السلفادور تجدد تأكيد دعمها لوحدة المغرب الترابية وسيادته على صحرائه    انعقاد مجلس للحكومة بعد غد الخميس    وزير خارجية جمهورية الرأس الأخضر يجدد تأكيد التزام بلاده بتوطيد العلاقات مع المغرب وتطوير شراكة استراتيجية    جيرار لارشي: النظرة الجديدة لفرنسا بشأن قضية الصحراء تستند إلى حقيقة مسلم بها    وزير التجهيز يطلع على تقدم مشاريع البنية التحتية في إقليم الحسيمة    مزور يكشف أن 18 مضاربا فقط يتحكمون في سوق اللحوم وهامش ربحهم يبلغ 40 درهما    فرنسا تمهد لمعاقبة نظام الجزائر وتتوعدها بإجراءات انتقامية في نظام التأشيرات    مدرب رينجرز الجديد: "عصام الشرعي لديه أخلاقيات عمل جيدة وهذا أمر مهم بالنسبة لي"    رينجرز يعين باري فيرغسون مدربا مؤقتا حتى نهاية الموسم    اختتام المحطة الثانية من الدورة التكوينية للمدربين والمدربين المساعدين بكل من مدينتي الرباط والدارالبيضاء    ندوة بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة حول دور المقاولات الاجتماعية والخضراء في التنمية المستدامة    بني أنصار .. توقيف شخص وحجز الالاف من الاقراص المهلوسة    توقيف خمسة أشخاص يشتبه تورطهم في العنف المرتبط بالشغب الرياضي    توقيف شاب بطنجة بسبب سياقة استعراضية خطيرة تهدد سلامة مستعملي الطريق    الغموض يلف العثور على ثلاث جثث لمغربيات داخل فندق بسان بيدرو (فيديو + صورة)    قناة "تمازيغت" تقدم فرجة رمضانية غنية ومتنوعة بلمسة الفانتازيا    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: نظرات حول الهوية اللغوية والثقافية للمغرب    قائمة منتخب المغرب في مواجهة النيجر وتنزانيا تعاني من نزيف الإصابات    تفكيك خلية "داعش الساحل" .. هل ينهي نواة تنظيم متطرف بالمملكة؟    أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء: أمطار متفرقة وأجواء باردة نسبيًا    الصناعة التقليدية.. 19,17 مليون درهم من الصادرات نحو الدول الاسكندنافية برسم سنة 2024    رصد 893 مليون محاولة تصيد احتيالي في 2024 وسط تصاعد التهديدات السيبرانية    بايرو يطلع على الفلاحة المغربية    حسنية أكادير تنفي أخبارا حول ميزانية النادي ومدربه    برشلونة يُخطط لتمديد التعاقد مع فليك    رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي يزور العيون لتأكيد دعم فرنسا لسيادة المغرب على الصحراء    وصفها بالإيجابية.. ترامب يعلن إجراء مباحثات "جدية" مع بوتين لإنهاء حرب أوكرانيا    مهمة علمية جديدة تبحث عن مواقع المياه على سطح القمر    "ألبوم صامت" ينبه لقلق الموسيقيين من الذكاء الاصطناعي    السيسي: نرفض تهجير الفلسطينيين وتهديد الأمن القومي لدول المنطقة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    اعتقال جزائري في المغرب متهم بارتكاب جرائم خطيرة    توقيف ثلاثة أشخاص بإنزكان يشتبه تورطهم في ترويج مواد صيدلانية مهربة    ابتكار زراعي في الصين: صنف جديد من بذور اللفت يضاعف الإنتاجية ويرفع نسبة الزيت إلى مستويات قياسية    النفط يصعد وسط مخاوف الإمدادات بعد عقوبات أمريكية على إيران    الوقاية من نزلات البرد ترتبط بالنوم سبع ساعات في الليل    دراسة: المريخ كان يضم شواطئ ومحيطات بأمواج ورياح    بوعياش تشيد ب"الإرادة المعلنة والصريحة للأمن في بلورة ممارسات ومقاربات مهنية تحيط باحترام حقوق الإنسان"    الشرع يشدد على وحدة سوريا و"احتكار" السلاح بيد الدولة في افتتاح مؤتمر الحوار الوطني    