لا يخفى على أحد من الناحية الأدبية، أن أرض المغرب كانت وما تزال معينا دافقا للشعر، تعددت وجهة العطاء الشعري وتنوعت مجالاته.. مما أتاح للشعراء المغاربة أن يصوغوا شعرا جميلا في لوحات من الفن الأنيق المبدع، ينسكب حياة وتجديدا وتواصلا مع الناس، ويمنحهم قدرة فذة على اجتذاب أرواحهم ونفوسهم، مؤثرا فيهم بشعاع المحبة والخير والتصافي. الحلقة الحادية عشر: الشيخ ابيه بن العربي المعاشي الشيخ ابيه بن العربي المعاشي: وردت ترجمته في كتاب: " جواهر الكمال في تراجم الرجال " للفقيه الكانوني. ومما جاء في ذلك: " كان في أول الأمر صعلوكا يغني في الأعراس والولائم ، حتى ورد عليه رجل يقال له الشيخ قاسم ، قيل إنه من أولاد الشيخ ابن ناصر الدرعي ، وكان مداحا للنبي صلى الله عليه وسلم بالأزجال (الملحون) فجذبه إليه وشغله بذلك حتى وردت عليه أحوال ، فجعل يقطع ثيابه ويمشي عاريا غائبا عن حسه .. فإذا صحا يعقد حلقة في السوق للمدح بتلك الأزجال، وجعل الناس يلتقطون منه كلمات تشير لأمور مستقبلة (وهذا النوع من النظم يسمى عند أهل الملحون بالجفريات.. أي استكشاف المستقبل والتنبؤ بما ستأتي به الأعوام والأيام، ولا سيما في المستوى السياسي، فكان في شعره يتحرى المستقبل، ويحاول تارة بالتلميح وأخرى بالتصريح، ربط الحاضر بالمقبل من الأحداث.. فينظم شهرا شغف به الناس أيما شغف، فأصبح مشاعا ومتداولا بينهم.) ويتكلم على الخواطر.. فارتفع عند الناس قدره، واشتهر صيته، وكان له صوت حسن، تخشع له القلوب، وتنجذب له الفئدة، وكان في مقدمة المعتقدين فيه السيد الحاج عبد المالك الوزاني، فكان يأويه ويعطيه العطاء الجزيل، ويقوم بجميع ما يريده منه. توفي يوم الثلاثاء سابع شوال سنة ثمانية وعشرين وثلاثمائة وألف للهجرة، ودفن بمقبرة (أشبار) شمال أسفي.. وأسس عليه الحاج عبد المالك الوزاني المذكور قبة بوصية منه لولده الفقيه السيد عبد السلام. فابتدئ البنائ فيها في شعبان سنة 1330 وتم في المحرم سنة 1331 .. فكان مبلغ النفقة ألف ريال بالأفراد، وثلاثمائة ريال بالسكة الحسنية. ومما يؤثر عنه، هذه الأبيات التي يقول فيها: ليلت القبر منها ذهل آش حيلتي يوم احسابي إلى اتجي الملكين اتسول عن اطريق ديني واصوابي يترا إيصيبوني زاكل يترا أنوجب بوجابي أعلى اللهو انجر وانعول والفعل امزمم فاكتابي يا الله فك الليواحل حرمت الرسول العربي