تسافر في بلاد الغربة لتكشف عن هويتها الفطرية يستضيف مسرح محمد الخامس بالرباط، من 14 إلى 21 يناير الجاري معرضا تشكيليا لأعمال الفنانة المغربية. المغتربة بهولندا، الحاجة كنزة المقدسني... وهي أعمال تنتمي إلى الاتجاه الفطري، لكنها تستوعب بقوة وحرارة مفاهيم اللغة التشكيلية الحديثة في الغرب، تحكي بتلقائية قصص الطفولة التي عاشتها الفنانة المغتربة، داخل أسوار مدينة تطوان، حيث تحتفل الصبايا بمواكب الزهور، وعروسات القصب، وأناشيد الفرق الصوفية. الحاجة كنزة، هو الاسم الذي أصبحت تتداوله قاعات العرض التشكيلي بالعاصمة الهولندية، وهي الفنانة التي ترعرعت منذ أربعة عقود في الأجواء الأوربية، دون أن تتخلى عن فطرتها الأولى، حيث مارست إبداعها التشكيلي، خارج مفاهيم الغرب، وبعيدا عن تقنياته الأكاديمية، وهو ما جعل منها علما تشكيليا بارزا ومتفردا في بلاد الغربة. أعمالها التي لا تبارح ذكريات الطفولة، تشع بالشخوص الحية، المفعمة بألوان المغرب، تحكي باستمرار قصص الحب البريئة بين أطفال الأزقة البيضاء بين الحالمات العروسات بالأبدية، وطقوس الأعراس التي لا تمل الرقص والغناء... تبوح بأسرارها خارج الأمكنة والأزمنة، كما تبوح بهويتها، وهو ما يجعل منها قيمة مضافة، ليس لأنها تسجل الذاكرة المبدعة، ولكن أيضا، لأنها تجعل موطنها الأصلي موضوع مشاهدة بصرية. استطاعت الفنانة الحاجة كنزة، تشغيل ذاكرتها البصرية بقوة إبداعية فائقة، في استخدام اللون والخط، نقلت بيئتها المختلفة إلى الغرب الأوروبي الذي ساقتها الظروف إليه، ليكون موطنها الآخر، وهو ما جعل نقاد الفن التشكيلي بالغرب الأوربي وكتابه ومبدعيه، يحتفلون بها في العديد من المناسبات. إنها في طروحاتها اللونية، كما في صياغة موضوعاتها المرتبطة دائما بالذاكرة، حرصت الحاجة كنزة باستمرار على الابتعاد عن المدارس والاتجاهات الأكاديمية الغربية التي وجدت نفسها تحتك بها في غربتها، من أجل أن تظهر بشخصيتها الذاتية، أي من أجل ما تختزنه من موروث ثقافي/ إبداعي وجمالي، مما جعل أعمالها الفنية انعكاسا واضحا لروح هذا الموروث، في لغته البصرية، كما صياغاته التشكيلية. الأعمال التشكيلية لهذه الفنانة، استطاعت على مدى العقود الأربعة الماضية، أن تفرض نفسها على قاعات العرض بهولندا، بفضل إصرارها على أصالتها الفطرية... فهل تستطيع في معرضها الأول بموطنها الأصلي الرباط، تحقيق مطامحها الفنية، والوصول إلى عقول نخبتها؟