يستعد المخرج المغربي عبد السلام الكلاعي، لتصوير أول المشاهد من فيلمه الروائي الجديد: "رجال الليل"، وهو من نوع الأفلام التي ترصد فترة ما سمي بسنوات الرصاص، الموضوع الذي تم استهلاكه في العديد من الأعمال السابقة لمخرجين مغاربة تناولوا هذه الفترة التاريخية، كل من زاوية معالجة مختلفة تلتقي وتتقاطع في الكثير من الزوايا، مثل فيلمي المخرج سعد الشرايبي، "جوهرة بنت الحبس"، و"أيام من حياة عادية"… أو فيلم "دموع إبليس"، لهشام الجباري، أو "ضربة في الرأس" لهشام العسري، واللائحة طويلة.. آخرها الفيلم الذي يستعد المخرج عزيز السالمي لعرضه في القاعات وهو تحت عنوان "دموع الرمال"، ويبدو مما سبق ذكره أن هذا الموضوع هيمن على أعمال كثير من المخرجين، منذ تسعينات القرن الماضي، وإذا كان فيلم عبد السلام الكلاعي الجديد يصب في نفس الخانة من خلال مساءلتها لفترة محددة من تاريخ المغرب، فإن الجديد فيه لن يتجاوز زاوية المعالجة، التي نرجو أن تكون مختلفة، وأن يشكل الفيلم الجديد إضافة نوعية لما سلف من أعمال. وتجدر الإشارة إلى أن عبد السلام الكلاعي، يعد من المخرجين المغاربة الذين يؤمنون بسينما بعيدة كل البعد عن مجاملة الواقع ومظاهره الاجتماعية والأخلاقية، سينما تحاول استفزاز المتلقي من خلال تناول المسكوت عنه في المجتمع والنبش في هوامشه. ويقول عبد السلام الكلاعي عن تجربته "أسعى دائما الى إزعاج المتلقي الراضي والصامت، واستثارة غضبه من خلال تعرية واقع أسود لهوامش مغربية ظلت حبيسة الطابوهات"، من منطلق كون السينما تعد بحق مرآة المجتمع. وهو أيضا من الوجوه السينمائية والتلفزيونية البارزة في المغرب، كتب وأخرج للمسرح عملين دراميين، والعديد من الأفلام السينمائية القصيرة والطويلة، وأخرى تلفزيونية، نذكر منها: "سيدة الفجر"، و"حب وغضب"، و"صمت الذاكرة". ويُعتبر فيلمه "ملاك" من بين أهم الأعمال السينمائية المغربية، التي حاز بها على العديد من الجوائز داخل وخارج المغرب. ويحكي الفيلم الجديد "رجال الليل"، قصة تدور تفاصيلها خلال فترة السبعينات من القرن الماضي، حول رجل أمن شاب، كان مكلفا بالاعتقالات السياسية، وفي ظروف غامضة يختفي عن الأنظار، ليظهر مرة أخرى بعد سنوات طويلة، إلا أن أحداث الماضي ستظل تلاحقه، وسيفاجأ أن أصدقاء الماضي تحولوا إلى أعداء. و هو من تأليف المخرج نفسه ويضم نخبة من الممثلين المغاربة والفرنسيين من أمثال لبنى أزبال، وسامي الناصيري، وجويي ستار، وهشام اليعقوبي، وأمين الناجي، وسعيد باي، محمد خيي وفهد بنشمسي، وعمر لطفي وغيرهم. بعد مسار فني تميز بلحظات تميز ونكوص ما فتئ المخرج عبد السلام الكلاعي يمضي في تطوير رؤيته الفنية وأسلوبه بشكل مضطرد، ويريد أن يجعلنا نشعر بأننا في قلب ما يدور من أحداث يكتبها بالكاميرا. بعد أن تميز أسلوبه خلال بعض محطاته الفنية، بالسكونية وانعدام الحيوية، ووصفت تجربته من طرف بعض النقاد بصفة المشهدية، حيث اعتمد على وصف لحظات درامية هي غاية في الأهمية من خلال مشاهد عامة تجمع شخصيتين أو أكثر، تلتقطها الكاميرا من زاوية ساكنة، وهي تقنية هيمنت على العديد من أفلامه. رجال الليل، رغم اعتماده قصة فترة من تاريخ المغرب، مستهلكة نسبيا، لن تفسد العمل أو تسمه بالتكرار، حيث أن السينما فن يخلق واقعا جديدا ولا يستنسخه.. وأن آفة السينما المغربية تتمثل في عدم استيعاب بعض المخرجين لجوهر هذا التعبير الفني وآلياته التقنية والإبداعية، لذلك فإنهم يستنسخون الواقع، فنرى أفلاما رخوة لا حيوية فيها تشبه الحكايات التي نراها كل يوم مشخصة في الواقع . وتجدر الإشارة إلى أن عبد السلام الكلاعي قد انتهى منذ مدة قصيرة من تصوير عمله التلفزيوني: " عين الحق" الذي سيعرض على القناة الثانية، والذي ضم كوكبة من النجوم المغاربة، من بينهم محمد خيي وياسين أحجام.