شهدت، مؤخرا مدينة الدارالبيضاء، أحداث عنيفة بين بعض المهاجرين الأفارقة من دون أوراق إقامة وبعض السكان المحليين، ولعل أبرز هذه الأحداث تلك التي وقعت بمنطقة أولاد زيان حيث خرج عشرات المهاجرين الأفارقة إلى الشارع وقاموا بإضرام النار في الحديقة وملعب القرب المحاذي للمحطة الطرقية، وهو المكان الذي يأوون إليه، كما قاموا بتكسير واجهات عشرات السيارات والمحلات التجارية وتهديد المارة عن طريق الرشق بالحجارة. ورغم التواجد المكثف لرجال الأمن بمحيط هذا الملعب لمنع تجدد المواجهات بين شبان هذه المنطقة ونزلاء ملعب القرب من الأفارقة الغاضبين وتهدئة الأوضاع، إلا أن المواجهات العنيفة ما فتئت تتكرر بين الفينة والأخرى بين هؤلاء المهاجرين الأفارقة وبعض سكان المنطقة، حيث تسبب ذلك، في إصابة رجل أمن بكسر في رجله وتكسير واجهة سيارة شرطة. ولم تتوقف الأحداث عند هذا الحد، بل امتدت إلى محاولة مجموعة من المهاجرين الأفارقة اقتحام مركز للشرطة بالقرب من ساحة الأمم من أجل تحرير زميل لهم من قبضة الأمن، تم اعتقاله بسبب اعمال الشغب والفوضى في الشارع العام. أسباب اندلاع المواجهات لمعرفة خلفيات هذه الاحداث التي اندلعت بين سكان المنطقة والمهاجرين الأفارقة غير القانونيين الذين يقيمون بأعداد كثيرة بملعب القرب المحاذي للمحطة الطرقية أولاد زيان، قامت بيان اليوم باستطلاع سألت خلاله بعض المواطنين ممن يقيمون بالمنطقة عن الأسباب المغذية لهذه المواجهات الدامية. وفي هذا السياق، تحدث جمال العدوبي إلى الجريدة، حيث أفاد بتجدد هذه المواجهات العنيفة بين الفينة والأخرى بين ساكنة منطقة أولاد زيان والمهاجرين الأفارقة غير القانونيين والذين يقيمون بملعب القرب بالمنطقة ، مرجعا ذلك، إلى رفض السكان المحليين للتواجد الكبير للمهاجرين الأفارقة بمنطقتهم، مشيرا في الوقت ذاته، إلى تخوف الناس من الأفعال العدوانية التي قد يقترفها ضدهم بعض هؤلاء المهاجرين الأفارقة، مؤكدا أن شرارة هذه الاحداث العنيفة، اندلعت بسبب تحرش بعضهم بإحدى السيدات بالقرب من المحطة الطرقية، مبرزا أن هؤلاء الاشخاص يسيئون إلى المنطقة، حيث ينتشرون فرادى وجماعات، ويمتهنون التسول أمام إشارات المرور، بل والسرقة كذلك. أما عبد القادر الزياتي، طالب السنة الثالثة حقوق يسكن بنفس المنطقة، فأرجع سبب هذه الاحداث إلى الإحساس لدى بعض سكان المنطقة بأن المهاجرين الأفارقة "استعمروا" الحديقة وملعب القرب المخصص للأنشطة الرياضية للأطفال والشباب، مما دفع بعض الشباب الطائش للهجوم على المهاجرين الأفارقة وقيام هؤلاء بالدفاع عن أنفسهم مما تسبب في إحداث الفوضى بالشارع العام. واستطرد الزياتي كلامه بالحديث عن الوضعية المأساوية التي يعيشها المهاجرون الأفارقة من دون أوراق إقامة، بملعب القرب المحاذي لمحطة أولاد زيان، هذا المكان الذي يقول إنه لا يتوفر على أدنى شروط العيش، وأرجع سبب العنف إلى عدم اهتمام السلطات بهذه الفئة وتركها في مواجهة مصيرها المجهول، الشيء الذي ولد الانطباع لدى السكان المحيطين بأن هؤلاء المهاجرين الأفارقة المهمشين والمنبوذين في هذا المكان غير مرغوب فيهم، بل وأعطى الضوء الأخضر لهؤلاء السكان للمطالبة بطردهم من المنطقة وإخلائهم من الملعب حيث يقيمون في ظروف مزرية للغاية. وتابع المتحدث كلامه:" اغلبية المهاجرين الأفارقة من دون أوراق من دون موارد مالية، لا أحد يقبل بتشغيلهم، لذلك يتعاطون التسول لتأمين عيشهم وتوفير قوتهم اليومي. علينا أن نكون منطقيين وعقلاء، يقول المتحدث، فهؤلاء المهاجرون هم يتواجدون في مختلف مدن وأقاليم المملكة ضدا عن إرادتهم، بحيث إن البعض منهم ترك بلاده هربا من الفقر والمجاعة والبعض الآخر فر من بلاده الأصل خوفا من القتل والحروب، وأن أكثريتهم ينتظرون الفرصة للهجرة إلى الضفة