حدث فلكي.. اصطفاف 7 كواكب في السماء هذا الأسبوع    تلاميذ طنجة أصيلة يتألقون في البطولة العربية لألعاب الرياضيات والمنطق ويحصدون ميداليتين ذهبيتين    استراتيجية المغرب في التعاون الدولي نهج استباقي، متعدد الأبعاد وشامل    دراسة.. ارتفاع معدلات الإصابة بجرثومة المعدة لدى الأطفال بجهة الشرق    "زمن الخوف".. الكتابة تحت ضغط واجب الذاكرة    دنيا بطمة تعود إلى نشاطها الفني بعد عام من الغياب    الدار البيضاء.. الأوركسترا السيمفونية الملكية تحتفي بالفنان الأمريكي فرانك سيناترا    سفير اسبانيا .. مدينة الصويرة تلعب دورا محوريا في تعزيز الروابط الثقافية بين المغرب واسبانيا    دراسة تكشف عن ارتفاع إصابة الأطفال بجرثومة المعدة في جهة الشرق بالمغرب    "كابتن أميركا" يواصل تصدّر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية    إصابة نايف أكرد تقلق ريال سوسييداد    مناقشة أول أطروحة تتناول موضوع عقلنة التعددية الحزبية في المغرب بجامعة شعيب الدكالي    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة: المطرقة والمنجل في العراق
نشر في بيان اليوم يوم 07 - 02 - 2011

في الوقت الذي عرفنا فيه الكاتب الدكتور كاظم الموسوي مفكراً سياسياً، شكلت عنده قضايا السياسة، وبخاصة ما يتعلق منها بقضايا أمته العربية بشكل عام، ووطنه العراق بشكل خاص، هاجساً يومياً عبر عنه في العديد من الكتب التي غطت المكتبة العربية، ومئات المقالات التي غطت بدورها العديد من الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية العربية والعالمية، نجده أيضاً باحثاً ومؤرخاً فذاً للقضايا ذاتها التي شغلته على المستوى السياسي، وهذا ما تجلى لنا واضحاً في كتابه الأخير (المطرقة والمنجل في العراق). والكتاب في جوهره مجموعة من الذكريات والمذكرات لبعض القادة الشيوعيين الذين قادوا حركة التحرر الوطني في العراق، منذ بداية تأسيس الحزب الشيوعي العراقي، حتى نهاية القرن العشرين.
إن قراءة أولية لهذا الكتاب، تضعنا أمام باحث ومفكر امتلك ناصية المنهج العلمي في التفكير والبحث، وهو المنهج الجدلي، وبالرغم من أن مسألة الكتابة عن المذكرات والذكريات الخاصة بالسياسيين أو الاشتغال عليها تعتبر من المسائل الشائكة والصعبة والمعقدة معاً، كون معظمها يقوم على الذاكرة الفردية، وغالباً ما تتحكم فيها العواطف والأهواء والمصالح المادية والمعنوية، ثم رؤية كاتبها أو وجهة نظرة التي شكلتها طبيعة الظروف الموضوعية والذاتية التي عاشها، وأخيراً مستوى ثقافته ودرجة وعيه ومدى ارتباطه بالأحداث التي عاصرها ودوره في صنعها..الخ. نقول: بالرغم من كل تلك التعقيدات التي أشرنا إليها هنا، استطاع الباحث أن يضعها في حساباته ويتعامل معها بكل شفافية ومصداقية، وهذا ما تؤكده لنا جملة الأفكار والاستنتاجات التي خلص إليها الموسوي في مقدمة كتابه، هذه المقدمة التي يستنتج القارئ من خلالها مسألتين أساسيتين هما:
الأولى: منهجية البحث العلمي التي اشتغل عليه الموسوي، حيث اتكأ على المنهج المادي الجدلي.
الثانية: إدراكه العميق لطبيعة المذكرات التي تناولها بالبحث والدراسة والنقد، حيث بين لنا الموسوي أنها بمقدار ما أرخت لطبيعة مسيرة ونضال الحزب الشيوعي في العراق، فهي أرخت أيضاً لطبيعة الحياة السياسية للعراق بشكل عام، ولطبيعة العلاقات العربية والإقليمية والدولية التي ارتبط بها العراق وأثرت فيه وتأثر بها خلال تلك الفترة التي تناولتها هذه المذكرات والذكريات.
