دعت اللجنة الحقوقية المشتركة للتقصي في أحداث مخيم «اكديم أزيك» بالعيون، إلى الكشف عن الحقيقة وتحديد المسؤوليات بشأن ما وقع في 8 نونبر من العام الماضي. وقالت هذه الهيئات الحقوقية المكونة للجنة التقصي وعددها 11 جمعية حقوقية، في ندوة صحفية يوم الجمعة الماضي، إن على السلطات العمومية كشف حقيقة ما وقع أثناء وقبل تفكيك مخيم اكديم إزيك، وذلك على قاعدة تفعيل مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب مع احترام قواعد المحاكمة العادلة، كما طالبت اللجنة الحقوقية المشتركة، بتعويض خسائر الناس الذين فقدوا ممتلكاتهم في المخيم إضافة إلى المتضررين من أعمال التخريب في المدينة، وإجراء التحقيقات الجنائية في جميع انتهاكات حقوق الإنسان التي وقف عندها التقرير وعلى الخصوص تلك المتعلقة ب»أعمل القتل وبالتعذيب وتكسير الأسنان والاغتصاب وتخريب ونهب الممتلكات العامة والخاصة ومحاكمة مرتكبيها مهما كانت صفتهم أو انتماءاتهم وفقا للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة». وبخصوص أسباب اندلاع تلك الأحداث، أشار التقرير حسب الشهادات التي استقاها من عين المكان، إلى مخلفات الصراع بين حزب الاستقلال من خلال منتخبه، وحزب الأصالة والمعاصرة من خلال الوالي جلموس طيلة سنتي 2009 و2010، ووفق العديد من الشهادات، يضيف التقرير، فإن الوالي عمل باستمرار على تعطيل كافة المشاريع التنموية وعرقلة العمل الذي يقوم به المجلس، كما عطل التسويات التي تمت على عهد سلفه لحل مشاكل اجتماعية، مع تهميشه لممثلي السكان في الحوار لإيجاد حل للمخيم. في الوقت الذي شارك عنصر قيادي من حزب الأصالة والمعاصرة هو إلياس العماري، في بعض أطوار الحوار بدون صفة تبرر ذلك. ويقال حسب ما أورده التقرير، أن إلياس العمري تم تقديمه للجنة الحوار على أساس أنه «صديق الملك». وسجل تقرير اللجنة الحقوقية المشتركة للتقصي في أحداث العيون، أن الخسائر البشرية في صفوف القوات العمومية كانت فادحة (11 قتيل)، محملا مسؤولياتها المباشرة لبعض الأشخاص من بين الذين واجهوا هذه القوات. ومن جهة أخرى، أورد التقرير أن هناك مسؤولية غير مباشرة يتحملها قادة ومسؤولوا القوات العمومية الذين اتخذوا قرار الزج بشباب لا خبرة ولا تجربة لهم في عملية محفوفة بالمخاطر دون اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بحماية حقهم في الحياة من أي اعتداء محتمل. وبالنسبة للوفيات في صفوف المدنيين، سجل التقرير حالتا وفاة بين المدنيين واحدة منهما قال التقرير «إن سيارة أمن دهسته» وفق شهادات استقتها اللجنة الحقوقية المشتركة، والتي قالت إن هذه الخلاصة أكدها التقرير المشترك بين جمعيات الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان ومنتدى بدائل المغرب والمرصد المغربي للحريات العامة. كما وقف التقرير بإسهاب وتدقيق، على مختلف الانتهاكات التي وصفها ب»الخطيرة» لحقوق الإنسان والتي ارتكبت خلال وبعد الأحداث، وانتقد في هذا السياق، ما وصفه ب»الاستعمال المفرط للعنف» مشيرا إلى أن تفكيك المخيم جاء في وقت مبكر وبدون إنذار كاف، مبرزا أن الخسائر البشرية في صفوف القوات العمومية كانت فادحة، لكن في المقابل عندما تمكنت القوات العمومية من السيطرة على المخيم حدثت اعتقالات مرفقة بعنف في حق الشباب والعديد من النساء. من جانب آخر، أورد التقرير أن سكان العيون استبشروا خيرا بالتوصل إلى اتفاق لتسوية العديد من الملفات الاجتماعية إلا أن جو الأمل تراجع بسبب التغيير المفاجئ في خطاب الجهات الرسمية ليومي السبت 6 والأحد 7 نونبر، حيث أصبح الحديث عن تعنت لجنة الحوار وعن تحكم جماعة من المنحرفين وذوي السوابق في المخيم واحتجازهم للنساء والأطفال. وتساءل العديد من استمعت لهم اللجنة الحقوقية المشتركة، حول تزامن تفكيك المخيم مع الشروع في تنفيذ ما اتفق عليه؟ ولماذا لم يكن الإنذار قبيل تفكيك المخيم في واضحة النهار؟ ولماذا لم تستعمل التلفزة في إخبار الناس بمغادرة المخيم؟ كما تساءل هؤلاء عن علاقة تفكيك المخيم ببدء المفاوضات في منهاست؟ ولماذا التفاوض مع لجنة والقول بعد ذلك بأن أعضاءها مجرمون وذوي سوابق ؟ ولماذا غاب الأمن عن مدينة العيون صبيحة أحداث المخيم بما في ذلك عن حماية مؤسسات بالغة الأهمية كمحكمة الاستئناف ومقرات الإذاعة والتلفزة وغيرها؟. ومن التوصيات التي أوردها التقرير، دعوته الأحزاب السياسية إلى ممارسة دورها الدستوري في تكوين وتعبئة وتأطير المواطنين طبقا لقواعد الديمقراطية والمنافسة الشريفة، وتحمل مسؤولياتها بتجاوز ما وصفه التقرير ب»الوضعية المريحة ظاهريا» والمكلفة وطنيا وحزبيا والمتمثلة في ترك الملف برمته يدبر مركزيا والاكتفاء بمباركة المبادرات الرسمية بدون قيمة مضافة وملموسة. كما دعا المجتمع المدني الحقوقي إلى العمل على قاعدة المرجعية الدولية لحقوق الإنسان وذلك بكل استقلال عن السلطات أو عن الأحزاب والتيارات السياسية أو الإيديولوجية مهما كانت القضايا موضوع المعالجة. كما أوصى التقرير بفتح نقاش بين مكونات الحركة الحقوقية المغربية وبين النشطاء الصحراويين حول ملف الصحراء سواء في المنطقة نفسها أو باقي مناطق المناطق المغربية على أساس تشجيع الحلول التي تؤمن حماية الحق في السلم والحق في التنمية والوصول إلى تفادي العنف مهما كانت الظروف.