على امتداد الفترة ما بين 23 يناير و29 مارس 2018، وبفيلا الفنون بالدار البيضاء، يعرض الفنان التشكيلي المغربي نور الدين فاتحي مجموعة من أعماله الصباغية التي تؤرخ لمحطات إبداعية تغطي المدة الجامعة بين 2006 و2017 كان عرضها الفنان بالمغرب وفرنسا. وهذه المحطات هي: وجها لوجه، الجسد والمقدس، استراحة السماوات، خيمياء المنفيين وأسرار وأكوان، بجانب أعمال حديثة تتزاوج فيها الصباغة والفوتوغرافيا وترسم معالم التجربة التشكيلية المقبلة للفنان فاتحي والموسومة ب"من أعمدة حلب إلى إمارة المريخ". يضم المعرض حصيلة مشروع فني منسجم دشنه الفنان مبكرا، يطرح فيه ومن خلاله أسئلة إبداعية وجمالية جدلية تتعلق بالكينونة والوجود وعلاقة الذات بالآخر من خلال الاشتغال على الجسد الآدمي وذلك برؤية صباغية معاصرة تتشابك فيها المفاهيم ضمن أعمال صباغية موسومة بتقنية مختلطة تجمع بين السيريغرافيا والتبصيم اللوني الأحدوثي بما يتولد عنه من إيحاءات وآثار طيفية متدفقة، شفيفة وغامقة، تنبعث منها تكوينات حروفية ونباتية متباينة. عنوان المعرض يتجاوز الدلالة الجغرافية ليشمل معنى مغايرا أكثر سموا يتعلق بالهدف الحقيقي للوجود الإنساني "الذي هو بالضرورة تسام بالذات وتجاوز لها أكثر من أن يكون تحقيقا للذات", على حد تعبير فيكتور فرانكل.".. ولا شك أن استحضار تجربة الفنان التشكيلي نور الدين فاتحي الإبداعية، معناه -يقول الناقد الفني بنيونس عميروش- "الغوص في دواليب التاريخ الإنساني والإبداعي، بما يحملانه من مرجعية ثقافية ووجودية، قد تفضي بك إلى متاهات المعرفة العالمة بقضايا الإشكاليات المطروحة على المستوى الجمالي والمفاهيمي، ففي كل محطة سؤال، وكل سؤال حمال قضية، وكل قضية تحيل على إشكالية، وكل إشكالية في حد ذاتها موضوع، وكل موضوع مرآة لشعور جماعي يختزن فكرة روحية، وكل فكرة تتحول إلى قصيدة، وكل قصيدة ملاذ لتحفة فنية لها امتداد في الماضي والحاضر، حيث تعدد الأمكنة والأزمنة في المكان والزمان الواحد". وبرأي الكاتب سعيد عاهد، فإن هذا المنجز الفني يكشف، بجمالية، عن فحواه هذه عبر استعارة ذكية وواعية للمكونات الاستطيقية المتولدة في رحم مختلف الحضارات، دون محو إحداها ودون حنين ما إلى تاريخ ما متقوقع على مجد ما، والمنبثقة في بيت البشرية المشترك..".