عرف مهرجان مشرع بلقصيري الوطني الرابع عشر للقصة القصيرة، الذي نظمته جمعية "النجم الأحمر للتربية والثقافة والتنمية الاجتماعية"، على مدة ثلاثة أيام فقرات متنوعة، افتتحت بوصلات في فن الهيت، تلتها كلمة الجمعية المنظمة والجهات الداعمة، قبل أن تعلن الإعلامية ليلى بارع عن لحظة تتويج الفائزات بجائزة "تريا بدوي لبراعم القصة القصيرة" في دورتها الثانية، التي عادت رتبتها الأولى إلى التلميذة هدى بلعمود عن قصة (القناعة)، والرتبة الثانية للتلميذة هبة الفطس عن قصة (الوفاء)، والثالثة للتلميذة هبة خودة عن قصة (سر الخزانة)، كما أعلن عن الفائزات بجائزة "حميد الشكراني لناشئة القصة القصيرة" في دورتها الثالثة، والتي فازت برتبتها الأولى التلميذة نجلاء مشرعي عن قصتها (القبو)، والرتبة الثانية فازت بها التلميذة هبة بوعلالة عن قصة (كرهت الحريرة)، وعن قصة (عالم الأحلام) فازت التلميذة وئام بنعلي، وهي مشاركات تمت خلال الورشة التكوينية في القصة القصيرة التي أشرفت على تأطيرها القاصة ربيعة عبد الكامل، لفائدة تلامذة التعليم الثانوي والابتدائي. كما تخلل الافتتاح الإعلان عن نتائج جائزة أحمد بوزفور للقصة القصيرة في دورتها الخامسة عشر والتي أشرف على تحكيمها الأساتذة (المصطفى كليتي، عبد السلام الجباري، رشيد شباري)، وقد عادت الجائزة الأولى للقاص العراقي عقيل فاخر الوجداني عن قصة (لا ذاكرة للوطن)، والجائزة الثانية فاز بها القاص المغربي كريم بلاد عن قصة (الكأس)، وعن قصة (فأر المكتبة) فاز القاص السوداني عثمان الشيخ خضر النور بالجائزة الثالثة. واعترافا بجهود ومساهمات واحد من النقاد المغاربة في الحقل النقدي والثقافي المغربي، كرمت جمعية "النجم الأحمر" الناقد المغربي نجيب العوفي الذي أعرب في كلمة بالمناسبة عن امتنانه لهذه الالتفاتة الكريمة من أصدقائه في هذه الجمعية العتيدة التي صارت قبلة لثلة من القصاصين والنقاد المغاربة، حيث سلمت له هدايا وتذكارات من طرف الجمعية المنظمة والجهات الداعمة. واختتم اليوم الأول بقراءات قصصية بصيغة المؤنث بمشاركة ثلة من القصاصات: الزهرة رميج، فاطمة الزهراء المرابط، سلوى ياسين، سعيدة لقراري، صفاء اللوكي وخديجة المسعودي. وافتتح اليوم الثاني بقراءات قصصية بمشاركة ثلة من القصاصين: علي بنساعود، محمد البغوري، عبد الهادي الفحيلي، رشيد أمديون، محمد لغويبي. قبل أن يفسح المجال لثلة من النقاد والباحثين: حسن بحراوي، أحمد زنيبر، إدريس الخضراوي، أحمد الجرطي، عبد اللطيف الزكري، للحديث عن تجربة الناقد المغربي نجيب العوفي في ندوة تكريمية، باعتباره واحدا من النقاد المغاربة الذين أسسوا للنقد المغربي وساهموا في تطويره خلال السبعينات والثمانينات، ومن الذين تبنوا المنهج الواقعي الجدلي، انطلاقا من قناعته بفعالية طروحات المنهج الواقعي النقدية ومرونة منهجيته وتمثله لمختلف التجارب النقدية والفكرية. كما تطرقت الأوراق النقدية إلى الحروب التي خاضها نجيب العوفي من أجل الدفاع المستميت عن الحداثة إلى جانب كوكبة من الأدباء الطليعيين، مع الإشارة إلى بعض أعماله النقدية التي تعبر عن رؤيته ومواقفه النقدية الشديدة الأهمية خلال السبعينات والثمانينات. وفي كلمة بالمناسبة، تحدث عن بداياته الأولى في كتابة القصة القصيرة خلال الستينات وطلائع السبعينات، قبل أن يتفرغ خلال دراسته الجامعية للممارسة النقدية في خضم الحراك الأدبي بالمغرب وضعف المواكبة النقدية. وفي المساء