لا يخفى على أحد من الناحية الأدبية، أن أرض المغرب كانت وما تزال معينا دافقا للشعر، تعددت وجهة العطاء الشعري وتنوعت مجالاته.. مما أتاح للشعراء المغاربة أن يصوغوا شعرا جميلا في لوحات من الفن الأنيق المبدع، ينسكب حياة وتجديدا وتواصلا مع الناس، ويمنحهم قدرة فذة على اجتذاب أرواحهم ونفوسهم، مؤثرا فيهم بشعاع المحبة والخير والتصافي. الحلقة 14: الشيخ الطاهر بن محمد الركراكي الشيخ الطاهر بن محمد الكراكي: لهذا الشاعر مكان أثير بين شعراء الملحون بمدينة أسفي. تفتح طموحه الشعري وتفتقت خطواته عن نشاط متوقد، فيأخذ بقصائد الملحون يقرأها وينهل من معينها ويستكتب بعض من سبقه في ميدان الملحون، إلى أن انطلق ينظم ما طاب له من القصائد في مختلف الأغراض.. حيث تفتحت قريحته فنظم شعرا اختار له أجزل المعاني وأسماها، فظل وفيا لهذا الشعر، لا يدع شاغلا يلهيه عنه، إذ غذا الشعر عنده رسالة إنسانية محملة بنداء الحب والحق والجمال، ومن ثمة، بدأ يكتب طائفة من قصائد الملحون بعد أن صقل تجربته، فكان عاشقا مستهاما لعلم الموهوب وهي التسمية التي خلعها غير قليل من الشعراء على الملحون. كان الشيخ الطاهر بن محمد الركراكي شخصا عاديا، لم يكن ليعرف لو لم يترك شعرا ملحونا، عرف به كشاعر متميز. ورغم هذا وذاك، فقد وفقنا أن نقف على بعض شعره، كما شاءت الظروف أيضا أن نعرف أن الرجل كان يعمل في أحد الحمامات بأسفي. كان متدينا منذ طفولته، فانعكس أثر ذلك على بعض قصائده. فالقارئ لشعر الشيخ الركراكي، يلاحظ أن روحه كان مشبعا بالشعر الملحون.. فقد كان يتمتع بحس شعري جميل وأداء رائع. فهو إذن شاعر يمتلك حسا أدبيا وموهبة فنية، هيأت له صياغة أجمل القصائد في الشعر الملحون. يقول في بعض قصائده متوسلا. يا من لا اشفقت أبتعبي لاش اغفلت أعلى خديمك في نوبا من بعد أذكرت لك رغبي فالصبيان الصغار روحي مرغوبا من أفقدهم طال كربي وادفقت أمدعمي أمدعب مسكوبا ما لعب عن أفراش قربي لله أليك جيت جود بارتوبا رغبي في الكريم ربي يرحمني بالاولاد ما نمكث جوبا لغاث يا شعاع هدبي مولات للا أعويشا المجدوبا