تراجعت كميات الأسماك المعروضة بالأسواق المغربية، خلال الأسابيع الأخيرة، حيث أصبح الحصول على كيلوغرام واحد من السردين أو من باقي أنواع الأسماك الأخرى، من المهمات الصعبة وشبه المستحيلة. وحتى إن وجدت، فإن أثمان هذه المادة الغذائية الهامة تظل مرتفعة وخيالية في بعض الأحيان. ذلك ما تؤكده جولة بيان اليوم في الأسواق حيث وقفت على محدودية العرض والتقت مواطنين أكدوا لها عودتهم خاويي الوفاض من أسواق خلت دكاكينها من السمك إلا من طاولات متناثرة هنا وهناك تقدم فقط السردين بسعر لا يقل عن 25 درهما للكيلوغرام الواحد. وقال أحمد بنقاسم، أحد هؤلاء المواطنين الذي التقته بيان اليوم بسوق المدينة القديمة «إنني أبحث عن السمك منذ الصباح ولم أجد له أثرا. وصادف خروجي من السوق بعض الباعة المتجولين يفرضون أسعارا لم نعهدها من قبل مقابل سمك لا نعرف مصدره». وإذا كان بنقاسم قد عاد إلى منزله خاوي الوفاض، فإن المواطن إدريس حازم، الزبون الوفي لأحد الباعة بسوق درب السلطان، بالعاصمة الاقتصادية، يفضل، خلال هذه الأيام، ربط الاتصال الهاتفي بمزوده من السمك، قبل الحلول بالسوق، مفسرا هذا الأسلوب، في حديثه لبيان اليوم، ب «وجود شح في الأسماك، وارتفاع غير مقبول للأسعار». ولتتأكد بيان اليوم من هذا النقص والتراجع الحاصل في الأسماك بالأسواق، اتصلت بالمهنيين، من أجل معرفة الأسباب الكامنة وراء هذا الاختفاء، وحقيقة الزيادة في الأسعار؟ وهل الأسماك فعلا نادرة أم محفوظة بالمخازن الباردة؟. عصام النفيسي، أحد الصيادين، بمدينة آسفي، عزا سبب تراجع السمك بالأسواق إلى سوء الأحوال الجوية التي «أجبرت قوارب الصيد في سواحل البحر وأعاليه، على الرسو بجانب الميناء»، مضيفا في حديثه لبيان اليوم أنه «يصعب الصيد خلال فصل الشتاء، بفعل هيجان البحر، في السواحل والأعماق». وأضاف النفيسي أن «هذه الفترة المتسمة بسوء الأحوال الجوية والتي يستغلها المهنيون من أجل إعداد عدتهم وإصلاح تجهيزاتهم، وقضاء أغراضهم الشخصية، تكون فيها الأسماك في راحة بيولوجية، بعيدة عن مطاردة القوارب، ما يجعل العرض في الأسواق ضعيفا، أغلبه من الأسماك المتجمدة المخزنة». وهو ما يؤكده الهاشمي الميموني، عضو الجامعة الوطنية للصيد البحري بالمغرب، الذي أوضح لبيان اليوم أن الأسماك التي تباع حاليا في الأسواق، «جزء كبير منها كان مخزنا، ويخضع للمضاربة من طرف سماسرة واعين بارتفاع الطلب من طرف المستهلك، على اعتباره مادة تحضر بشكل كبير في موائد الأسر المغربية، هذا دون الحديث، عن تهافت أصحاب المقاهي والمطاعم، المتخصصة في إعداد أطباق بالسمك». وأبرز في السياق ذاته، أنه إذا كانت مراكب الصيد تفضل الرسو في الموانئ إلى حين رحيل العاصفة الشتوية، فإن «العديد من الأساطيل المتخصصة في الصيد في أعالي البحار، تخوض مغامرة مطاردة الأسماك، وتعرضها بأسعار مرتفعة للمستهلك المغربي حيث تغامر من أجل إحضار بعض الأنواع إلى المستهلك المغربي، خاصة لأرباب المطاعم والفنادق».