اعتبر محجوب الهيبة الأمين العام للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، أن موضوع الحقوق الثقافية يندرج ضمن مسار أوسع يروم تأهيل مكونات الهوية الثقافية التعددية المغربية، وتعزيز هذا التعدد باعتباره عنصرا أساسيا في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في شمولياتها. وأوضح محجوب الهيبة، في كلمة له خلال افتتاح أشغال الندوة الدولية حول «الحقوق الثقافية بين الفهم والممارسة» المنظمة صباح أمس بالرباط، من طرف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بشراكة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ومكتب منظمة اليونيسكو بالمنطقة المغاربية ومرصد التنوع والحقوق الثقافية بجامعة فريبورغ بسويسرا، (أوضح) أن الهدف الذي يشتغل عليه المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان هو تعزيز الحماية القانونية لهذا التعدد وذلك عبر منحه كل الوسائل القانونية لتطويره في مختلف الميادين الإعلامية والتعليمية والقضائية. ومن ثمة، يعمل المجلس، كمؤسسة وطنية لحقوق الإنسان، على تطوير الجانب التشريعي والقانوني ليس فقط من أجل الملاءمة مع العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وإنما أيضا مع جميع المواثيق ذات الصلة بالتعدد الثقافي، بما فيها تلك التي أقرتها منظمة اليونيسكو، بالإضافة إلى مواصلة تنفيذ التوصيات المتعلقة بالعهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية. ولتحقيق ذلك، دعا المحجوب الهيبة، إلى ضرورة العمل على الإدماج العرضاني للحقوق الثقافية في مختلف السياسات العمومية، وتقوية قدرات الفاعلين من المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية من منظور ثقافي تعددي لمواجهة التحديات الكبرى التي يواجهها الموروث الثقافي والحضاري من طرف أنماط تعبيرية جديدة أصبحت تساهم في التنشئة الثقافية والسياسية، كالعولمة الزاحفة التي تسعى إلى تنميط الحياة الثقافية، والمواقع الاجتماعية على الانترنيت كالفايسبوك الذي أصبح بمثابة ثالث أكبر دولة في العالم بعد الصين والهند. من جانبه، اعتبر أحمد بوكوس عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أن الحقوق اللغوية والثقافية هي أفقر مجال في حقوق الإنسان بالنظر إلى إهمال الفاعلين، والخوف من مساراتها، والقول إن الحقوق الثقافية واللغوية تشجع على الانكماش والتقوقع، مؤكدا على أن الحقوق الثقافية أساسية في منظومة حقوق الإنسان. وأبرز أحمد بوكوس أن المغرب أصبح يعتبر رائدا في المنطقة في مجال حقوق الإنسان سواءتعلق الأمر بمجال المصالحة مع الماضي، أو بمجال حقوق المرأة أو بالمسألة الأمازيغية، مشيرا إلى أن هذه المكتسبات لم تأتِ هكذا من السماء، وإنما جاءت بفضل تضحيات الشعب المغربي الذي دفع الثمن غاليا من أجل الحصول على هذه المكتسبات، مبرزا الدور الذي يقوم به المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والإنجازات التي راكمها منذ إحداثه، في مجالات البحث والتعليم والإعلام والنشر والشراكة. وأوضح فيلب كويو ممثل اليونيسكو بالمنطقة المغاربية، أن الثقافة في تنوعها وغناها «تعتبر حقيقة كونية تعلو على كل الخصوصيات لتجلي وحدة العنصر البشري فيها»، مشيرا إلى أن الثقافة «تغذي فينا، في الأساس، الرغبة في العيش سويا» مع أشخاص ومجموعات ذات هويات متباينة، مشكلة بذلك «امتدادا سياسيا للتنوع الثقاقي». نشير إلى أن هذه الندوة تأتي في إطار الإسهام في توضيح طبيعة الحقوق الثقافية والنطاق الذي تشمله، وذلك على ضوء الدراسات والملاحظات والأشغال التي تم القيام بها على مستوى منظمة الأممالمتحدة وكذا من طرف مختلف المنظمات ومجموعات البحث. كما تعكس هذه المبادرة، حسب المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، قناعة مشتركة لدى الأطراف المنظمة بخصوص المفارقة التي تطبع وضع الحقوق الثقافية، إذ لم تنل هذه الحقوق بعد حظها من الاهتمام في نطاق المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، والحال أنها تتناول مرتكزات حياة الإنسان ألا وهي القيم، الهوية والروابط الاجتماعية.