مذبحة في مطار موسكو طالب الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف أمس الثلاثاء بمحاسبة إدارة مطار دوموديدوفو بعد الاعتداء الذي استهدف الاثنين المطار الواقع قرب موسكو وأسفر عن 35 قتيلا, معتبرا أن الانفجار عمل إرهابي مخطط له بشكل جيد وتسبب ب»مأساة» وطنية. وبحسب العناصر الأولية للتحقيق فإنه يشتبه أن انتحارية نفذت الهجوم الذي يحمل بصمات متمردي شمال القوقاز, كما قالت مصادر أمنية. والانفجار الذي وقع الاثنين في مطار دوموديديفو وضع البلاد في حالة تأهب عالية فيما توالت ردود الفعل المنددة من العواصم العالمية ومن حلف شمال الأطلسي والأمم المتحدة. كما دعا مدفيديف إلى اجتماع طارئ في الكرملين وأرجأ رحلته إلى منتدى دافوس الدولي. وقال مدفيديف في تصريحات نقلها التلفزيون الوطني إن «ما جرى يظهر بوضوح انه كانت هناك خروقات أمنية واضحة. لقد تطلب الأمر جهدا كبيرا لجلب أو إدخال هكذا كمية من المتفجرات» إلى المطار. وتابع «كل أولئك الذين لديهم مسؤوليات, كل أولئك الذين يتخذون قرارات وكذلك إدارة المطار يجب أن يحاسبوا على كل شيء. إنها مأساة». وقال مدفيديف «استنادا إلى موقع الانفجار وأدلة أخرى غير مباشرة, يتبين أن هذا عمل إرهابي مخطط له بشكل جيد كان هدفه قتل اكبر عدد ممكن من الأشخاص». وقالت متحدثة باسم المطار انه تم إتباع كل الإجراءات الأمنية بشكل صحيح وان المطار لا يتحمل مسؤولية. وأشارت التقارير الأولية إلى أن الاعتداء تم بواسطة متفجرات زنتها ما بين خمسة إلى سبعة كيلومترات من مادة ال»تي ان تي» الشديدة الانفجار. ونقلت وكالة ريا نوفوستي الروسية للأنباء عن مصدر امني قوله أمس الثلاثاء إن الاعتداء قد تكون نفذته امرأة انتحارية من منطقة شمال القوقاز التي تقطنها غالبية مسلمة. وأضاف المصدر الذي لم تكشف الوكالة هويته أن «الانفجار حصل في الوقت الذي فتحت فيه الانتحارية المفترضة حقيبتها». وتابع أن «الإرهابية كانت برفقة رجل, وكان يقف إلى جانبها وأدى الانفجار إلى قطع رأسه». وقال «من غير المستبعد أن الإرهابيين كانوا ينوون وضع المتفجرة في القاعة وان يكون الانفجار وقع بطريقة عرضية». وكان مصدر في الشرطة أعلن أول أمس الاثنين لوكالة انترفاكس أن الانتحاري الذي نفذ الاعتداء «له ملامح عربية». وأضاف هذا المصدر «عثرنا على رأس رجل ملامحه عربية يبلغ من العمر ما بين 30 و35 عاما وهو على الأرجح الذي فجر القنبلة». وتابع المصدر الأمني أمس الثلاثاء أن الانفجار يحمل بصمات متمردي شمال القوقاز. وقال «هذا العمل الإرهابي نفذ بالطريقة الكلاسيكية التي يعتمدها الإرهابيون من شمال القوقاز». وهذا الهجوم الكبير الثاني في موسكو في اقل من سنة دفع بالمعلقين إلى ربطه بالاضطرابات المستمرة في منطقة شمال القوقاز الروسي معتبرين انه لم يتم بذل الكثير من الجهود لتحسين الأمن في السنوات الأخيرة. وكتبت صحيفة كومرسانت «بحسب الرواية الأولية للتحقيق فإن الهجوم الإرهابي على علاقة بالأحداث الأخيرة في شمال القوقاز». وكان تفجيران نفذتهما امرأتان وقعا في مترو موسكو في 29 مارس 2010 وأسفرا عن سقوط 40 قتيلا وإصابة أكثر من مئة بجروح. وأشارت بعض تقارير الصحف إلى أن الهجوم قد يكون تم التخطيط له منذ عشية رأس السنة, حين انفجرت قنبلة في ظروف لم تتضح في مبنى صغير في موقع نادي الرياضة في موسكو. واعتداء أول أمس الاثنين الذي وقع في قاعة الوصول الدولية في المطار أسفر عن 35 قتيلا بحسب معلومات أولية للجنة التحقيق الروسية التي بدأت التحقيق في «عمل إرهابي». وأفادت لائحة أولية أصدرتها وزارة حالات الطوارئ الروسية أن ثمانية أجانب منهم خمسة أوروبيين هم بين الضحايا ال35 الذين سقطوا الاثنين في الاعتداء. والأوروبيون هم بريطانيان إضافة إلى ألماني وبلغاري وأوكرانية. ويتحدر الثلاثة الآخرون من آسيا الوسطى وهم أوزبكي وطاجيكي وقرغيزي. ووفق اللائحة أيضا فقد أصيب أجانب بينهم الفرنسي فريديريك اورتيز والايطالي رومانو روزاريو. وأثار الاعتداء ردود فعل منددة في العالم, واعتبر الرئيس الأميركي باراك اوباما الاعتداء «مشينا» فيما وصفته المستشارة الألمانية انغيلا ميركل بانه اعتداء «جبان». وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون «يجب ألا نسمح للإرهابيين بان ينتصروا». ووجه الرئيس الصيني هو جينتاو برقية الى مدفيديف أكد فيه أن بلاده «تدين الهجمات الإرهابية من أي نوع كان وتدعم بشدة الإجراءات الروسية لمكافحة الإرهاب». كما دانت إيران «الاعتداء الإرهابي». وقال المتحدث باسم الخارجية الروسية رامين مهمانبرست إن «إيران تدين الاعتداء الإرهابي وتقدم تعازيها لعائلات الضحايا وللأمة والحكومة الروسيتين». ومن جهة أخرى دان جلالة الملك محمد السادس بشدة الاعتداء في موسكو وعبر عن «تضامن» بلاده المطلق مع الشعب الروسي. يشار إلى أن روسيا خاضت حربين ضد المتمردين الانفصاليين في الشيشان في التسعينيات لكن التمرد اتخذ منحى إسلاميا وامتد إلى أنغوشيا وداغستان المجاورتين. ويشكل الانفجار نكسة كبيرة لصورة روسيا على الساحة الدولية والثقة بأمنها لا سيما وأنه تستعد لحدثين رياضيين كبيرين: الألعاب الاولمبية الشتوية في 2014 وكأس العالم في كرة القدم في عام 2018.