الأخرى حيث يرغبون في تحسين ظروف عيشهم تماما كبعض المهاجرين المغاربة المقيمين في أوربا وأمريكا وغيرها من بلدان العالم، فلماذا يتم مضايقتهم يتساءل المتحدث مستغربا السلوك العنصري الذي وصف به الإزعاج والمضايقة التي يتعرض لها المهاجرين الأفارقة من قبل بعض سكان المنطقة الذين قال انهم لا يتفهمون وضعية هذه الفئة التي يجب ان تحظى بالاهتمام والرعاية صونا لكرامتها الإنسانية.. يوسف سانغو مالي الجنسية، واحد من المهاجرين الأفارقة المقيمين بملعب القرب بمنطقة أولاد زيان، قال في حديثه "لبيان اليوم" :" لم نقم باي أعمال عنف أو فوضى في الشارع العام ولم يسبق لنا أن تحرشنا بالنساء المغربيات، بعض سكان حي الكبير الذين يرفضون تواجدنا بالمنطقة هم من حرضوا ابناءهم ضدنا فاختلقوا هذه المشكلة كوسيلة لطردنا". وأضاف المتحدث، بأنهم مكرهين على التواجد في هذا المكان "الحديقة" ومجبرين على البقاء فيه بقوة الظروف حيث لا يملكون أي خيار آخر سوى انتظار الذي يأتي او لا يأتي، في إشارة منه إلى الهجرة إلى أوروبا وهو الحلم الذي يقتضي حسبه التضحية بالروح والجسد. رد فعل السلطات المحلية وكرد فعل على هذه الأحداث المؤسفة، أقدمت مؤخرا، السلطات المحلية في الدارالبيضاء على ترحيل العشرات من المهاجرين الأفارقة غير مستوفي شروط الإقامة، المتواجدين بالقرب من محطة أولاد زيان، إلى بعض المدن المغربية. وحسب مصادر مطلعة، فإن عملية الترحيل هذه التي تتم عبر مراحل وافواج ستواصل مستهدفة المهاجرين المتحدرين من دول جنوب الصحراء، المنتشرين على طول طريق "أولاد زيان"، والذين يمتهنون التسول أمام إشارات المرور، إلى حين ترحيلهم جميعا من العاصمة الاقتصادية. تسوية أوضاع المهاجرين يذكر أن المغرب تبنى سياسة احتواء المهاجرين وخاصة الأفارقة، وتشجيعهم على الإقامة فوق ترابه منذ منتصف عام 2013، عندما أعلن الملك محمد السادس عن خطته لتسوية اوضاع المهاجرين غير الشرعيين القانونية وإدماجهم في سوق العمل المغربي، مطالبا الشعب المغربي بحسن معاملة المهاجرين ومساعدتهم في الاندماج في المجتمع، وتأكيدا على استمرار المغرب في سياسته تجاه المهاجرين. وكان جلالة الملك محمد السادس قد أعلن في خطاب له في غشت من السنة الماضية أن: "المغرب يعد من بين أول دول الجنوب التي اعتمدت سياسة تضامنية حقيقية لاستقبال المهاجرين، من جنوب الصحراء، وفق مقاربة إنسانية تصون حقوقهم وتحفظ كرامتهم، ومازال المغرب مستمرا في سياساته تجاه أشقائه الأفارقة". وكان المغرب قد أطلق المرحلة الثانية من تسوية الوضع القانوني للمهاجرين غير الشرعيين المقيمين على ترابه مع نهاية العام الماضي، لتسوية وضع 25 ألف مهاجر، كدفعة ثانية بعدما أنهى تسوية وضعية الدفعة الأولى المكونة من 25 ألف مهاجر أيضا خلال الفترة "2014–2016" أغلبهم من دول افريقيا وسوريا. فبعد النجاح الذي حققته المرحلة الأولى من تسوية وضعية المهاجرين، أعطى العاهل المغربي الملك محمد السادس تعليماته لإطلاق مرحلة ثانية كما كان مقررا في نهاية العام 2016، ليصبح المغرب بلد استقبال واستقرار للمهاجرين، بعدما كان بلد عبور للمهاجرين نحو اوروبا. وتهم عملية تسوية الأوضاع القانونية للمهاجرين، فئات الأجانب أزواج المواطنين المغاربة، والأجانب أزواج باقي الأجانب المقيمين بصفة قانونية في المغرب، والأطفال المتحدرين من الحالتين السابقتين، والأجانب الذين يتوفرون على عقود عمل فعلية، والأجانب الذين يثبتون الإقامة المتواصلة بالمغرب لمدة خمس سنوات، والأجانب المصابين بأمراض مزمنة. وأحدث المجلس الوطني لحقوق الإنسان– منظمة حكومية-لجنة خاصة لمتابعة طلبات المهاجرين الأفارقة للحصول على بطاقات الإقامة، والطعن في الطلبات المرفوضة، بقصد تحسين وتيرة ونتائج الحملة، وإدماج المهاجرين في المجتمع.