فمن خلال استخدامه للمنهج العلمي، استطاع أن يحلل تلك الكتابات بمبضع نقده، واضعاً يده على مكامن الخلل في حياة وطبيعة عمل الحزب الشيوعي في العراق وقياداته من جهة، ثم حياة وطبيعة عمل القوى السياسية الأخرى التي تساوق نضالها أو عملها السياسي مع نضال وعمل الحزب الشيوعي آنذاك من جهة ثانية. لذلك كان موضوعياً وصادقاً في تقويمه لعمل ونشاط كل الجهات السياسية، الأمر الذي فرض على القارئ أن يتعامل بدوره مع معطيات هذه المذكرات والذكريات بعيداً عن العاطفة والمواقف العقدية المسبقة، وبالتالي معرفة مكامن الصواب والخطأ فيها. وهذه نقطة إيجابية تسجل للدكتور الموسوي في هذا الاتجاه.
أما فيما يتعلق بكون هذه المذكرات والذكريات، شكلت معطيات تاريخية كما أشرنا سابقاً، فالموسوي يقر بأن هذه المذكرات والذكريات هي في نهاية المطاف شهادات شخصية، لكنها ليست فردية، وهو يريد القول: إن هذه الشهادات قدمها أشخاص لا ينتمون لذواتهم الفردية المجردة التي لها عالمها الخاص بها فحسب، وإنما ينتمون أيضاً لقوى طبقية محددة من جهة، مثلما هم أشخاص عضويون اندغموا في مجتمعهم وساهموا في تشكيل حياته السياسية والاجتماعية والثقافية، وحتى الاقتصادية منها، وهذا ما ينفي كون هذه الشهادات ملكاً وامتيازاً خاصاً بهم كأفراد.
إن أبرز ما أراده الباحث والمفكر الموسوي من عمله الثقافي التوثيقي هذا، إضافة لوفائه تجاه من ناضل وضحى بحياته من قيادات الحزب الشيوعي العراقي - وهذا الموقف دليل واضح على مبدئيته تجاه الفكر الذي ينتمي إليه، وهو يسجل له في مرحلة أصبح الحديث فيها عن الاشتراكية والشيوعية سبّة - فهو أراد أيضاً أن يوضح مسألة للقارئ العربي، وهي أن الحزب الشيوعي العراقي بالرغم من نزعته الأممية التي فرضتها عليه علاقته بالسوفييت، شأنه شأن كل الأحزاب الشيوعية في تلك الفترة، فهو حزب آمن بقضايا أمته الوطنية والقومية، ويأتي على رأسها القضية الفلسطينية التي شكلت موقفاً مبدئياً في علاقاته ونضالاته على مستوى الداخل والخارج، على الرغم من أن هناك من حاول أن يطمس معالم هذا الدور في أدبيات الحزب ومذكرات قادته كما أشار الموسوي في تعليقه على هذه المسألة، وبخاصة في تعليقه على مذكرات وكتابات (فهد)، (ص23-25) حيث بين أن الأمين العام للحزب (فهد) كان وراء تشكيل (لجنة مكافحة الصهيونية عام 1946)، وهي الحركة التي عاداها الحزب ووقف ضدها وساواها بالحركة الفاشية، كونها لا تختلف عنها من حيث العمل على نشر الخوف والإرهاب والعنصرية في البلاد العربية. (ص 24) هذا مع تأكيد الموسوي أيضاً على مواقف الحزب الشيوعي العراقي من الاستعمار والامبريالية، ومن يساندهم من أعداء الداخل، كالقوى الرجعية ممثلة برجال الإقطاع والكمبرادور، والإشارة أيضاً إلى مواقف الحزب المشرفة تجاه المرأة والطبقة العاملة بعمومها، وما عانته من فقر وجوع وحرمان واضطهاد وتخلف، ثم تأكيده على مسألة الحرية والديمقراطية وحرية الصحافة والتعددية الحزبية واحترام الرأي الآخر.
يظل الكتاب في سياقه العام وثيقة تاريخية عظيمة، استطاعت أن تؤرخ لمرحلة هامه من مراحل نضال العراق بشكل خاص في مرحلة امتدت لما يقارب القرن من الزمن، وهي مرحلة التحرر الوطني بكل ما تحمله العبارة من معنى، إن كان على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي، ثم هي المرحلة التي كان للحزب الشيوعي العراقي فيها دور مهم في النضال من أجل بناء دولة العراق الحديثة، وبقدر ما حملت هذه المرحلة من قضايا سلبية، فالقضايا الايجابية ظلت هي الأكثر عمقاً وتأسيساً لمستقبل عراق أفضل.
يقع الكتاب في 247 صفحة من القطع المتوسط. إصدار دار الفارابي- بيروت - 2011.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.