لا يخفى على أحد من الناحية الأدبية، أن أرض المغرب كانت وما تزال معينا دافقا للشعر، تعددت وجهة العطاء الشعري وتنوعت مجالاته.. مما أتاح للشعراء المغاربة أن يصوغوا شعرا جميلا في لوحات من الفن الأنيق المبدع، ينسكب حياة وتجديدا وتواصلا مع الناس، ويمنحهم قدرة فذة على اجتذاب أرواحهم ونفوسهم، مؤثرا فيهم بشعاع المحبة والخير والتصافي. الشيخ الحاج ابن حساين : نشأ الحاج ابن حساين متدينا محافظا على الصلوات الخمس ، يؤديها في أوقاتها في المسجد الكبير بأسفي أو في الزاوية الناصرية . يعد من حفظة القرآن الكريم ، فكان يجلس كل يوم لقراءة الحزب بالمسجد المذكور .ز عرف عنه ايضا أنه كان " مسمعا " يحفظ الكثير من الأمداح النبوية .. إلى جانب ذلك ، كان مكلفا بغسل اموات المسلمين بمدينة أسفي .. لا نعرف عنه بالضبط تاريخ الولادة ولا تاريخ الوفاة ، وإنما بعض الشذرات مصدرها بعض شيوخ الملحون بأسفي كحسن بريا أو الشقوري رحمها الله لقد أثر هذا الروح الديني كثيرا في شعر الشيخ الحاج ابن حساين . ونذكر أنه استهل مساره الشعري في الملحون بقصائد الذكر العيساوي .. من ذلك هذه الأبيات التي يقول فيها: باسم المولى أحجاب لنظامي بالتلسيس واصلات الهاشمي أتجارا نذكر حلة اموضحا بالفاظ أتجليس أعلى الضرغام ستل لغزارا هيبت مكناس صرخت جبر التهريس ناديت بالسر والجهارا غير فحل الفحول الهادي بن عيسى ندي لركاب لزيارا كما أبدع الشاعر ابن احساين في قصائد التوسل ، فكان شاعرا بارعا في الأذكار والمواليد وشعر المديح النبوي . يقول في إحدى قصائده متوسلا إلى أولياء وصلحاء مدينة أسفي : حب لشراف هيج وجد أشواق لفكار مسكين سكني باح أبعشق أهناه والروح شايقا باذكرهم ليل أنهار ديما احديثهم في قلبي ما احلاه هم اعلاج ذاتي وامهاجي والصيار هم انعايم قلبي واسرور اهناه لشراف فركت واسلاح يوم العقار لشراف جاههم مولانا علاه قاصد ابدور تمرمجت كنز السرار أولاد ابن احساين مولى عبد الله أسربت الفحول لغارا آيت امغار هيا اولاد لمجد رسول الله قاصد حرمكم غيثوني سر أجهار قلبي إلا اعطف يضفر بامناه يا دار لعنيا والهمة وانوار يا بحر السخا والهيبا والجاه من سركم نبغي نرشف كاس العقار من خمرة المفضل حبيب الله …. الشيخ أحمد بن علي الغنيمي : وردت ترجمته في كتاب : " جواهر الكمال في تراجم الرجال " وهو القسم الثاني من ّ تاريخ أسفي وما إليه " للفقيه أحمد الكانوني ..يقول عنه : " نسبه هو كما رأيت بخطه ، أحمد بن علي بن محمد بن دحان بن محمد الفلاح بن عبد الرحمن بن عبد العزيز الشيخ ، به يعرف بن عبد الرحمن بن الحسن بن رحو .. كان أستاذا حافظا للقراءات السبع ، عارفا بأحكامها ، معروف الصلاح ، مشهور الأحوال ، من رجال الفضل والدين والسماحة ، له قصائد ملحونة وأزجال ، منها ما هو في المدح النبوي ، ومنها ما هو في أحوال الزمان الحاضرة والمستقبلة . أخذ القراءات السبع عن الأستاذ السيد التهامي الوبيري ، كما أخذ التصوف عن الخليفة سيدي بوبكر الناصري . توفي حوالي سنة 1290 هجرية ، ودفن بمقبرة أسلافه .. " لقد من الله سبحانه وتعالى على شاعرنا بذاكرة قوية حاضرة ، فعرف بين شعراء الملحون والولوعين به بعمقه الشعري .. ومصدر ذلك لا محالة حفظه للقرآن الكريم وتجويده ، وبهذا كون لنفسه ثقافة دينية قوية ، كانت له مفتاح التميز والظهور . ومن بين الروايات التي تحكى عنه في مدينة أسفي ، أن أحد شيوخ الملحون زاره يوما ، وقال له بالحرف : " غير فوتني وحط " ومن ثمة ، خرج ليبارز فحول الشعراء في المدن المغربية الأخرى . ونشير إلى أننا لم نسعف في الحصول على شعره كاملا ، فقد ضاع مع ما ضاع من كثير غيره . ومما لا يزال يحفظه بعض الرواة ، حربة إحدى قصائده ، يقول فيها : يا رجال أسفي ناس لوفا بالكمال زاوكت في حماكم ابعز طايل