استأثر موضوع الروكبي المغربي باهتمام شرائح مهمة من ممارسي الرياضة، وبالضبط الروكبي لأسباب عديدة ومتنوعة المحطات بين الجمع العام بفاس والندوة الصحفية بالدار البيضاء ثم عند صاحب «المستودع» ليلة الخميس الماضي. برصد دقيق لمختلف المحطات، اتضح جليا أن هناك سوء فهم لمضامين الرسالة الملكية للمناظرة الوطنية للرياضة بالصخيرات منذ سنتين، والتي أكد فيها جلالة الملك على ضرورة تجديد النخب، هذه النقطة ذات أبعاد فلسفية مهمة ترمي إلى إخراج الرياضة المغربية عموما من النفق المظلم التي «عششت داخله» ولم تجد سبيلا للانعتاق، وهنا لا بد من الوقوف عند محطة إعادة انتخاب رئيس الجامعة سعيد بوحاجب للمرة الثالثة على التوالي. السؤال الذي يطرح نفسه بكل موضوعية يتعلق بالإضافات التي قدمها الرئيس المنتهية ولايته، حتى تتم إعادة انتخابه للمرة الثالثة، شخصيا فتشت في التقرير الأدبي وفي التقارير التي ضمنها موسم كروي سابق بل بحثت «بالشمعة والقنديل» من خلال الكلمات المتقاطعة التي كان يرسلها رئيس الجامعة عند صاحب المستودع المفروض عنوة على مشاهدي قناة الرياضية، فلم أعثر له عن خيط أبيض «ربما قد يجده ببرنامج نسيمة الحر، لإنهاء ذات الصراع على جامعة يجمع الكل على فشلها في تدبير الأمور، اللهم من تدبير لإقصاء فرق والاحتفاظ بأخرى، كما جاء على لسان ممثلي بعض الفرق يتقاضون أجورا بالدرهم الأبيض للاستعانة بهم في اليوم الأسود. تعبي لم ينتهي حين تحول مسؤول بوزارة الشباب والرياضة بفاس إلى محام غير مقبول للدفاع عن الجامعة وعن وزارته وهو الذي تغيب لأكثر من شوط كامل عن أشغال الجمع العام، فضاعت عنه العديد من النقط الساخنة، بل فقدانه لازمة اللافتات في موضوع أكبر منه قليلا، حتى لا أقول يتجاوزه لأنه قد يكون موظفا يمثل القطاع، فهذا لا يعنى انه يملك ناصية الأمور للدفاع عن إدارته بنفس القوة التي جند من أجلها، وكم ضيع العديد من موظفي القطاع على الرياضة الكثير من المكاسب ووضعوا الوزارة في قفص المسؤولية بالمحاباة مع مسؤولين جامعيين تمت صناعتهم، وهذه أمور عاشتها الرياضة المغربية زمنا طويلا. خلال الندوة الصحفية بالبيضاء ثم داخل مستودع الرياضية التأكد بجلاء على أن الروكبي المغربي ليس سليما ولن يكون كذلك، وليس عيبا التحلي بالروح الرياضية والاعتراف بالفشل، ما دامت تجربة ولايتين لم تنتج أشياء ملموسة لا وطنيا ولا دوليا، مع العلم أن قانون التربية البدنية والرياضة جاء صريحا وواضحا فيما يخص رئاسة الجامعات والعصب الرياضية حتى لا يحتكر منصب الرئاسة إلى الأبد، كما هو الشأن في جامعة الجمباز والروكبي على سبيل المثال لا الحصر، فتجديد النخب بات امرأ ضروريا وملحا من أجل تأهيل الرياضة المغربية عموما. أغلب التدخلات التي عرفها الجمع العام طغت عليها المحاباة والعلاقات الخاصة، فهذا صديقي، والآخر قريبي، وذاك صهري إلى غير ذلك...، وإذا كانت الديمقراطية الرياضية جزء لا يتجزأ من الديمقراطية السياسية العامة للبلاد، فان من الضروري تدخل الوزارة الوصية ليس على غرار تدخل ممثلها بمدينة فاس الذي أوقد نارا ليس إلا... فالروكبي المغربي يعيش حالات احتضار سنة بعد أخرى، وقد كان من الأفيد أن تعاد صياغة المواقف بين رفض وقبول وبين موالين للرئيس ومعارضين له، مع ما يرافق ذلك من مصالح متبادلة في البقاء في سدة تسيير دواليب الجامعة، وكما أكد ذلك بعض المتدخلين، فهناك من يصوت وهو يتقاضى أجورا من الجامعة، وفي مثل هذه الظروف لا يمكن لهذه الرياضة أن تقلع، بل حتى أن تتحرك من مكانها. آخر الكلام: تضمنت عقدة الأهداف المبرمة بين جامعة الروكبي والوزارة الوصية، مجموعة من البنود منها مضاعفة عدد الممارسين، لكن على امتداد الثماني سنوات من عمر رئاسة السيد بوحاجب، تقلص عدد الممارسين، كما أن عدد الأندية المنسحبة في تزايد، ورفض طلبات الانخراط كأندية جديدة في تزايد كذلك، وهذا هو السبيل الوحيد لإبعاد كل ما من شأنه أن يعصف بالرئيس أو يطيح به، لكن هل الوجوه القديمة قادرة أن تعيد للروكبي المغربي صحوته بعيدا عن المساحيق التجميلية، لا أعتقد ذلك، فالجمع العام وتصريحات الرئيس، أزاح الستار عن المبهم الغامض بالنسبة لمسؤولي هذه الرياضة من ورائهم وزارة الشباب والرياضة التي تقف مكتوفة الأيدي، دون أن تتدخل لمحاولة تصحيح الأوضاع، لأن الأمر ليس مجرد تكوين مكاتب جامعية، ولكن الأمر يتعلق بمستقبل أمة وجيل وشباب وأموال عمومية. وللحديث بقية...