«مر الجمع العام بطمأنينة وبروح رياضية...» التصريح المقتضب هو لمصطفى الزكري الرئيس الأبدي لجامعة الجمباز خص به قناة «الرياضية» على هامش انتهاء أشغال الجمع المنعقد صباح يوم الأحد، والذي زكى سيادته على رأس هذه الجامعة. ويشتهر الزكري على الصعيد الوطني بكونه أول رئيس جامعة جدد رئاسته بعد يومين فقط من انعقاد المناظرة الوطنية حول الرياضة بالصخيرات والرسالة الملكية الشهيرة التي انتقدت جملة وتفصيلا التسيير الرياضي وطالبت بتجديد النخب بالرياضة الوطنية وضرورة ضخ دماء جديدة، وكأن مضامين هذه الرسالة لا تعني الزكري في شيء، حيث صنف نفسه تلقائيا ضمن خانة « إلا من رحم ربي» هو الاستثناء الوحيد الذي جاءت به الرسالة الملكية، بعدما حكمت على قاعدة التسيير الرياضي المغربي عامة بالفوضى والتسيب والاحتكار والقفز على الاختصاصات. وبالرغم من أن الجمع العام الأخير كان جمعا عاديا، تجدد على إثره الثلث، فإن الوسط الرياضي ينتظر حدوث تغيير عميق على هياكل التسيير بهذه الجامعة المنسية التي غرقت حتى أخمص القدمين في سبات عميق إلى درجة يكاد معها المرء أن ينسي وجود جامعة تعنى بشؤون الجمباز، هذه الرياضة الجميلة والأنيقة، والتي تعد من بين الرياضات الأولمبية القليلة المدرة للذهب والفضة وكل أنواع المعادن النفسية، إذ بإمكان بطل واحد أو بطلة بمفردها الفوز بأكثر من ميدالية، على غرار السباحة، أالعاب القوى وغيرهما. وقد تمكن الجمباز المغربي مرتين من الوصول إلى العرس الاولمبي، مرة واحدة كانت خلال الستينات بواسطة السقاط، ومرة ثانية وأخيرة كانت باولمبياد سيدني سنة 2000 بفضل الشابة الجميلة نعيمة الغواتي، والتي توجت مجهودها الفردي بتألق دولي أهلها للوصول إلى أهم تظاهرة كونية على الإطلاق، وباستثناء ذلك، لا يتمكن الجمبازيون المغاربة نهائيا في كل المسابقات من الصمود أمام نظرائهم سواء كانوا عربا أو أفارقة. والزكري لمعلوماتكم، يحمل الرقم القياسي للاستمرار على رأس جامعة رياضية، إذ يعود احتلاله للرئاسة لسنة 1972، ومنذ ذلك تعاقبت أجيال على التسيير الرياضي بالمغرب، اختفت وجوه، غابت أسماء، اعتزل آخرون ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، توحدت ألمانيا، انهار المعسكر الشرقي، احتلت أمريكا العراق ونفذ حكم الإعدام شنقا في حق صدام حسين، أزاحت رياح التغيير الكثير من الدكتاتوريات في العالم، وخاصة بأمريكا اللاثينية، وغيرها من الأحداث التي غيرت العالم رأسا على عقب. هذا العالم المتغير بسرعة فائقة، حولته العولمة والثورة التكنولوجية إلى قرية صغيرة، مفتوحة على المستقبل، لم يعد يؤمن لا بالحواجز ولا بالتحصينات كيفما كان مصدرها أو حجمها. إلا أنه وسط كل هذه التغييرات المتلاحقة، لازال مصطفى الزكري صامدا بالمنصب الذي يقوده إلى اللجنة الأولمبية الوطنية ومن تم مباشرة نحو الواجهة العالمية التي تهمه بالدرجة الأولى، حيث يعد من بين الشخصيات المغربية القليلة دائمة الحضور بالدورات الجهوية والعربية والإفريقية والأولمبية منذ بداية السبعينات. والحق يقال السيد الزكري المستفيد من تربية عسكرية، تعود على الانضباط وتفادي المواجهات والصراعات الهامشية، وبغض النظر عن تمسكه المثير للجدل بالمنصب وبعيدا عن مجال الجمباز الذي يعد بالنسبة إليه ملكية خاصة، تربطه علاقة طيبة مع الجميع، قليل الكلام، كثير الحضور، لا تفارق الابتسامة محياه، وهذا إنصاف لقيدوم المسيرين الرياضيين بالمغرب، وهو اللقب الذي تسلمه من السيد محمد امجيد الذي غادر جامعة التنس بعد سنوات من العطاء الغزير، إذ استطاع المغرب في عهده أن يحتل رتبة رائدة على الصعيد الدولي، إلى جانب أقوى المدارس العالمية. فمتى يفهم الزكري أن لكل بداية نهاية؟ مادام استمراره عمدا على رأس جامعة الجمباز طال أكثر من أللازم، بل أصبح مضر بالرياضة والرياضيين، وأن التغيير حتمية تاريخية... و»الله يهدي ما خلق».