باتت الصين بعملها في السرية التامة على امتلاك معدات عسكرية فائقة التطور, تهدد تفوق الولاياتالمتحدة في المحيط الأطلسي وتثير مخاوف الدول المجاورة لها, ما يسهم في تحريك سباق التسلح في آسيا. وقبل أيام قليلة من زيارة الرئيس هو جينتاو لواشنطن وفيما كان وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس موجودا في بكين, أجرت السلطات الصينية الأسبوع الماضي، أول طلعة تجريبية لطائرتها المطاردة الخفية جي-20. وسواء كان ذلك تحذيرا واضحا أم مجرد صدفة, فان هذا الاختبار فاجأ العديد من المراقبين و»أعاد طرح مسالة التهديد الصيني في مقدم الساحة» السياسية على ما أفاد خبير عسكري غربي. وأوضح آرثر دينغ من معهد العلاقات الدولية في جامعة تشنغشي في تايبيه انه باختبارها هذه الطائرة الحربية الخفية فإن «الصين توجه إلى الولاياتالمتحدة ودول المنطقة رسالة حازمة مفادها أن تحديث الجيش الصيني لا يقاوم والصين مصممة على أن تصبح اللاعب الأكبر في المنطقة». وعلق غيتس على الطلعة التجريبية لمقاتلة جي-20 معتبرا أن الصينيين «وصلوا ربما إلى مرحلة أكثر تقدما» مما كانت الاستخبارات الأميركية تتوقعه. غير انه يبقى من الصعب على الخبراء الذي درسوا بشكل مفصل الصور الأولى للطائرة الخفية ان يبتوا في مستوى تقدمها الفعلي. وقال غاريث جينينغز خبير شؤون الطيران في مجلة جاينز المتخصصة في الدفاع ان «ظهور جي-20 مؤخرا قد يوحي بقفزة تكنولوجية في قدرات الصينيين (العسكرية) لكن الصور لا تكشف عن كل شيء». ويحيط جيش التحرير الشعبي, اكبر جيش في العالم, برامجه العسكرية باقصى درجات السرية, ويخصص لها ميزانية دفاعية مدعومة بنمو اقتصادي بنسبة 10%. وتؤكد الصين في مواقفها الرسمية أن تقنيتها العسكرية متأخرة عن الولاياتالمتحدة بمقدار عشرين الى ثلاثين سنة وتؤكد أن عملية تحديث جيشها لا تهدف سوى إلى «الدفاع» عن نفسها. غير أن هذا الموقف يتعارض بشكل متزايد مع الوقائع إذ تعمل بكين مثلا على بناء حاملة طائرات واحدة على الأقل, في مظهر القوة الأمثل على الصعيد العسكري. وقال خبير غربي «لديهم تجهيزات غير دفاعية إطلاقا. ويمتلكون بشكل متزايد طائرات قادرة على شن هجمات على الأرض. ما معنى ذلك حين يقولون إنهم يريدون فقط الدفاع عن أنفسهم?» وقامت الصين, القوة النووية, في 2007 بإطلاق صاروخ دمر أحد أقمارها الصناعية في المدار. وفي يناير 2010, اعترض الجيش الصيني صاروخا في الجو. وهو اليوم يطور صاروخا بالستيا قادرا على ضرب حاملات الطائرات في المحيط الأطلسي. وقال رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية الأميرال مايك مولن الأربعاء الماضي إن برامج الأسلحة الصينية الجديدة تبدو موجهة ضد الولاياتالمتحدة. فهل سنشهد تغييرا في ميزان القوى في الشرق الأقصى حيث تكثر عوامل زعزعة الاستقرار بين مسالة تايوان والتوتر في شبه الجزيرة الكورية والخلافات الحدودية? في مطلق الأحوال, يبدو من المحتوم العودة الى سباق التسلح. ورأى دنيس بلاسكو الاختصاصي في شؤون الجيش الصيني أن «لا احد اليوم يعرف تحديدا عدد طائرات ج-20 أو الصواريخ البالستية التي سينشرها جيش التحرير الشعبي. لكن من المستحيل أيضا التكهن بحجم وتشكيلة قوات الولاياتالمتحدة وحلفائها لما بعد السنوات الأربع أو الخمس المقبلة». وحذر دين تشنغ من معهد الدراسات المحافظ الأميركي هيريتاج فاونديشن بالقول «ما زال من الممكن للولايات المتحدة اتخاذ إجراءات تصحيحية لحماية نفسها من هذه القدرات الصينية (الجديدة) سواء بالنسبة لترسانتها الخاصة أو لما تمد به تايوان». وهو رأي ريك فيشر أيضا من المركز الدولي للدراسات والإستراتيجية, الذي رأى أن «واشنطن قد تجد نفسها قريبا تتبع الصين بدل أن تكون في طليعة سباق التسلح».