نفسه، كان ضيوف المهرجان على موعد مع فعاليات ندوة "العجائبي في القصة المغربية"، التي عرفت مشاركة الأستاذ الحبيب دايم ربي بورقة قدم فيها تعريفا للفانتاستيك، مشيرا إلى مجموعة من النماذج القصصية المغربية ذات الطابع العجائبي، مستحضرا التردد العجائبي في أضمومة "بنات السلطان" للقاص وحيد نور الدين، تتضمن شخصيات وأحداث تتميز بالعجائبية، كما يبدو من العناوين الفرعية وعتبات المجموعة. وقد ساهم الأستاذ محمد صولة بورقة تطرق فيها إلى أشكال التجريب العجائبي في القصة القصيرة، ومدى استفادة بعض القصاصين من التحول الثقافي والاجتماعي والأدبي الذي عرفه المغرب، فراهنوا على تطوير التجربة التخييلية وطرحوا فكرة التجاوز والدعوة إلى استعمال الوعي والأدوات الفنية، مستشهدا ببعض النماذج القصصية المغربية التي وظفت العجائبي وتمثلته من زوايا مختلفة (جدتي هينة) لعبد الرحيم مودن، (جزيرة الوقواق) لمصطفى المسناوي، (الألوان تلعب الورق) لأحمد بوزفور. وقد شارك الأستاذ عمر العسري بورقة، تحدث فيها عن الطابع العجائبي الذي اختاره بعض القصاصين دون غيرهم في كتاباتهم، مشيرا إلى تجربة الكاتب خوليو كورتازار الذي كرس معظم قصصه لهذا الرافد الكتابي العجائبي، وجعله منجزا سرديا مهيمنا يتماهى فيه الواقع باللاواقع، والمألوف باللامألوف، مضيفا أن النص العجائبي يتحدد كتجربة جمالية قصوى، تجتمع فيه البساطة والغرابة والشخصيات العجيبة والأحداث الغامضة والمثيرة، مستشهدا بتجارب بعض القصاصين المغاربة (مصطفى المسناوي، محمد الهرادي، محمد عز الدين التازي…)، كما تحدث عن معلنات العجائبي في القصة المغربية، بتنوع مصطلحاتها وهيمنة الأسطورة والحكاية الشعبية والخرافة عليها، ما يفتح المجال لتأويلات خصيبة تكشف عن سرد حيوي متفاعل مع زمنه، قائم على الدهشة والحلم والتحول. أما الأستاذ محمد المسعودي، فقد تطرق في ورقته إلى تمثل الأفق العجائبي، من خلال مجموعة من النماذج القصصية: (حكايات حزينة) لعبد الجبار السحيمي، (الرجل الذي وجد البرتقالة) لأحمد بوزفور، (العلك والصيف) لمحمد شكري، وهي قصص تتميز بطابعها الغرائبي وغياب المنطق والعقل، تهيمن على أحداثها العوالم السحرية والوجودية، كما يتضمن متنها الحكائي توظيف كائنات خرافية وأسطورية رمزيا، ما يمنحها البعد العجائبي الذي يعبر عن حالة المجتمع بشكل عام. وقد ساهم الأستاذ المهدي لعرج بورقة استهلها بالحديث عن مفهوم الخطاب العجائبي، ومرجعيات العجائبي في الخطاب القصصي عند المغاربة، قبل أن يتطرق للحديث عن بنية العجائبي في القصة المغربية والتي قسمها إلى سبع بنيات اعتمد في تصنيفها على نماذج قصصية: عجائبية العنوان: (المخلوقات العجيبة) لعبد اللطيف الزكري، عجائبية الحدث المفاجئ: (أبيض وأسود) لمحمد عز الدين التازي، عجائبية الهستيريا: (غريق) لأنس الرافعي، عجائبية التحول والمسخ: (تأويل الأحلام) لنور الدين محقق، عجائبية العزلة: (عزلة الكائن) لعبد العزيز الراشدي، عجائبية الهلوسة: (سم بدون كولستيرول) لعبد السلام الموذن، عجائبية عالم الطفولة: (نانا) لأحمد بوزفور. وبعد استراحة قصيرة، انطلقت القراءات القصصية بمشاركة مجموعة من القصاصين: أحمد بوزفور، المصطفى كليتي، أنيس الرافعي، عبد السلام الجباري، بوشعيب عطران، صخر المهيف، محمد العتروس، عبد الحميد الغرباوي. وقد تخللت فقرات المهرجان عرض لوحات الفنان التشكيلي مصطفى أجماع، إضافة إلى زيارة الموقع الأثري بناصا الروماني.