قال عبد الرحيم السامي، "إن سوسيولوجيا الإعلام وما أنتجته من دراسات، تؤكد على أن الأنترنيت أحدثت ثورة مجتمعية لا ندرك حتى الآن كل تداعياتها، وتأثيراتها على المدى البعيد". وأضاف عبد الرحيم السامي الأستاذ المتخصص في سوسيولوجيا الإعلام، الذي حل ضيفا على جمعية سلا المستقبل والخزانة العلمية الصبيحية، في إطار سلسلة لقاءات المعرفة، يوم الجمعة الماضي بسلا، أن نظام الأنترنيت فتح الباب واسعا أمام تدفق المعلومات والأخبار والمعرفة بكل أشكالها، وأنهى بذلك احتكار بعض المؤسسات للمعلومة وللمعرفة. وذكر السامي أن الأنترنيت ساهم في اتساع حرية التعبير وفي اتساع مساحات النقاش العمومي، الغير منضبط لقواعد لا اجتماعية ولا قوانين تمنع الولوج إلى فضاءات النقاش، بالرغم من تدارك هذا الانفلات في مدونات وقوانين الصحافة والنشر في العديد من البلدان وخاصة ما يرتبط بالصحافة الإليكترونية، مشيرا إلى أن الأنترنيت أتاح أيضا، للجمهور العريض إمكانية التفاعل مع المؤسسات ومع الفاعليين أيا كان مجال تدخلهم، سواء كان سياسيا أو ثقافيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا. وبحسب عبد الرحيم السامي الذي تدخل في موضوع " الإعلام والمجتمع.. إشكاليات التأثير المباشر والتفاعلية الرقمية" فإن الأنترنيت أحدثت تراجعا في دور الصحافي كبطل، وكوسيط، يتمتع بمصداقية ويؤثر في المجتمع، وكرائد للرأي بامتياز، حيث عوضه الانترنيت وخاصة شبكة التواصل الاجتماعي، بما يصطلح عليه بلغة الأنترنيب "المؤثر". وساق عبد الرحيم السامي آراء ومواقف بعض علماء الاجتماع الإعلامي وبعض المراقبين المتخصصين، وبعض الصحافيين المعنيين مباشرة بهذه التفاعلية الرقمية وأثارها على مواقعهم الاجتماعية، الذين يميلون في نظره، إلى القول بأنه على الرغم من كل المزايا، فإن هذه التفاعلية الرقمية هي مجرد وهم من بين أوهام التقنية والتكنولوجية، وهي عابرة، بل إن هذه التفاعلية من شأنها، بحسبهم، أن تحدث في المجتمع الفوضى والفلتان الذي يصعب التحكم فيه. وأوضح المحاضر، أن المقصود بالفوضى عند أصحاب هذا الرأي، هو ما عرفه عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركاييم، ب "la nuit social" أي حسب القاموس: فقدان القواعد التي تؤطر المجتمع وعدم اعتبار القيم التي تغذي الشعور بالرضا بالعيش المشترك، أو التعايش بشكل جماعي، مشيرا إلى أن الحرية أو حرية التعبير، ليست هي تلك المضامين المسيئة مجانا للأفراد، والجماعات، والازدراء بمشاعر الآخرين، مستفيدين من التخفي الذي يتحه عالم الانترنيت الافتراضي، مؤكدا في الوقت ذاته على أن جل الباحثين في هذا المجال ينصحون بقاعدة حسن التدبير والاستعمال والتربية على وسائل الإعلام بجميع أشكالها. وخلال هذا اللقاء الذي أدراه الإعلامي جمال محافظ، وقف عبد الرحيم السامي عند أهم المحطات التاريخية لوسائل الإعلام ومدى تأثيرها آنذاك على تلك المجتمعات التي عرفت ظهور وسائل الإعلام في كل أبعادها، وتطورها من الطباعة إلى عصر الأنترنيت والنظام الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي، كما ألقى نظرة على التجربة المغربية، في علاقة الإعلام بالمجتمع المغربي عبر محطات أساسية في التاريخ المغربي الحديث. وخلص عبد الرحيم السامي إلى أن الإعلام ليس وحدة متجانسة، تشتغل بنفس المنطق، ولها نفس الأثار على الجمهور، هذا يعني بحسبه، أن لكل وسيلة إعلامية، خصوصية تميزها، عن الوسائل الأخرى، وتمدها تارة بالقوة، أو تكون سببا في محدودية أثارها على المجتمع، مستدلا على ذلك بالصحافة المكتوبة بالمقارنة مع الإذاعة، وهذه الأخيرة بالمقارنة مع التلفزيون، وهذا الأخير بالمقارنة مع الأنترنيت.