أكد تقرير للمجلس الأعلى للحسابات أن إصلاح نظام الوظيفة العمومية يتطلب اعتماد مقاربة شمولية تراعي الطابع الأفقي للإصلاح. وسجل المجلس، في تقرير موضوعاتي حول تقييم منظومة الوظيفة العمومية تم تقديم أهم خلاصاته خلال يوم دراسي نظمته وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، أول أمس الأربعاء بالرباط ،أن تجويد الخدمة العمومية يتطلب إصلاح واقع الوظيفة العمومية، واتخاذ إجراءات عميقة، والتزاما سياسيا قويا من طرف الحكومة، إلى جانب انخراط مسؤول للموظفين وممثليهم . وأوصى التقرير الذي قدمه رئيس فرع بالمجلس الأعلى للحسابات سعيد لخضر، بحضور رئيس الغرفة الرابعة بالمجلس محمد كمال الداودي، باعتماد إجراءات عميقة من أجل إعادة الاعتبار لمنظومة القيم داخل المرفق العمومي، والانخراط في منطق التدبير المبني على الأداء والنتائج، ووضع آليات جدية لمحاربة الممارسات السلبية كالتغيب غير المشروع ، والتسويف أو البطء المبالغ فيه عند معالجة الملفات ، والاعتراف بالممارسات الجيدة والسلوكات النموذجية وتشجيعها. وشدد التقرير على إضفاء الطابع المؤسسي على ممارسة التقييم المنهجي لجودة الخدمة العمومية بما في ذلك تدبير قياس مستوى رضا المرتفقين، والحرص على تحسين جودة وظروف تقديم الخدمات العمومية على ضوء التقييمات الدورية، مع وضع آليات لمساءلة الادارات والموظفين بشأن شكوى المرتفقين. كما دعا إلى التقيد بالإجراءات المعتمدة في إطار تبسيط المساطر الادارية عبر إعادة النظر في طرق الاشتغال، والعمل على تفادي التداخل والازدواجية بين المساطر التقليدية والرقمية، وضبط الوقت المخصص للعمل في الادارة من خلال الحد من غياب الموظفين بالحرص على التطبيق الصارم للمقتضيات القانونية في هذا المجال، وتعميم نظام مراقبة الولوج في جميع الادارات والعمل على استغلال المعطيات التي تتيحها أنظمة مراقبة الولوج، والتفكير في وضع مساطر للعمل عن بعد أو العمل الجزئي مع الحرص على تتبع أداء ونتائج كل موظف على حدة . وأوصى التقرير بمراجعة حكامة إصلاحات الوظيفة العمومية عبر وضع استراتيجية شمولية للإصلاح تشمل مخططات عمل دقيقة تحدد الاهداف والإطار الزمني المناسب مع الاخذ بعين الاعتبار التأثير المتوقع على الميزانية مع تحديد المسؤرل عن كل عملية، إلى جانب وضع قاعدة للبيانات المعلوماتية حول موظفي الادارات العمومية تكون موحدة وشاملة ومحينة مع ضبط صلاحيات الولوج اليها من طرف كافة المتدخلين في عملية الاصلاح. وأشار المجلس إلى أن الإصلاح ينبغي أن يروم إحداث تناسق بين منظومتي التقييم والأجور، داعيا في أفق مباشرة إصلاح شامل لمنظومة الأجور، إلى التغلب على أوجه القصور الرئيسية من خلال استثمار مختلف الدراسات التي أجريت بهذا الصدد. ويتعلق الأمر خصوصا بإعادة النظر في تركيبة الأجر بغاية إعطاء الأهمية الأكبر للراتب الأساسي وتوجيه التعويضات الأخرى لكي تتناسب أهميتها مع الغرض الحقيقي الذي أحدثت من أجله. ومن أجل إطلاق دينامية لإعادة انتشار الموارد البشرية بين المصالح المركزية واللاممركزة من جهة وبين مختلف القطاعات من جهة أخرى، يوصي المجلس بربط عمليات إعادة الانتشار بإجراءات تحفيزية تضمن نجاح هذه العملية وذلك لتحقيق توازن في توزيع الموظفين. ومن أجل إضفاء الجاذبية على التكوين المستمر وربطه بعمليات التقييم والترقية دعا المجلس إلى ايلاء الاهمية اللازمة للتكوين المستمر من خلال وضع سياسة للتكوين محددة الاهداف ومرتبطة بنظام التقييم والترقية، مع إجراء تقييم دوري لبرامج التكوين من حيث أثره على الموظف وجودة العمل. وفي ما يرتبط بالوظيفة العمومية الترابية، أوصى المجلس بإعادة هيكلتها ومراجعة تركيبة الموارد البشرية لملاءمتها مع حاجيات المرفق العمومي المحلي بهدف التغلب على الاختلالات التي يعرفها توزيع الموظفين و الحد من وزن كتلة الأجور في ميزانيات الجماعات الترابية ، وتيسير حركية وإعادة انتشار الموظفين بين الجماعات الترابية وبين هذه الاخيرة وإدارات الدولة ، والعمل عل جعل الوظيفة العمومية الترابية أكثر جاذبية . وتتجلى أهمية مجمل هذه الإصلاحات، حسب المجلس، في الدور المحوري للموارد البشرية في تنفيذ أي سياسة عمومية، كما أن الوظيفة العمومية جديرة بالاهتمام بالنظر إلى ارتفاع كتلة الأجور والطلب المتنامي على مرفق عمومي ذي جودة عالية.