إجراءات حكومية لحماية الاستهلاك ومعالجة البطالة لتحقيق العدالة الاجتماعية أعلنت الحكومة تخصيص حوالي 10 في المائة من ميزانية الاستثمار لهذه السنة لدعم القدرة الشرائية للمواطنين، في إطار التدابير الرامية إلى حماية الاستهلاك ودعم المواد الأساسية، والانكباب على معالجة البطالة، خصوصا في أوساط الشباب حاملي الشهادات لإدماجهم في سوق الشغل، في إطار التدابير التي يتضمنها القانون المالي للعام الحالي. وجددت الحكومة المغربية التأكيد على مواصلة دعم المواد الأساسية من أجل حماية القدرة الشرائية للمواطن رغم الظروف الدولية المتسمة بالارتفاع الصاروخي لأسعار بعض المواد في السوق العالمي، وهو ما سيثقل كاهل ميزانية الدولة لهذه السنة. واتخذت الحكومة قرارها بتخصيص 10 في المائة من ميزانية الاستثمار المقرر في القانون المالي لسنة 2011 لدعم السلع الأساسية، وهو ما يوازي حوالي 17 مليار درهم، من أصل 167 مليار درهم المخصصة للاستثمار العمومي المقرر برسم ميزانية هذه السنة، بالرغم من الآثار السلبية التي قد يشكلها مثل هذا الإجراء على المشاريع التي ستخلق فرص الشغل. وأعلن وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الناصري، يوم الثلاثاء في أعقاب اجتماع مجلس الحكومة، أن السلطة التنفيذية قررت مواصلة دعم المواد الأساسية من خلال صندوق المقاصة، رغم الارتفاع الصاروخي لأسعار العديد من هذه المواد في السوق العالمية، وخصوصا أسعار البترول والسكر والحبوب. وعبر عن خشيته من أن تكون تكلفة الظروف الراهنة، التي تتميز بالارتفاع الصاروخي لأثمان بعض المواد الأساسية وخاصة البترول والسكر والدقيق، قاسية بالنسبة للمغرب، علما أن الإجراءات التي تم اتخاذها والتي تقوم على تفعيل السياسة الموازناتية والنقدية، مكنت من مواصلة التحكم في التضخم وحصره في مستويات ضعيفة لا تتجاوز 2 المائة، على الرغم من ارتفاع أسعار المواد الأساسية الأولية في السوق الدولية. وخلافا لما قد يتبادر إلى الذهن من أن الحكومة اتخذت إجراءات استباقية، بالنظر إلى ما يجري في العديد من الدول، فإن دعم الاستهلاك كان أحد المحاور الكبرى في القانون المالي للعام الحالي، وشكل إحدى أولويات الحكومة والتزاماتها، ويهدف هذا الإجراء إلى تسريع وتيرة النمو الاقتصادي وبالتالي الرفع من الدخل والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن. ويبدو أن الحكومة واعية تمام الوعي بالظروف المحيطة بالبلاد، على الرغم من أن مقارنة المغرب بدول أخرى ليست واردة، بالنظر إلى ما عرفه المغرب من تقدم على مستوى البناء الديمقراطي، وتعزيز الحريات الفردية والجماعية، والنهوض بثقافة حقوق الإنسان، ودعم حرية التعبير وحرية الصحافة، والانفتاح على المستوى السياسي، وتبني التعددية السياسية، وفسح المجال أمام الأحزاب السياسية، وإن كانت هذه المكتسبات تحتاج إلى مزيد من تعزيزها لتحقيق العدالة الاجتماعية وإلى مزيد من الانخراط في العمل السياسي الجاد القائم على وضوح البرامج وعلى التجديد. ويتضمن القانون المالي لعام 2011 ضرورة الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن، من خلال التحكم في نسبة التضخم، أولا، ثم وضع إطار مؤسساتي وقانوني لضمان جودة السلع والخدمات، ثانيا، ودعم الأسعار عبر صندوق المقاصة أخيرا. وأكد خالد الناصري أن دعم المواد الأساسية السنة الماضية كان مكلفا وأثقل صندوق المقاصة بتكاليف إضافية، وبالتالي أصبح من الضروري البحث عن طرق لعقلنة تدخل هذا الصندوق وتجاوز الاختلالات التي يعاني منها النظام الحالي، مع الحفاظ على مبدإ الدعم. ويكتسي إصلاح نظام المقاصة وتجاوز اختلالاته أهمية قصوى بالنظر إلى أهمية التحملات التي يمثلها بالنسبة للمالية العمومية التي وصلت إلى زهاء 90 مليار درهم خلال السنتين الماضيتين، في ارتباطها بتطور أسعار المواد الأولية في السوق العالمية. ويقتضي الإصلاح المنشود أيضا إدماج دعم الأسعار في إطار مقاربة التضامن الوطني والتنمية الاجتماعية وتقليص الفوارق، وتحديد سقف التحملات للمقاصة في مستوى لا يتجاوز 2 إلى 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وفي نفس إطار حماية القدرة الشرائية للمواطن، قررت الحكومة، على لسان الناطق الرسمي، مراقبة أسعار المواد الاستهلاكية الأخرى الخاضعة لقانون العرض والطلب، للحيلولة دون وقوع مضاربات أو زيادات عشوائية، وتحرص أن يتقيد التجار بواجبهم. غير أن هذه الإجراءات ستكون غير ذات جدوى في غياب حكامة جيدة تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، ومحاربة كل أشكال الفساد والرشوة والاحتكار والمضاربات واقتصاد الريع والتهرب الضريبي، التي تؤثر سلبا على مجهودات الدولة في مجال النهوض بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية والرفع من القدرة الشرائية للمواطن. وتنكب الحكومة أيضا على معالجة البطالة في أوساط الشباب حاملي الشهادات، وإيجاد الحلول لهذه المعضلة من خلال «التفاهم والمتابعة الإيجابيين لكل المعنيين، بمن فيهم حاملي الشهادات العاطلين»، حسب وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة. وأعلن الناصري أن الحكومة «أخذت على عاتقها إيجاد حل لبطالة الشباب حاملي الشهادات، مهما كانت الصعوبات».