه، ركز الدكتور عبد الجليل الإدريسي كلمته بالمناسبة على الجانب المتعلق بالبحث العلمي والأكاديمي داخل أروقة جامعة ابن زهر بشكل عام وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بشكل خاص، منوها بالتطور الكبير الذي عرفه التبادل العلمي والثقافي بين البلدين الشقيقين المغرب والجمهورية السنغالية من خلال تبادل التجارب والمهارات العلمية وكذا الاستقطاب الطلابي بين البلدين، ومن الجانبين، مشيرا إلى عزمه الاشتغال رفقة المسؤول الحكومي السنغالي الأسبق على مشروع معجم فرنسي يشمل القاموس المحرك للوساطة والإعلام، معلنا تنظيم ندوة دولية في موضوع الوساطة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية مطلع شهر مارس المقبل، قبل أن يختم مداخلته بإفادة الحاضرات والحاضرين بمستجدات وبورقة تقنية عن مختبر البحث العلمي “لارسلام” الذي يدير مختلف مكوناته البحثية. أما الدكتور عمر عبدو المشرف العام على ماستر مهن الإعلام وتطبيقاته ورئيس المرصد الجامعي لمهن وممارسات الإعلام، فقد اعتبر الإشعاع ذا البعد الإفريقي الذي عرفه الدرس الافتتاحي للماستر الذي يديره، والسمعة الذي يحظى بها هذا الأخير، استثنائيين، لم يأتيا من محض الصدفة، بقدرما تضافرت حوله كل الجهود سواء من قبل عمادة الكلية التي وفرت كل ظروف النجاح وسخرت كل إمكانياتها اللوجيستيكية والمادية، أو من الفريق البيداغوجي للماستر الذي ينخرط كليا في مشروع تأهيل إعلاميي المستقبل، أو من قبل طلبته الذين يبذلون قصارى الجهود والعمل على الانصهار الكلي مع طبيعة التكوين الذي يعتمد على “بروفايلات” خاصة يتم انتقاؤها وفق ضوابط علمية دقيقة. واختتم عبدوه كلمته بتذكير الطلبة والأطر الحاضرة باتفاقية الشراكة التي سيتم توقيعها من قبل مختبر “لارسلام” وجامعة المقاولات الخاصة بالسنغال التي تديرها السيدة كوليبالي التي شاركت بدورها وبفعالية، في أشغال الدرس الافتتاحي لماستر مهن الإعلام وتطبيقاته لهذه السنة. هذا، ويتزامن هذا الحضور الإفريقي الوازن بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير وتواجد عميدها ونائبه، الأستاذين أحمد بالقاضي ومحمد الناجي بنعمر في دولة الطوغو في مهمة تمثيل جامعة ابن زهر في فعاليات المنتدى المغربي الطوغولي الممتد على مدى أربعة أيام (23-26 أكتوبر) الذي نظمته وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بشراكة مع السفارة الطوغولية بالرباط. وجاءت مشاركة كلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة ابن زهر بأكادير في هذا المحفل الإفريقي لتأكيد دورها الريادي في المنظومة الجامعية الوطنية ولتكريس جهودها في تطوير الفعل التربوي الجامعي وتبويئه المكانة اللائقة به. وكانت مشاركة الوفد الجامعي بأكادير في هذا الملتقى الإفريقي نوعية من حيث عرضها المتميز وكذا من حيث اللقاءات ذات البعد التواصلي والتشاركي مع كل الوفود المشاركة وخاصة مع المسؤولين الطوغوليين الذين خصصوا لهما استقبالات حارة، تم من خلالها التأكيد على أهمية العمل المشترك بين كل الأطراف المشاركة، وعلى تبادل التجارب والخبرات العلمية بين هذه المؤسسة الجامعية ومجموعة من القطاعات الوزارية المهتمة بهذه التجربة الجامعية الرائدة.