فيما اندلع حريق بسوق «فيرارة» أتى على أزيد من 68 محلا تجاريا مبنيا بالقصدير، حسب القيادة الجهوية للوقاية المدينة، عثرت مصالح الأمن على ثلاث بذل لرجال الشرطة بجانب مكان الحريق. وعمدت المصالح الأمنية إلى إخفاء هذه البذل، حتى يتسنى لها الكشف عن ملابسات التخلي عنها بهذا المكان. وأبرزت مصادر أمنية لبيان اليوم، أن هذه البذل عثر عليها بالصدفة، بعد نشوب الحريق بالسوق العشوائي» فيرارة» بحي الولفة بالدار البيضاء. مضيفة أن هذه البذل خاصة بمن يصطلح عليهم ب»سيمي». العثور على البذل الثلاث، لم يعره أي من المتواجدين في المكان أي اهتمام، حيث الخسائر التي خلفها الحريق والتي قدرها بعض تجار السوق بأزيد من 400 مليون، كانت الهاجس الوحيد الذي خيم على المنطقة. خمدت نيران الحريق، الذي شب في براريك «فيرارة»، يوم الاثنين الأخير، لكن رماده ظل يختزن دموع وحسرة المتضررين منه، نساء وشيوخ وأطفال تركوا لمواجهة مصيرهم بعد أن عصفت النيران بمحلاتهم الهشة، وقضت على مصدر أرزاقهم. لم يكن يدرك الحاج محمد كغيره من المتضررين، أنه سيقضي أمس ليلة غير عادية، بعد أن تناول عشاءه، والتجأ إلى فراشه مطمئنا، ولم يكن يدرك أن موعد فتح المحل الصباحي، سيتحول إلى كابوس مرير، وبدل أن يحمل محفظته اليومية، سيحمل دلو المياه للمساعدة في جهود إخماد الحريق، يقول الحاج «محمد» بصوت متقطع نال منه الزكام «تحرقات لي سلعتي ومشا ليا كلشي 10 مليون ديال سلعة مشات أعيباد الله.» ما يقارب 100 محل لقيت مصير محل الحاج محمد، ترك أصحابها يواجهون لوحدهم، قساوة قلة ذات اليد».جرارات وعمال مصلحة النظافة، تسرع في جمع مخلفات الحريق ورفع أنقاضه، رائحة «النيلون» و»البّوليستير» المحروق تمتزج، وما يسربه منفذ الصرف الصحي الموجود قرب موقع الحريق، من رائحة كريهة، وجموع الناس من أهل المنطقة ترقب المشهد، وكأنها مسرحية مملة، دأبوا على مشاهدتها بغير استمتاع، وبين هذا وذاك، يجد اللصوص و»البوعارة»، دورا لهم في هذه المسرحية، بأكياس بلاستيكية كبيرة يتنقلون بخفة بين الأنقاض، يمسحون عن السلع البالية، التي استطاعت النجاة من ألسنة النار، ما اعتراها من غبار الحريق، يجمعونها وينصرفون. يقول «الحاج محمد»، الطاعن في السن، وبوادر الحسرة واليأس تلوح من نظراته، التي لم يرفعها عن محله المحترق: «منظر الحريق في السوق عادي بالنسبة إلى شخص مثلي قضى ما يقارب الخمسين سنة في هذا الحي».