وقفت الدراسة التي أعدها مجلس الجالية المغربية بالخارج، حول "العاملات المغربيات الموسميات"، على جوانب أخرى من التمييز الذي تتعرض له تلك النسوة، منذ البداية، حيث يتم إقصاء الأمهات العازبات برفض طلبهن للعمل في إسبانيا، فيما يتم اختيار من هن إلزاميا إما سيدات متزوجات، أو مطلقات أمهات مسؤولات عن أبناء لا يتعدى سنهم 14 ربيعا، لكن بمجرد وصولهن إلى وجهتهن يتم حجز جوازات سفرهن طيلة مدة عقد العمل. وكشفت الدراسة التي أنجزتها مجموعة العمل التابعة لمجلس الجالية المغربية بالخارج، الخاصة بمقاربة النوع والأجيال الجديدة، والتي ترأسها الخبيرة أمينة النصيري، أن هذا الإجراء لم تتعرض له العاملات المغربيات الموسميات في إسبانيا فقط، بل تعرضن لذلك في المغرب أيضا، حيث سجل حجز جوازات سفر نحو 3600 امرأة، على مدى شهور خلال موسم 2010، وذلك من طرف الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات(أنابيك). ونبهت على أنه بالرغم من أن القوانين الجاري العمل بها في إسبانيا تمنع القيام بحجز جوازات السفر الخاصة بالعمال، فإن المشغلين الإسبان أقدموا على هذا الإجراء بحجز جوزات العاملات المغربيات الموسميات طيلة مدة إقامتهم بالأراضي الإسبانية. وسجلت معطيات هذه الدراسة التي وقفت على جوانب من الظروف العمل الصعبة التي يعيشها العمال الموسميين من الجنسين، وعلى ما قد يعد انتهاكا لحقوق العمل بصفة عامة، حيث أن الراتب الذي يحصل عليه العاملات والعمال يحدد حسب حجم ما تم جمعه من غلة كل يوم وليس حسب عدد ساعات العمل، كما تنص على ذلك بنود الاتفاقية الجماعية الموقعة مع النقابات، والتي تغطي منطقة هويلفا لسنوات 2008-2009 و2010. وفي الوقت ذاته، وقفت الدراسة على إخلال ببنود نص الاتفاق السالف الذكر، والتي تنص على أنه في حال العمل لساعتين في اليوم فإن التعويض يحتسب ليوم كامل من العمل، في حين أن واقع الحال بالنسبة للعاملات يخالف ذلك، حيث يتقاضين تعويضا عن الساعتين فقط، وهو ما يعتبر عقابا في حقهن. ومن الملاحظات المسجلة، تلك التي ترتبط بظروف السكن المخصصة للعاملات الموسميات، والتي تختلف من مجمع لآخر، حيث لوحظ أن أغلبها لا يحترم فيه أدنى المعايير، إذ يسجل غياب شروط النظافة والأمن، بالرغم من دفع العاملات لمساهمة مالية كل شهر. ووفق المعطيات التي أوردها هذا التقرير، والتي استقتها من نتائج بحث أنجز حول موضوع "العاملات في حقول التوت ببلدة هويلفا، بإسبانيا"، من طرف المركز الدولي للبحث في منطقة المتوسط، والمركز الوطني للبحث العلمي، فإن أغلب النساء المغربيات العاملات بشكل موسمي في إسبانيا اللواتي تم استجوابهن لا يعرفن حقوقهن، خاصة وأن الحصة التكوينية التي تتكفل بها الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات(أنابيك)، لفائدة هذه الشريحة لا تتعدى مدتها عموما 30 دقيقة أي نصف ساعة، وهي حصة لا يتم فيها التطرق للحقوق من مثل ساعات العمل، وحق التنظيم النقابي، والحق في العطل، والحق في التوفر على الحماية الاجتماعية. ومن الخلاصات التي تضمنتها الدراسة، على أن صفة العاملات الموسميات مكنت آلاف النساء في غالبيتهن أميات وينتمين لفئات فقيرة من التحرر، والحصول على نوع من الاستقلالية والتفكير في المستقبل، وشكل العائد المالي الذي حصلن عليه خلال عملهن في إسبانيا، دعما ماديا مهما لأسرهن، لكنه يبقى موردا غير دائم.